فاطمة الحارثية
"الخطأ لا يصبح حقيقة بسبب تضاعف الانتشار، ولا تصبح الحقيقة خطأ لأن لا أحد يراها".. (غاندي)
"عندما علِم ذي التاج ببسالة بني جلدته وإصرارهم على الذودِ من أجل استقرار عمان وأهلها بات رمزا ونموذجا لكل من تسول له نفسه المساس بأمننا وسلامنا وإن كان منّا" دوّنَ التاريخ أنّ على هذه الأرض الطيبة أقواما أشداء ينزعون الزرع الفاسد دون هوان حفاظا على قيمنا ونهجنا سواء كان من الارض أو دخيلا عليها؛ معركة جولاء، الفتوحات الإسلامية، طرد البرتغاليين وأكثر كلها حاضرة في كتب التاريخ؛ والقراءة عنها تقي ضعاف النفوس من الزلل.
إنّ ميزان الخطأ والصواب ما زال منذ الأزل بؤرة حياة البشر على الأرض، أتى البعض ليجادل في المفاهيم والآخر ليمحور الميزان لصالحه بتفسير ما لا يعلم جدلا. منذ بضع سنوات غزت ظاهرة الربيع العربي مجتمعاتنا ومع بعض التعمّق والبحث نجد أنها من رحم ظاهرة التنوير بتطبيع مبتور. فهل نحن بحاجة إلى ربيع أو تنوير أو ثورات أو حتى إصلاح؟
الهجوم قبل الإدراك والتفرد بالرأي والصوت العالي هو أول ما نلاحظه في أي حوار مع دعاة الثورة أو الربيع (فكر محدود وتطبيع حتى فيما تبنوه من تسمية –الربيع- أي ربيع يا أبناء الصحراء) لم أر إلا تسميتهم بالعملاء، عملاء تجارة الفتن والفرقة ليكسب منهم تُجار السلاح مقابل بعض الشهرة؛ منهم أولئك الذين يهجرون طيب أرض عمان للتشهير بها خارجا "إن كنتم على حق لما اختبأتم خلف الستار لأن الاختباء صفة الجبان ومن على حق لا يختبئ ولا يهاب شيئا".
إنّ كل من يعبر عباب التاريخ يجد أنّه لم تقم الأديان ومدارس الفكر على الثورات؛ لم يقد عالمًا نافعا للأمة ثورة قط؛ لا يمكن تنمية بلد أو أن تزدهر بالثورات فمرادف الثورة دمار وقتال وصراع يمتد لسنوات بل لعقود. اختلافنا في الرأي ووجهات النظر لا يعني أننا المفسدون وأنتم الصالحون، قد نسلك طرقا ترون أنها غير صالحة فلماذا الثوران بدلا من أن نقف معا في حوار وسطي لنبلغ الأهداف وإن أخطأنا نتعلم ونبدأ من جديد بدون تشهير أو انتقاص أو تلفيق فلا يوجد محب يتعمد السوء، وإن غَلَبَ عدد الصالحين والأوفياء ينكمش ويُكسر جناح الخونة والمتعصبين.
عُروق السلطة في قيد التاريخ منذ النشأة الأولى وقبول الواقع يسمح لنا بعلاج الكثير فالاعتراف إدراك وهو نصف العلاج؛ عند التعمق بالطرق التي تم فيها تجنيد عملاء الثورات نجد أنّ مجملها كان بسبب ضحالة المعتقدات التي لم يتم غرسها بالطرق الصحيحة والوقت الصحيح، نعم نسعى إلى غرس القيم والمبادئ في أجيالنا غير أنّ الكثيرين منا يؤجلون الأمر إلى عمر متأخر بعذر (هو صغير، ما يفهم) ليقوم الجيل بملء الفراغ بقيم وأفكار وأمور أخرى دخيلة من مصادر قد لا تكون مستحبة وهذا يعرضه لأن يصبح فريسة سهله للغير.
ينادون بالثورة وحسب مفهومهم الضحل الاعتقاد بالتغيير أو الإصلاح من أجل قوم "على هواهم" يجلسون على كراسي السلطة، لينتزعوا الأمان والطمأنينة وإن سألتهم تريدون ربيعا يا أهل الصحراء لمن؟ وقد يدور حوار:
- لماذا الثورة (نسأل)
- لا يعجبنا حال الظلم والنهب والاضطهاد (العميل)
- إن كان صحيحا، من المتضرر؟
- الشعب
- كم من الشعب
- الجميع
- أثبت
- لا حاجة لذلك فالأمر ظاهر
- ! أي لا علم لك؟ لا بأس؛ إذا من نضع بدلا ممن هم حاليا،
- دع الناس تختار
- !! كيف
- لا أعلم لكل حادثة حديث.
هل هناك جهل أكثر من هذا؟ يزعم بطلب الإصلاح وهو لا علم له بآلية الإصلاح، ينادي بالتغيير ولا علم له بماذا أو كيف ولماذا يُغيّر، أي إصلاح أو نفع يأتي من جاهل لا يدرك أنّه مجرد أداة (عميل) لضرر. إنّ التعاليم والمناهج التي نوصلها لمن حولنا والفكر الذي يتناثر من خلالنا أمانة وجب عدم الاستهانة به مهما كان عارضا أو بسيطا؛ فنحن نؤثر على الآخر وإن لم ندرك أو نشعر بذلك ومعظمنا يأخذ بالأدلة ولكن هناك البعض الذين يتأثرون بالكلمة وينقادون خلفها أو خلف قائلها بحسن نية لينتهي بهم المطاف على صلد يكوي حياتهم ولا رجوع بعده.
رسالة
لكل خليفة على هذه الأرض رسالة ودور يؤديه قبل مغادرة رحلة الحياة، ولكل منا هبة أو هبات أكرمنا الخالق بها لتُعيننا على أداء ما علينا من رسالة وعمل، فلا تستهينوا بأنفسكم ولا تقللوا من شأن غيركم ففي نهاية الأمر التميُيز هبة لأداء واجب وليس اكتساب.
لا تستنسِخوا الناس لأشباهكم فلستم في كمال.