أكد أنَّ الفلسطينيين أصحاب قضية عادلة ويطالبون بحقوق مشروعة

السفير الفلسطيني لدى السلطنة لـ"الرؤية": "صفقة القرن" لن تُفرض بالقوة مهما كانت "المغريات"

...
...
...
...
...

 

 

◄ مرور 71 عاما على ذكرى النكبة يُؤكد أن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه أبدًا

◄ فلسطين لا تزال قضية العرب المركزية وتحظى بالاهتمام الرسمي والشعبي من المحيط للخليج

◄ عدم استقرار الدول العربية يؤثر مباشرة على مكانة القضية الفلسطينية

◄ القادة العرب يواصلون دعم ومساندة النضال الفلسطيني حتى في أصعب الظروف

◄ حجج إسرائيلية واهية لاحتجاز الأموال الفلسطينية

◄ الشعب الفلسطيني أُدخل في متاهات الانقسام بسبب "تدخلات إقليمية متعددة" منذ 2007

◄ إسرائيل الطرف الأكثر استفادة من الانقسام الفلسطيني وتأخير المصالحة

 

 

الرؤية- مدرين المكتومية

تصوير/ راشد الكندي

 

شدَّد سعادة الدكتور تيسير فرحات السفير الفلسطيني لدى السلطنة على أنَّ ما يُسمى بـ"صفقة القرن" لن تُفرض بالقوة على الشعب الفلسطيني مهما كانت المغريات الاقتصادية، مؤكدًا أنَّ الشعب الفلسطيني صاحب قضية عادلة ويطالب بحقوق مشروعة، وأنه لن يقبل بالتنازل عن أيٍ من حقوقه، مهما طال العمر.

وأدلى فرحات بحوار خاص مع "الرؤية" بمناسبة مرور 71 عامًا على ذكرى نكبة فلسطين؛ حيث قال إنَّ هذه العقود السبعة على ذكرى تهجير الشعب الفلسطيني من وطنه عام 1948 وما تمَّ ارتكابه من جرائم بحق الفلسطينيين طيلة هذه السنوات، تؤكد أنَّ الشعب الفلسطيني لن يتنازل أبدًا عن حقوقه المشروعة مهما طال الأمد. وأضاف سعادته أنَّ الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية منذ العام 2011، وحتى الآن، وما تعانيه بعض الدول العربية من استمرار الوضع المتسم بعدم الاستقرار، يؤثر تأثيرا مباشرا على مكانة القضية الفلسطينية في الاهتمام العربي بشكل عام؛ إذ تظل القضايا الوطنية في هذه الدول محل الاهتمام الرئيس للمواطن العربي.

 

 

 

واعتبر فرحات أنَّ هذا الأمر طبيعي ومنطقي لأن المسألة تتعلق بمستقبله ومصيره، لكنه أشار إلى أن الوقائع التي شهدتها الدول العربية خلال تلك الفترة والمستمرة حتى اللحظة، تؤكد تراجع الاهتمام، وخاصة ما يتعلق بتوجهات الشباب والأجيال الجديدة، فمن المعروف أن هذه الأجيال يُبنى أملٌ كبير عليها في حشد التضامن والمساندة للقضية الفلسطينية، والقضايا العربية.

قضية العرب المركزية

وتابع سعادته قائلاً إنَّ الشعب الفلسطيني- وعلى الرغم من ذلك- لا يزال يرى أن القضية الفلسطينية، كقضية عربية ومركزية وكقضية ذات بعد عاطفي، لا زالت تحتل حيزا ليس بقليلِ في اهتمامات الأجيال والجماهير العربية، حتى لدى أولئك الذين يقودون الحراك في بلدانهم. وأكد أنَّه على الصعيد السياسي ومواقف الدول العربية، فإنَّ المواقف المركزية للدول والقادة العرب ظلت تؤكد حتى في أصعب الظروف التي تمر بها، على مركزية القضية الفلسطينية، ودعم ومُساندة نضال الشعب الفلسطيني في توجهه نحو تحقيق حقوقه المشروعة، في إنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وأشار في هذا السياق كذلك إلى مواقف البرلمانات العربية، وانحيازها للقضية الفلسطينية، والعمل ضمن الساحة الدولية لإسناد هذه الحقوق.

قنوات الدعم

وحول نظرة الفلسطينيين لقنوات الدعم التقليدية للقضية الفلسطينية سياسياً ومالياً، قال إنَّ الشعب الفلسطيني حين انطلق في نضاله، أكد على مبدأ مهم هو أنَّ النضال الفلسطيني جزء من النضال العربي، وأن فلسطين- وإن كانت الطليعة- فإنها تستند على عمقها العربي أولاً، ثم العمق الإسلامي، والتضامن الدولي. وأوضح أنَّ الدعم السياسي والمالي والدور العربي في الصراع، مكن الفلسطينيين من تحقيق الإنجازات والنجاحات الواسعة على الصعيد الدولي، فغدت القضية الفلسطينية حاضرة في الاهتمام الدولي وأجندة الدبلوماسية الدولية.

ولفت فرحات إلى أنَّ "قمة بيروت" في عام 2002، شهدت تأطير الدعم المالي للسلطة الوطنية الفلسطينية من خلال الصناديق المُنشأة لهذه الغاية، وهي صندوقي الأقصى والقدس، مشدداً على أنَّ بعض الدول العربية لا تزال تفي بالتزاماتها، بالنسب المقررة في تلك القمة، وهو ما تأثر ببعض التطورات التي شهدتها بعض دول المنطقة.

وأشار إلى أنَّه على ضوء التطورات الأخيرة، وما أقدمت عليه إسرائيل باحتجازها أموالاً من المقاصة الفلسطينية، تحت ذريعة واهية، بأنها تُدفع لأبناء الشهداء والأسرى، وهذا واجب وحق طبيعي لهم لا تتم المساومة عليه، ولذا رفضت القيادة الفلسطينية استلام الأموال منقوصة، وهو ما أوقع السلطة الوطنية الفلسطينية في أزمة مالية طاحنة، خاصة في ظل قطع وتخفيض المساعدات من بعض الدول المانحة. وأعرب فرحات عن أمله من الأشقاء العرب، تطبيق قرارات القمة العربية في تونس التي عقدت مؤخرا، من خلال تفعيل شبكة الأمان العربية، التي أقرت في قمم سابقة، لتتمكن السلطة من الوفاء بالتزاماتها تجاه شعبها.

صفقة القرن

وتعليقًا على ما يثار من أنباء متضاربة في بعضها أو ما توصف بأنَّها تسريبات حول مضامين ما يسمى بـ"صفقة القرن" التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال سعادة السفير الفلسطيني لدى السلطنة إنَّ الحديث عن "صفقة القرن"، تزايد خلال العام المنصرم، وهي عبارة عن التصور الأمريكي لحل الصراع العربي- الإسرائيلي، وفي المقدمة منه القضية الفلسطينية، وحتى يتم التعامل مع هذا الموضوع بطريقة منطقية، فإنَّ التوجه الجديد للإدارة الأمريكية في هذا الإطار، قد بيَّن بشكل واضح نقطتين أساسيتين: الأولى أن سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة تسعى إلى تغيير مرجعيات عملية السلام التي تحظى بإجماع دولي من كافة الأطراف التي تشكل أركان المجتمع الدولي وأطرافه الفاعلة. وأضاف أنَّ النقطة الثانية تتمثل في أن الإدارة الأمريكية تحولت من وسيط مهم في عملية السلام، إلى طرف يُساعد الجانب الإسرائيلي، ويدعم الاستيطان، ويسعى إلى فرض حقائق جديدة على الأرض، وذلك قبل إنجاز التسوية السياسية المنشودة، من خلال الخطوات التي اتخذتها إدارة ترامب، وهي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل رغم أنه يخالف القانون الدولي وجميع الاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص، وكذلك نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المُحتلة، لتكريس هذا الاعتراف. وزاد قائلاً إنَّ وقف الدعم والمساعدة المقدمة إلى منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بعث برسالة واضحة تدعم هذا التوجه، معتبراً أن أسس ومبادئ تلك الصفقة المزعومة باتت واضحة للعيان، قائلاً: "الجوهر السياسي ومحور الصراع هما مضمون هذه الصفقة".

وأكد فرحات أن الموقف الفلسطيني تجاه الصفقة واضح تماماً، وتم التعبير عنه فلسطينيا، من خلال الأطر القيادية المختلفة، سواء المجلس الوطني الفلسطيني أو المجلس المركزي، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما إنه يلقى رفضا واسعاً، مجمعاً عليه من كافة مكونات الشعب الفلسطيني. وأوضح أنَّ الموقف الفلسطيني، في هذا الخصوص، يسعى للاستناد إلى موقف عربي مشابه عبرّ عنه معظم القادة العرب، سواء على صعيد مواقف الدول، أو عبر القمم العربية والاجتماعات السياسية والإقليمية المختلفة. وتابع أن الموقف الفلسطيني استند أيضًا على رفض الخطوات الأمريكية، من خلال الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وأغلبية دول العالم، مؤكدًا أن السلطة الوطنية ستواصل خطواتها المقبلة بمزيد من التصدي لهذه الصفقة بالثبات على الأرض، ورفض كل الإجراءات التي يتم التخطيط لها.

وشدَّد فرحات على أنَّ إعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإنهاء الانقسام، من بين الركائز المهمة التي تشكل عامل قوة ومنعة، لرفض المخططات المشار إليها وإفشالها، مشيرا إلى أنَّه لا بديل عن التوحد في المواقف والخطوات من أجل التصدي لهذه الصفقة، وأنه لن يتمكن أحد من أن يفرض بالقوة، أية شروط أو مغريات اقتصادية، مادام صاحب الحق وصاحب القضية يؤمن بعدالة قضيته وحقوقه المشروعة، ويلقى الدعم والتأييد من الأشقاء والأصدقاء.

الشركاء الفلسطينيون

وردًا على سؤال حول تحقيق وحدة داخلية بين الشركاء الفلسطينيين، ذكر فرحات أنَّ الشعب الفلسطيني، ظل طوال العقود الماضية، موحدا في مرحلة التحرير الوطني، وكان الحوار الديمقراطي السائد في التعامل بين الأحزاب والفصائل المنضوية في بوتقة وحدة وطنية ونضالية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، التي قادت تلك المرحلة. واستدرك قائلاً: "للأسف، أُدخل الشعب الفلسطيني في متاهات الانقسام، نتيجة وبكل وضوح، لتدخلات إقليمية متعددة، نجم عنها حدوث الانقسام عام 2007. وقال إنه بالرغم من الجهود المقدرة التي قادتها العديد من الدول العربية، والجامعة العربية، والتي تمَّ خلالها التوقيع على اتفاقيات المصالحة، وخاصة اتفاق عام 2017، على تشكيل حكومة توافق وطني، وإنهاء الانقسام، إلا أنَّ الوقائع على الأرض حالت دون تطبيقه، بل تم نصب الشباك والأدوات لإفشاله، الأمر الذي زاد من تعقيد الأمور وجلب المُعاناة الشديدة لأهلنا في قطاع غزة.

وأكد سعادة السفير أنَّ إنهاء الانقسام، وتطبيق المصالحة الفلسطينية، بات أكثر من ضروري لإنهاء هذه المعاناة أولاً، ولحشد كل الجهد الوطني الفلسطيني في مواجهة التحديات الكبيرة التي تنتظر القضية الفلسطينية؛ إذ لا يمكن للمرء أن يواجه مشكلاته بحالة من الضعف والانقسام، وفي نفس الوقت يقدم الذرائع لمن يريد التنصل من أخذ مواقف مسؤولة، مؤكدًا أن إسرائيل ستظل الطرف الأكثر استفادة من استمرار هذا الوضع، وهو ما عبَّر عنه بالفعل الساسة الإسرائيليون بكل صراحة.

تعليق عبر الفيس بوك