فن معاصر يمزج الإبداع بالصورة الحركية المتطورة

"الأنيميشن".. مسلسلات وأفلام يعشقها الكبار قبل الصغار

الرؤية - مريم البادية

مع تطور التقنيات المُستخدمة في إنتاج الأعمال الدرامية والسينمائية، تحولت أنظار المُنتجين إلى فن جديد نسبيًا لكن جذوره تعود إلى مرحلة الأبيض والأسود، إنه فن الأنيميشن أو التحريك، وهو تطور لفنون أفلام الكرتون التي كانت تمثل ثقافة أجيال بأكملها في مرحلة الثمانينات والتسعينات، ثم أخذت تتقدم بخطى مُتسارعة مع ظهور برمجيات حديثة تساعد المخرج والمنتج على إنتاج عمل إبداعي يُلبي شغف الكبار قبل الصغار.

أفلام ومسلسلات الأنيميشن أخذت منحًا تصاعديًا في تطورها، مع انتشار قاعات السينما ثلاثية الأبعاد وأيضًا ظهور أجهزة التليفزيون عالية الجودة "إتش دي"، ما ساعد صناع هذه الأعمال في التوسع فيها، ولا يأتي موسم إلا وتعرض دور السينما فيلمين أو ثلاثة من نوع الأنيميشن، وتطور الأمر كذلك مع الدراما التليفزيونية، وتتنافس شركات الإنتاج سنوياً لإنتاج مسلسلات تليفزيونية تقوم على تقنية الأنيميشن. وقد أكد عدد من المتخصصين في هذا المجال أن عالم الأنيميشن لا يزال آخذ في النمو وأن معدلات الإنتاج الحالية في السلطنة لم تصل بعد إلى المستوى المأمول، خاصة وأن أفلاما كبرى يتم صناعتها في هوليوود عاصمة السينما العالمية تعتمد أساساً على أفلام التحريك وتدر على الاقتصاد الأمريكي مليارات الدولارت سنويًا.

ويقول المهندس تامر العبري مدير عام "ابتكار" للحلول الذكية وصاحب فكرة المسلسل الكرتوني "تو واصل" إنّ الكرتون بات لغة العصر في عملية الإنتاج الدرامي، فما يميزه أنه يخاطب مختلف الشرائح العمرية في المجتمع، فالطفل من عمر 3 سنوات قادر على فهم أفلام الكرتون، والكهل في سن السبعين مدرك تماماً لطبيعة أعمال الكرتون، لكن كل يفسره ويفهم رسالته حسب النضج العقلي.

ويضيف العبري أن أعمال الكرتون تعدت مجرد أنها رسوم متحركة، بل باتت تستخدم لإيصال قيمة معرفية مضافة، ومن خلال هذه الأعمال يتم أيضاً مناقشة قضايا مجتمعية مهمة للغاية، وتنطق هذه الأعمال في كثير من مشاهدها بما لا تستطيع أن تنطقه أو تعبر عنه الدراما التقليدية.

ويوضح العبري أن حدود الجرأة والحرية في الكرتون أوسع وأكثر شمولية، فمساحة الخيال فيه أكبر، والمشاهد التي تُرسم تمزج بين الواقع والبعد الزمني حسب قلم أو ريشة الفنان، والكاتب في المسلسلات الكرتونية يتحلى برؤية أوسع غالباً لا حدود لها، لأن جميع ما يكتبه من الممكن أن يتحول إلى مشاهد مرسومة، مؤكداً أن الرسالة تصل بصورة أسرع في رقعة جغرافية أوسع وأشمل. ويزيد: "بتنا نشاهد اليوم ما يعرف بالمسلسلات الصامتة في الكرتون على طريقة أسلوب ومنهجية "مستر بين" والتي تخاطب جميع الفئات العمرية بمختلف اللغات والطوائف والمجتمع دون عائق للغة عرق أو دين".

مشاهدو الأنيميشن من جانبهم يؤكدون ما يشعرون به من مُتعة فنية عند مشاهدة هذا النوع من الأعمال الفنية، فتقول فاطمة البادية والتي تعتبر نفسها "مدمنة" مسلسلات أنميشن إنَّ بعض الرسوم الكرتونية تهدف إلى غرس أهداف تربوية في نفوس الصغار، إضافة إلى أنها بيئة خصبة لتزويد الأطفال بالمعلومات التي تمكنهم من الاكتشاف والابتكار، وقد تكون بعض الرسوم الكرتونية الناطقة باللغة العربية السليمة، أو اللغة الإنجليزية أداة جديدة لاكتساب معارف لغوية. وتضيف أن النوع المتطور من المسلسلات الكرتونية المتحركة هي الأنيميشن، وتبرز جانباً من ثقافة الدولة المنتجة للعمل، وضربت مثالاً ببعض أفلام ومسلسلات الأنيميشن في اليابان لتعكس صورة حديثة أو قديمة من صور المجتمع الياباني سواءً كان في الفكر أو في السلوك أو في نمط الحياة بشكل عام. وتوضح البادية أن الرسائل التي يقدمها الأنيميشن مختلفة ومتباينة، وذلك حسب الفكرة التي تتمحور حولها فكرة المؤلف، فنجد هناك مؤلفين يتبنون فكرة الخيال، بينما هناك مؤلفين يناقشون مشكلة مجتمعية، مشيرة إلى أنها غالبا ما تتابع هذه الأعمال في محاولة لكسب اللغة والمعارف.

أما أيمن المسلمي والذي يحرص منذ سنوات على مشاهدة الكثير من الأعمال الكرتونية فإنه لا يرى نفسه "مدمنا" على مشاهدة الأنيميشن، لكنه يحرص بشكل ما على متابعة هذه المسلسلات وخصوصا مسلسل "وان بيس". ويقول إن أغلب الأوقات التي كان يتابع فيها هذه الأعمال تنحصر في فترات ما بعد الضغوط الدراسية، وذلك رغبة منه في الخروج من حالة الاختبارات والضغوط التي تصاحبها. ويرى المسلمي أن هذه الأعمال فرصة للتخلص من أعباء الحياة وضغوط الدراسة أو العمل، لما تتضمنه من مواقف كوميدية وإبداع مبهر.

جواهر المجرفية تفضل أيضًا مشاهدة أفلام الكرتون، لأنها- حسبما تقول- "تؤثر بشكل إيجابي علينا كبالغين"، مضيفة أن أفلام الأنيميشن دائمًا ما تساعد الإنسان على نفض غبار العمل بعد دوام طويل، كما إن مشاهدتها تأخذنا إلى مكان مختلف تمامًا عمَّا نعايشه، مشيرة إلى أنها تجد المتعة والتسلية في آن واحد عند مشاهدة هذا النوع من المسلسلات.

تعليق عبر الفيس بوك