"جارديان": السعودية تسعى لإحباط التحول الديمقراطي في السودان

ترجمة- الرؤية

قال تقرير لصحيفة "جارديان" البريطانية إن المملكة العربية السعودية تسعى لإحباط التحول الديمقراطي في السودان، في أعقاب الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير، وتولي مجلس عسكري مقاليد الحكم في البلاد.

وذكرت الصحيفة أن السعودية في السنوات الأخيرة لم تكن تولي اهتماما بالسودان، لكن في أعقاب الحرب التي تشنها على اليمن، لجأت إلى الخرطوم لدعم صفوف التحالف العسكري الذي تقوده بجنود سودانيين. غير أن الصحيفة تعتبر أن اهتمام الرياض المتزايد بالأوضاع في السودان بعيد كل البعد عن مسألة الجنود السودانيين، إذ إن هذا الاهتمام منبعه الحيلولة دون أي تغيير سياسي في نظام الحكم الشمولي العسكري في السودان، خشية من الديمقراطية. ويؤكد تقرير الصحيفة أن السعودية ليست لديها أي نية للسماح للثورة في السودان بتحقيق أهدافها وعلى رأسها إزاحة الجيش نهائيا عن السلطة وتثبيت حكومة مدنية، لاسيما في ظل الجموع الغفيرة من السودانيين الذين أثبتوا قدرتهم على الضغط على المجلس العسكري الانتقالي في تلبية مطالبهم. وبحسب الجارديان، فإن السعودية لم تعد تعتمد على الولايات المتحدة في إدارة شؤون المنطقة، بل صارت الرياض قوة فاعلة في إدارة الملفات الإقليمية، ولم يعد يقتصر الدور السعودي في دعم المدارس والجماعات الدينية كما كان سابقا، وامتد نفوذها إلى تعمد إحباط التغيير السياسي كلما أمكن ذلك.

وفي غضون أيام من إزاحة البشير بدأت الأموال السعودية تظهر مجددا، إلى جانب الأموال المقدمة من الإمارات العربية المتحدة، حيث تعهد البلدان بتقديم حزمة مساعدات بقيمة 3 مليارات دولار لدعم الاقتصاد السوداني وبالتالي دعم الحكومة العسكرية الانتقالية. ورافق هذا القرار حملة دعائية غير مسبوقة في وسائل الاعلام السعودية أو المتعاطفة مع السعودية.

فقد عرضت صحيفة "جلف نيوز" الإماراتية صورة للرئيس الحالي للمجلس العسكري الانتقالي مع نبذة عنه قائلة إنه "عمل في مواقع مهمة أثناء الحرب في جنوب السودان وحرب دارفور، ويرجع ذلك إلى حد كبير بفضل أخلاقه المدنية وسلوكه المهني". ويرى تقرير الجارديان أن استخدام كلمات مثل "المدني" و"المهني" غير مألوفة لوصف الحروب في دارفور وجنوب السودان.

التحول في المواقف من قبل السعودية والإمارات، حسب الجارديان، تجلى في تفسيرات المسؤولين في البلدين للاهتمام المتزايد بهذا البلد الذي كان يوما ما يتعرض لأوصاف سلبية وتهميشا، فقد قال مسؤول إماراتي رفيع المستوى إن الدعم الإماراتي للسودان يأتي نتيجة ما شهدته المنطقة خلال السنوات الماضية من "فوضى شاملة" مضيفا: "نحن لا نحتاج المزيد منها". بيد أن تقرير الجارديان يعتبر أن هذه التحركات من الدولتين الخليجيتين نابع من خشيتهم على استقرار الحكم فيهما.

وعلى الرغم من متاعبها الاقتصادية في الداخل، لا تزال الحكومة السعودية ترى أن ثروتها السيادية قادرة على حماية الدولة ونظامها الحاكم من أية مخاطر خارجية أو محلية. ورغم أن السعودية لا تسمح مطلقا بأي معارضة داخلية وربما في بعض الأحيان خارجية، إلا أن النموذج السوداني أثبت أن الشعب قادر على إزاحة النظام، ففي نهاية المطاف لا يجرؤ نظام على إعدام جميع المواطنين.

وتشير الجارديان إلى أن إخفاقات "ثورات الربيع العربي" عادت بالنفع والفائدة على الأنظمة الشمولية في الشرق الأوسط، والتي اعتبرت أن التغيير السياسي عبر التظاهر لن يحقق النتائج الجيدة. غير أن الثورة السودانية نسفت هذا المفهوم، ومع ذلك لا يزال البعض يردد أن الحكم المدني يتسبب في الانهيار الأمني وانتشار العمليات الإرهابية وعدم الكفاءة في إدارة شؤون الدولة. لكن الخوف الأكبر من الحكم المدني يتمثل في الخشية من الديمقراطية والمساءلة وحرية التعبير، ولذا تؤمن السعودية بضرورة منع مثل هذه النتائج، لتحقيق ما تعتبره "استقرار المنطقة"، خاصة في ظل التجاهل الأمريكي للأوضاع في المنطقة، ومنها السودان.

وتختتم الصحيفة البريطانية تقريرها بالإشارة إلى أن المتظاهرين في السودان قادرون على مواصلة احتجاجاتهم والإصرار على مطالبهم، في الإطاحة بفلول نظام البشير، والذيين لا يزالون في السلطة حتى الآن، في إطار مطالبهم بالحكم المدني. لكن الصحيفة تطرح تساؤلا جديا: كيف يمكن للمتظاهرين السودانيين مواجهة السعودية وحلفائها الأقوياء في المنطقة والذين يقدمون سبل الدعم للمجلس العسكري الانتقالي؟ وتؤكد الصحيفة أن الأعباء باتت أثقل على الثورة السودانية، غير مستبعدة قدرة الشعب السوداني على تحقيق مطالبة التي ستهدد أنظمة الحكم المستبدة في الشرق الأوسط.

تعليق عبر الفيس بوك