الحكومة الإلكترونية في مواجهة جرائم المال العام

في هذا الكتاب يستعرض الباحث حميد بن ناصر الحجري دور (الحكومة الإلكترونية في الحد من جرائم الاعتداء على المال العام)، فقد أظهرت تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لعام 2008 م. تصاعد معدلات الجريمة حول العالم، ولا شك أن المتغيرات التقنية والاقتصادية والاجتماعية قد أحدثت تناقضات بنائية انعكست على معدلات الجريمة.

إلا أن الجرائم التقنية الموجهة ضد المال العام تعتبر من أخطر الجرائم، لاتساع نطاق أضرارها، فهي تعوق مسيرة تنمية المجتمع الشاملة وأمنه، مما يتطلب التوفيق بين متطلبات التنمية الاقتصادية من ناحية، وحجم وكفاءة الجهاز الإداري في المجتمع من ناحية أخرى؛ لتحقيق التطور الأمني ضد الجرائم التقليدية منها ولإلكترونية التي شهدت تناميا مطردا منذ تسعينيات القرن الماضي، فقوة المجتمع وأمنه مرتبطة بتقدمه الاقتصادي.

ويؤكد حميد الحجري أن مشروع الحكومة الإلكترونية ليس مرحلة زمنية أو مجموعة من الخدمات وحسب، بل هو ثورة في التفكير والتنفيذ للقضاء على البيروقراطية وإهدار الوقت والجهد والموارد، في ظل حياة ازدحمت بحاجة الأفراد إلى الخدمات الحكومية المتطورة والمنظمة وفق قانون أكثر مرونة.

وذلك لأن الكفاءة والفعالية التي تتميز بهما التقنية الحديثة تزيد من قدرة الحكومات على مواجهة الفساد بشتى أنواعه، من خلال توافر وتكامل المعلومات الضرورية الملائمة لترشيد عملية الرقابة الحكومية، وفهم طبيعة العلاقة بين القطاعين العام والخاص، وكذلك طبيعة المفاهيم والعلاقات الملائمة لعملية التنمية الاقتصادية، والمساهمة في خلق العمليات والهياكل التنظيمية القادرة على الاستجابة للتغيرات البيئية المحيطة، بالإضافة إلى أن الرابط التقني بين مؤسسات الدولة المختلفة وداخل المؤسسة نفسها يقلل من ظهور السوق السوداء والرشوة.

وحيث إنه لا يوجد اهتمام سابق بدراسة (دور الحكومة الإلكترونية في الحد من جرائم المال العام) فإن دراسة الحجريّ عالجت مشكلة الدراسة من خلال سؤال رئيس ومجموعة من الأسئلة الفرعية وتساءل: (ما دور الحكومة الإلكترونية في الحد من جرائم المال العام بسلطنة عمان؟، وما نسبة من لديهم إلمام بالحكومة الإلكترونية مقارنة بغير الملمين بها؟، وهل يوجد اعتقاد عند الموظفين بأن الحواسيب الآلية التي يعملون عليها مراقبة إلكترونيا من قِبَل جهات حكومية لا يعلمونها؟، وما مدى أهمية تطبيق الحكومة الإلكترونية للحد من جرائم الاعتداء على المال العام في الوحدات الحكومية بسلطنة عمان؟، وما مستوى تطبيق الحكومة الإلكترونية في المحافظة على المال العام في الوحدات الحكومية بسلطنة عمان؟، وما درجة كفاءة الموظفين في توظيف تقنيات المعلومات في المحافظة على المال العام؟، وما مستوى الأهمية النسبية لإجابات المبحوثين على الصعوبات التي تواجه تطبيق الحكومة الإلكترونية في الرقابة على المال العام بسلطنة عمان؟، وما المستوى العام لدور الحكومة الإلكترونية في الحد من جرائم الاعتداء على المال العام في سلطنة عمان؟، وأخيرا ما علاقة المتغيرات الديموغرافية والاجتماعية بإجابات المبحوثين على دور الحكومة الإلكترونية في الحد من جرائم الاعتداء على المال العام بسلطنة عمان؟

وأشار الحجري في دراسته إلى التحديات التي تواجه تطبيق الحكومة الإلكترونية فانحصرت بشكل عام في ضعف المخصصات المالية والمهارات التقنية والبيروقراطية وعوامل الأمن والسرية والثقة وخصوصية المستفيد غير أن الواقع العملي في سلطنة عمان أفرز بعض الصعوبات وأهمها عدم وجود تلازم بين الحكومة الإلكترونية وأهميتها، مما أثر على سرعة تطبيقها وانتشارها في أجهزة الدولة، وعدم وجود استراتيجية موحدة لتقنية المعلومات، وضعف البنية التحتية، ونقص الموارد البشرية الكفؤة، وقلة الوعي بالمخاطر المتوقعة، والافتقار إلى صناعة حقيقية لتقنية المعلومات، وتعقُّد الإجراءات الإدارية.

وقد خرجت دراسة الحجري من خلال نتائجها بمجموعة من التوصيات من أهمها الدعوة إلى الاستفادة من ارتفاع دور الحكومة الإلكترونية ومستوى تطبيقها، ودرجة كفاءة الموظفين، وتوظيف ذلك بدرجة أكبر في تطبيق برامجها، ونشر الحكومة الإلكترونية في كافة وحدات القطاعين العام والخاص لدورها في تقليص مساحة البيروقراطية، والتدريب المستمر للموظفين، ورفع المستوى المعرفي لدى العاملين وخاصة في الشؤون القانونية، وتوعية المواطنين عبر وسائل الإعلام، وتشديد الرقابة الإلكترونية على جميع الحواسيب الآلية وحماية شبكات الاتصال ومكافحة الاختراقات الخارجية، والاعتداءات الداخلية الموجهة ضد المال العام، والتسريع في نمذجة العمليات والإجراءات الإدارية التقليدية، وإيجاد جهة استشارية مسؤولة تختص بالمعاملات الإلكترونية المالية والإدارية.

تعليق عبر الفيس بوك