"وثيقة التأمين".. نظرة قبل بدء التطبيق

علي عبدالعظيم اللواتي

يُعد تاريخ 24 مارس 2019 يوماً مشهوداً في ساحة التأمين في السلطنة إذ أنّه في هذا اليوم أقرت الهيئة العامة لسوق المال الوثيقة الموحدة للتأمين الصحي بموجب القراررقم 34/2019 وهي ثاني الوثائق الموحدة بعد وثيقة تأمين المركبات.

وسوف يكون تأثير الوثيقة كبيرًا على ساحة التأمين فمن خلالها سيتم تأمين مليوني شخص بعد إتمام التطبيق التدريجي.

وتُعد عملية طرح الوثيقة الموحدة للتأمين الصحي (من خلال شعار "ضماني") من خلال منافعها الأساسية الخطوة الأولى والصحيحة في مجال التأمين الإلزامي وعلى الوثيقة الأساسية هذه سيتم إجراء التحديثات والتطوير وتوسعة التغطيات التأمينية وتعديلها بما يتطلبه سوق العمل حسب تجربة التطبيق الأولية.

وفيما يتعلق بنظام الربط الإلكتروني والتأمين الصحي الالزامي، فقد تبنى فريق عمل التأمين الصحي ضماني برئاسة الهيئة العامة لسوق المال إيجاد نظام الكتروني يربط شركات التأمين ومقدمي الخدمات الصحية ووزارة الصحة والهيئة العامة لسوق المال.

وسيساعد النظام الالكتروني على سرعة إنجاز المعاملات والأهم من ذلك ضمان الشفافية والتي بدورها ستعمل على الحد من حدوث تجاوزات المالية والتي تكلف جميع أطراف منظومة التأمين الصحي مبالغ لا طائل منها، إذ إن مسألة منع التجاوزات قد تكون الفاصل بين ربح وخسارة شركة تأمين معينة و في حالة الخسارة ستزيد تكلفة التأمين على الجميع و هذا ما تحرص الهيئة العامة لسوق المال وفريق عمل التأمين الصحي على منع حدوثه.

وسيصبح نظام الربط الإلكتروني هذا من ركائز عمل قطاع التأمين مع القطاع الصحي وسيكون المؤثر الأول في:

  • ضبط التعويضات (الجانب المالي)
  • ضبط كفاءة الخدمة الصحية (الجانب الإداري)
  • تمكين فريق عمل التأمين الصحي ضماني من دراسة كل ما يجري في مجال التأمين الصحي الإلزامي و بناءٍ عليه التقدم بمقترحات لزيادة كفاءة العمل (الجانب التشريعي)

ويحرص منفذو مشروع التأمين الصحي الإلزامي، بجانب الشفافية والعدالة، على أن يكون مبلغ التأمين للفرد (قسط التأمين) في متناول يد جميع الشركات من دون الحاجة لقيام الهيئة العامة لسوق المال بفرض أسعار على شركات التأمين وهذا يتطلب مهارة في تحديد نطاق التغطية التأمينية فلا يجوز أن تكون التغطية التأمينية ضيقة ومهارة في إقناع مقدمي الخدمات الصحية في تقديم أسعار تنافسية لخدماتهم الصحية. ولاتزال الهيئة العامة لسوق المال مستمرة في متابعة موضوع الأسعار عن قرب.

ومن خلال متابعتي أستطيع القول أنّ التطبيق الإلزامي يصاحبه الكثير من الحرص من قبل الهيئة العامة لسوق المال على مراعاة مجموعة من الأمور المهمة ومن جملتها:

1- توعية رواد الأعمال حول التأمين الصحي ونطاق التغطيات التأمينية ونظام الربط الإلكتروني وذلك من خلال عقد ندوات توعوية في مختلف المحافظات بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة عمان.

2- التعريف بنظام التطبيق التدريجي حسب درجات الشركات في نظام السجل التجاري.

3- إعطاء مساحة خاصة في تطبيق التأمين الإلزامي لشركات المقاولات التي يكثر بها عدد الموظفين في قطاع البناء.

4- طرح حلول مبتكرة لدخول الشركات الصغيرة والمتوسطة لمنظومة التأمين الصحي الإلزامي والعمل على إيجاد وسائل لتقليل مبلع التأمين على تلك الشركات. وحسبما علمت، فإن الهيئة الهامة لسوق المال قد بادرت بالتواصل مع "ريادة" وطرحت عليهم بعض الأفكار للخروج بمقترحات تكون جاهزة للتطبيق عندما يحين دور التطبيق الإلزامي على الشركات الصغيرة والمتوسطة.

ومشروع بهذا الحجم- سيدخل في نطاق التأمين بموجب هذا المشروع مليوني شخص بين عماني ووافد من موظفين وعمال منازل وسواح- يتطلب الكثير من الجهود ابتداء من التنظير الصحيح إلى وضع آليات العمل وانتهاء بالتطبيق. ومما لا شك فيه أنه من خلال تجربة التطبيق ستتضح بعض النواقص وبعض الأمور التي ستحتاج إلى تنضيج أكثر. وعليه لابد لفريق عمل التأمين الصحي ضماني من الاستمرار في عمله لرصد تلك الأمور والعمل على تصحيحها دون تأخير وذلك لضمان بقاء المشروع في الخط الصحيح للتطبيق والتأكد من تطوير وتحديث التشريعات وتحديث وثيقة التأمين بشكل دوري وخاصة في المراحل الأولى.

إنّ التأمين الصحي يُعد من تلك الأنواع من التأمينات التي تخص الفرد منا بشكل مباشر في نفسه أو عائلته وعلى فريق المشروع الالتفات المستمر لهذه النقطة وسرعة وضع اليد على نقاط الضعف ومعالجتها دون تأخير.

بقي في هذا المقام أن ألفت النظر إلى نقطة أثارت بعض الجدل لدى المتابعين والمهتمين  والتي تتمثل في السؤال التالي: هل ستتوقف المستشفيات الحكومية عن علاج العمانيين الذين قامت شركاتهم بالتأمين عليهم وماذا عن الأمراض والعمليات الجراحية والإجراءات الطبية التي لا تغطيها وثيقة التأمين الصحي الإلزامي؟ وفي الجواب نقول: الخدمات الصحية التي تقدمها الحكومة من خلال المراكز الصحية و المستشفيات المرجعية التابعة لوزارة الصحة ستستمر في علاج المواطنين بصرف النظر عن موضوع التأمين. وللمواطن الاستمرار في طلب العلاج من المرافق الصحية الحكومية سواء كانت لدية بطاقة تأمين صحي أم لا.

قد تتغير الأمور في المستقبل ولكن لن يتم أبدا حرمان المواطن من الاستفادة من الخدمات الصحية الحكومية بأي شكل وتحت أي ظرف.

تعليق عبر الفيس بوك