"نيويورك تايمز": محمد بن زايد يعارض التحولات الديمقراطية بالمنطقة

◄ محمد بن زايد كان عضوا في "الإخوان المسلمين"

◄ ولي عهد أبوظبي يتحكم في صناديق سيادية تتجاوز قيمتها 1.3 تريليون دولار

◄ بن زايد سعى للتوسط بين حملة ترامب الانتخابية وروسيا

◄ أمريكا وإسرائيل تزودان الإمارات بتقنيات تجسس عالية الدقة للتنصت على الهواتف

 

 

نيويورك- الوكالات

 

قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي يسعى لقيادة المنطقة عبر زيادة تدخلاته في مناطق الصراع الكبرى بالشرق الأوسط المشتعلة فعليا، فضلا عن نفوذه المتعاظم داخل الإدارة الأمريكية وتأثيره الشديد على قرارت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وذكرت الصحيفة في تقريرها- الذي حمل عنوان "الأمير الأقوى في واشنطن"- أن الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي استطاع تعزيز النفوذ الإماراتي عبر تبني السياسات الأمريكية، لكنه وصل إلى مرحلة بات يقود فيها سياسات عسكرية، وأن الرئيس ترامب يستمع له وينفذ أجندته. وأشار التقرير إلى أن بن زايد بدأ حياته السياسية كقائد لسلاح الجو الإماراتي، وخلال تلك الفترة وتحديدا في عام 1991 وبعد الغزو العراقي للكويت، سعى إلى إتمام صفقة أسلحة ضخمة، تضمنت صواريخ "هيل فاير" ومروحيات الأباتشي ومقاتلات "إف-16"، وهي الصفقة التي أثارت قلق الكونجرس الأمريكي وقتذاك، خشية أن تتسبب الصفقة في زعزعة استقرار المنطقة.

وبحسب تقرير الصحيفة، الذي أعده الصحفي دافيد كيركباتريك، تحول محمد بن زايد بعد ثلاثة عقود ليكون الحاكم الفعلي للإمارات العربية المتحدة، ويعتبره الكثيرون الزعيم الأقوى في العالم العربي، وأحد أكثر المؤثرين في السياسات الأمريكية من خارج الولايات المتحدة، وأنه يحث البيت الأبيض دائما على تنفيذ رؤيته في المنطقة والتي تميل إلى العسكرة والقتال.

وتشير الصحيفة إلى أن الشعب الأمريكي ربما لا يعرف من هو محمد بن زايد أو حتى دولة الإمارات الصغيرة جغرافيا وسكانيا، لكنها تقول إنه أغنى مسؤول في العالم، بفضل ما تملكه الإمارات من صناديق سيادية تتجاوز قيمتها 1.3 تريليون دولار. وبن زايد حليف مهم للولايات المتحدة، وينفذ سياساتها حرفيا، غير أنه بدأ في اتخاذ مساره الخاص، من خلال نفوذه في اليمن وليبيا والصومال وشمال سيناء بمصر، ويسعى لتقويض التحول الديمقراطي في دول الشرق الأوسط، فضلا عن تسببه في الكثير من المشكلات في عدد من دول المنطقة. وتتحدث الصحيفة عن أن نفوذ بن زايد أخذ في التنامي خلال حكم الرئيس دونالد ترامب، قائلة إن هناك خط مفتوح بين بن زايد وترامب، ويفضل الأخير وجهة نظر محمد بن زايد دونا عن أي مسؤول أمريكي، حتى داخل دائرة كبار مستشاري الأمن القومي الأمريكي. وبالنسبة لبن زايد فإن أكبر عدوين له هما إيران وجماعة الإخوان المسلمين.

وبحسب نيويورك تايمز، سعى بن زايد بجدية لعقد لقاء مع ترامب خلال فترة ترشحه للانتخابات الأمريكية، ونجح في عقد اجتماع سري مع جاريد كوشنر صهر الرئيس، وكبار مستشاريه حاليا. وحاول بن زايد التوسط بين إدارة ترامب وروسيا، وهي الخطوة المحفوفة بالمخاطر والتي ورطته في ذكر اسمه ضمن التحقيق الذي أجراه المحقق الخاص روبرت مولر حول تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لإنجاح ترامب عبر طرق غير قانونية. وهو الأمر الذي تسبب في التحقيق مع 5 أشخاص من مساعدي بن زايد حول هذه القضية، ودفع بن زايد إلى الامتناع عن زيارة واشنطن خلال العامين الماضيين، لأنه يخشى ملاحقة الادعاء العام الأمريكي له أو استدعاءه للاستجواب في القضية.

وتقول الصحيفة إن مؤيدي محمد بن زايد يعتبرون سياساته نوعا من الحصافة السياسية لتعويض غياب الولايات المتحدة عن المنطقة، لكن معارضيه يتهمونه بأنه يشعل النيران في منطقة مليئة بالتوترات.

واعتبرت تمارا كوفمان ويتس مسؤولة سابقة في الخارجية الأمريكية وباحثة في معهد بروكنجز أن تسليح أمريكا للإمارات وتزويدها بتقنيات التجسس عالية الدقة تسبب في خلق "وحش" جديد بالمنطقة، سيتسبب في دمار هائل بالمنطقة.

وتؤكد الصحيفة في تقريرها أن محمد بن زايد يعارض تماما جماعة الإخوان المسلمين، قائلا إن لديه أسباب ودوافع عديدة في ذلك. وتقول الصحيفة إن الشيخ زايد آل نهيان أمر بتعيين شخص يدعى عز الدين إبراهيم (وكان عضوا بارزا في جماعة الإخوان) ليكون معلما لمحمد بن زايد خلال سنوات دراسته الأولى، ويبدو أن المعلم سعى إلى تلقين بن زايد فكر الجماعة، لكن ذلك أدى إلى نتائج عكسية كما تقول نيويورك تايمز.

وتنقل الصحيفة عن إحدى البرقيات السرية التي نشرتها "ويكيليكس"، أن محمد بن زايد تحدث إلى دبلوماسيين أمريكيين خلال لقاء مشترك في 2007: "أنا عربي مسلم وأصلي، وفي فترة السبعينيات وأوائل الثمانينيات كنتُ واحدا منهم، لكن الإخوان يمتلكون أجندة خاصة بهم". وبحسب نفس البرقية المسربة فإن بن زايد يرى أن الدول العربية ليست مستعدة للحكم الديمقراطي، لأن أية انتخابات سيتم تنظيمها ستفوز بها التيارات اللإسلامية.

وفي إطار جهود بن زايد لتعظيم قوته العسكرية، يسعى حاليا إلى تطوير صناعة عسكرية إماراتية، حيث تُصنّع الإمارات مدرعة برمائية تسمى "الوحش"، واشترتها مصر وليبيا، إلى جانب جهود حثيثة لتصنيع قاذفة صواريخ مروحية.

ويرتبط محمد بن زايد بعلاقات وثيقة مع إسرائيل، ويرى أنها حليفة لبلاده في مواجهته مع إيران وجماعة الإخوان، ما دفع تل أبيب إلى تزويده بمقاتلات إف-16 المتطورة إلى جانب برمجيات تجسس للتنصت على الهواتف النقالة

ويرى الكثيرون في دوائر الحكم الأمريكية أن بن زايد "شريك مخلص" للولايات المتحدة، ويمكن الاعتماد عليه في الكثير من الملفات الدقيقة.

ورغم العلاقات الجيدة التي جمعت بن زايد مع الرئيس السابق باراك أوباما وتشابهما في الكثير من الجوانب الشخصية، إلا أن أحداث الربيع العربي تسببت في انهيار العلاقات، إذ دعم الرئيس أوباما الثورات التي اجتاحت المنطقة، وأيد مطالب الجماهير التي خرجت في الشوارع تطالب بالديمقراطية. وتنقل الصحيفة عن ستيفن هادلي مستشار الأمن القومي إبان حكم الرئيس جورج دبليو بوش أن بن زايد شعر أن إدارة أوباما "غدرت به".

وسعت الإمارات خلال العامين الماضيين إلى تعزيز نفوذها في دوائر الحكم الأمريكية، فقد أنفقت أبوظبي نحو 21 مليون دولار على مكاتب العلاقات العامة ولوبيات الضغط، من أجل تحسين صورة الإمارات في واشنطن، إلى جانب تبرع الإمارات بملايين الدولارات لصالح مراكز الإغاثة والبحث والتفكير.

ويقول مسؤولون سابقون إن محمد بن زايد كان ينتظر الضوء الأخضر من أمريكا لتنفيذ سياساته، لكنه الآن لم يعد يستأذن أحدا.

ولذلك تنقل الصحيفة عن رو خانا ممثل ولاية كاليفورنيا عن الحزب الديمقراطي في الكونجرس الأمريكي قوله إن دولة الإمارات "بقعة سوداء في الضمير العالمي"، فالإمارات لا تكف عن انتهاك الأعراف والقيم العالمية. لكن رغم ذلك تؤكد الصحيفة أن بن زايد لا يزال يتمتع بمكانة قوية داخل البيت الأبيض، وأن مقترحاته لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وسبق وأن رفضها أوباما، هي جوهر أفكار جاريد كوشنر للسلام في الشرق الأوسط. ولذلك يا يتوقف ترامب عن دعم بن زايد من خلال حزمة من القرارات والتوجهات الأمريكية، مثل تأييده لمقاطعة قطر، والانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وجهوده لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية.

تعليق عبر الفيس بوك