"فورين بوليسي" تتوقع "انهيار" العلاقات التركية الروسية

ترجمة- رنا عبد الحكيم

توقعت مجلة فورين بوليسي الأمريكية "انهيار" العلاقات التركية الروسية، ودعت الإدارة الأمريكية إلى الابتعاد عن القلق من علاقات الشراكة بين البلدين.

وترى المجلة أن هذه الشراكة مصيرها الانهيار قريبا، حيث تعيد تركيا تعديل سياستها الخارجية والإقليمية في وقت يمر فيه الشرق الأوسط بتحول كبير. ويبدو أن روسيا تقوم بالإجراء ذاته. ونظرا لأن كلاهما يبحث عن مزيد من النفوذ في المنطقة، فإن علاقتيهما ستكون في بعض الأحيان على أسس من التعاون لكنها في أحيان أخرى ستشوبها الندية.

وعلى سبيل المثال، كانت موسكو وأنقرة على وشك المواجهة العسكرية في أواخر عام 2015 بعد أن أسقطت تركيا مقاتلة روسية. وبعد أقل من عام أصلح الطرفين العلاقات وقررا التعاون في سوريا إلى جانب قضايا أخرى بما في ذلك الدفاع والطاقة النووية. ومع التغير في العلاقة بين روسيا وتركيا، يجب على الغرب أن يضع في اعتباره أن التطلعات الجيوسياسية للبلدين غير متوافقة إلى حد كبير وأن التعاون اليوم لا يعني التعاون غدا.

وإلى جانب أية قناعات أيديولوجية مشتركة بين البلدين، فإن الجغرافيا السياسية في الشرق الوسط والعلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة وطبيعة القيادة في أنقرة وموسكو، هي التي أسهمت بدور رئيسي في تشكيل العلاقات التركية الروسية. كما أثرت طبيعة العلاقات التركية الأمريكية بصورة مباشرة على علاقات تركيا الودودة مع روسيا. فعندما تتقارب أنقرة وواشنطن فإن رغبة تركيا في تعزيز العلاقات مع روسيا تتقلص إلى حد كبير. لكن عندما تشعر تركيا بالإحباط من الغرب- كما هو الحال مؤخرا- نتيجة للدعم الأمريكي للأكراد السوريين فإنها تميل إلى الجانب الروسي المتعاطف معها في هذه القضية. وتقول الصحيفة إن تركيا ستكتشف الأضرار التي لحقت بعلاقتها مع الغرب بعد رحيل الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان. وبحسب الصحيفة، إذا أتمت تركيا صفقة شراء منظومة الصواريخ "S-400" ونفذت الولايات المتحدة تهديدها بفرض عقوبات شديدة على تركيا في المقابل، فستكون النتيجة زيادة اعتماد تركيا على روسيا في الجوانب الدفاعية.

وعلى الرغم من وجود أسباب للتقارب بين روسيا وتركيا إلا أنه لا تزال هناك فجوات يصعب ردمها، وسيفرض ذلك قيودا على تعاون البلدين خاصة في الشرق الأوسط. فمنذ أيام الإمبراطورية العثمانية سعت تركيا دائما إلى حرمان روسيا من التمركز في جنوب أو في شرق البحر المتوسط، إضافة إلى وجود خلاف حول تعامل البلدين مع بعض الملفات الحيوية مثل الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر، وقوات المشير خليفة حفتر في ليبيا، ومنظمة التحرير الفلسطينية. فدائما ما تُظهر روسيا باستمرار تفضيلها للقوى العلمانية في حين أن تركيا شجبت عزل السيسي للرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، كما دعمت حركة حماس في فلسطين من منطلق دعمها للتيارات الإسلامية.

وترى فورين بوليسي أن العلاقات الاقتصادية بين تركيا وروسيا مشوهة، فروسيا كدولة مصدرة للنفط تريد الإبقاء على أسعار النفط مرتفعة، ولهذا السبب تطور روسيا من علاقاتها الوثيقة مع الدول العربية الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" وخاصة المملكة العربية السعودية. وفي نفس الوقت، فإن تركيا مستورد رئيسي للنفط وتفضل انخفاض الأسعار، لاسميا في ظل عجز الميزان التجاري الذي تعاني منه، والذي يرجع جزئيا إلى زيادة احتياجاتها من الطاقة.

ونظرًا لمصالحهما المتضاربة إلى حد كبير في الشرق الأوسط، يواجه التعاون الروسي والتركي عقبة حقيقية، فعلى الرغم من أن الدولتين ستستمران على الأرجح كشريكين- وربما يتقربان أكثر كلما دفعت الولايات المتحدة تركيا بعيدًا- إلا أن هناك الكثير من الفرص للغرب لاستغلال خلافاتهما. وقد يكون من بين أسهل الخلافات هو خلاف تركيا وروسيا بشأن مستقبل محافظة إدلب السورية. فلكل من تركيا والغرب مصلحة في منع أي هجوم عسكري روسي واسع النطاق في هذه المدينة، ويمكن أن تتسبب أية عملية عسكرية روسية في كارثة إنسانية وتدفع بأعداد كبيرة من اللاجئين إلى الحدود التركية.

وشددت الصحيفة في ختام تقريرها على أن العلاقات التركية مع الغرب شهدت تغيرا كبيرا في السنوات الأخيرة، إلا أنها لن تنقطع، فعلاقات تركيا مع روسيا في أفضل الأحوال غير مستقرة.

تعليق عبر الفيس بوك