الابتزاز الكبير

 

علي بن سعيد المقرشي

 

الابتزاز: ليس بالمصطلح الحديث ولا هو بالمفهوم المبتكر الجديد ولكنّه قضية الساعة والمؤرق المستفز لخبراء القانون والاجتماع الساعين لخلق مضاداتٍ دفاعية ووقائية للتصدي لجيوش الإبتزاز الإلكتروني وما شاكلهُ، هنا في هذه الفسحة المتواضعة أودُ أن أتناول هذا الموضوع من رُكنٍ آخر وزاويةٍ غير مضاءة.

كثيرٌ منا يضعُ حدوداً وخطوطاً لا يمكن تجاوزها عند الحديث عما يسميه (أمور شخصية) أو (أسرار) أو (أشياء خاصة) لا أهمية للمسميات هنا كونها تجتمع تحت مظلة واحدة هي خصوصيات الإنسان المرتبطة بحياته التي لا يمكن الإطلاع أو التعرف عليها أو مشاهدتها أو حتى الاقتراب منها، إذن بعبارة بسيطة هي كنوزٌ لا يمكن التفريط بها.

بينما وفي حالةٍ من الوعي التام والإدراك النشط والقدرات العقلية الهائلة يسلمُ البعض منا ما كان قبل لحظاتٍ محظوراً على الآخرين الإقتراب منه إلى عوالم مجهولة وأيدٍ خفية وجد فيها أمانٌ غير آمن وثقةٌ يعرفُ أقفالها أكثر مما يعرف بواطنها وما تخفيه، تجرد من حرصه الكبير وخوفه العظيم ليسمح من خلال بعض الأذونات التي يعقدها صفقة تثبيتٍ لكثير من التطبيقات الذكية بتعدد أنواعها واختلاف أغراضها لتحمل هذه البرامج جواز التجوال الحر في أروقة هاتفه وخزائنه المغلقة والمخفية والتعرف عما تخفيه هذه الكنوز الخاصة بل وفعل ما تشاء فهي وكالةٌ عامة مقابل تقديم خدمة معينة بشيءٍ من الكفاءة أو بدونها وقد يتعدى ذلك بتقديم البعض تسهيلات أكبر ليس بفتح الأبواب والسماح لهذه البرامج للوصول حيث تريد وإنّما القيام بنقل الصور والمستندات الخاصة ومقاطع الفيديو السرية بهدف إخفائها عن أعين الرقابة البشرية إلى حافظاتٍ شخصية وما هي كذلك إطلاقاً.

دعونا نتأمل هذا المشهد (رسالة إلكترونية هذه المرة عبر تطبيقٍ إلكتروني غير آمن تفيدُ بأنّه تم الاستيلاء على جميع وسائط ومستندات هاتفك وحساباتك ونحن مستعدون للنشر أمّا التفاوض وأمّا ما الذي أنت فاعل؟) فلنتخيل قليلاً أنّها رسالةٌ تصدر عن تطبيقٍ أو اثنين أو أكثر وتبدأ تفاعلات الإبتزاز الكبير. متى سيحدث وكيف؟ لا نعلم.

البعض لا يشغل باله كثيراً تصوراتٍ كهذه وقد يضعها في زاوية التنبؤات والفرضيات التي لا يمكن حدوثها متناسياً أمرين هامين جداً فالأول ليس البشرُ سواء وهنالك من الفئات العمرية من يحتفظ في هاتفه وحساباته بملفاتٍ حساسة جداً مرتبطة بجوانب أخلاقية وسياسية ومالية وأسرية بمجرد التعرض لها أو نشرها هو بمثابة تحطيم منظومة مجتمعية متكاملة. أمّا الأمر الآخر فهو انقسام هذه البرامج بين الآمن وغير الآمن وهذا ما لا يدركه الكثير من مستخدمي هذه التطبيقات ولا يلقي له بالاً أثناء تثبيت هذه البرامج فيقع في المحظور ويتعرض لعمليةِ تطفلٍ ونهبٍ ممنهجة.

 كارثةٌ كهذه لو قُدر لها أن تحدث فعلاً سيكون من الصعب جداً مجابهتها أو التصدي لها كماً وكيفاً وستكون معالجة تأثيراتها أشبه بالمستحيل، إلا أنه بإمكاننا نحن مستخدمي هذه التطبيقات التحصن من هذا الإبتزاز الهائل قبل وقوعه من خلال احترازين هامين الأول رسمي حكومي من خلال إصدار الجهات الرسمية دليلا إرشادي للاستخدام الآمن لهذه البرامج يحوي جملة من التطبيقات الآمنة وطرق التعرف عليها وأهم الإجراءات التي يتبعها المستخدم في حال تعرضه لأي ابتزازٍ إلكتروني من أحدها شبيهاً بإجراءات التعامل مع الإبتزاز الإلكتروني البشري الذي تتبعه السلطنة. أما الآخر مرتبط بالمستخدم وهو الإستخدام الصحيح لوسائط الإتصال والتواصل المتعددة محاطٌ باليقظة التامة والحرص الشديد في التعامل مع هذه التطبيقات وتطبيق اللوائح والإرشادات المعتمدة والبحث عن بدائل لحفظ الملفات والمستندات الشخصية في مواقع أكثر أمناً.

تعليق عبر الفيس بوك