رسالة إلى مريم

 

د.سليمان المحذوري

 

منذ الوهلة الأولى لاستلام نسختي من كتاب أنين الجدران بدار الفرقد السورية -المشاركة ضمن معرض مسقط الدولي للكتاب لهذا العام 2019م - للكاتبة العُمانية مريم بنت خالد الرحبية الصغيرة في عمرها والكبيرة في إبداعها كما قلت في تغريدة سابقة؛ لم أستطع أن أترك هذا الكتاب حتى أنهيت قراءته؛ بل إنّ أطفالي استمتعوا بقراءة هذا الكتاب أيضًا.

تحكي مريم بأسلوب سهل ممتنع قصة معاناتها مع مرض السرطان حتى منّ الله عليها بالشفاء؛ قصة متكررة لكثير من الأطفال ولكن قلّة منهم من يستطيع البوح والسرد معبرًا عن معاناته وآلامه كما فعلت مريم التي استطاعت بأسلوب شائق سلس التعبير عمّا يكنّه كثير من هؤلاء الأطفال من مشاعر وأحاسيس تختلج به صدورهم، ونقل معاناتهم مع المرض. ولا شكّ أن هذا الأمر يُنبئ عن ميلاد كاتبة صغيرة لها مستقبل مشرق في هذا المجال بإذن الله.

لن أدخل في تفاصيل معاناة مريم مع المرض المضمّنة في الكتاب المُشار إليه؛ إلا أنّ ما شدّني كمّية الرسائل الإيجابية التي عرضتها الكاتبة باقتدار بداية بموقف والديها الكريمين وأفراد أسرتها، ومساندتهم لها في محنتها؛ مرورًا بدور الأطباء والكادر التمريضي في التعامل مع الأطفال المرضى بالسرطان، ودورهم الفعّال في تحفيزهم لتخطي مراحل العلاج المستمرة وتحمل الأعراض الناجمة جراء ذلك. ومن الأشياء الجميلة التي تطرقت إليها مريم دور إحدى مؤسسات القطاع الخاص في تقديم هدايا للمرضى بحسب أمنياتهم من أجل إدخال السرور والبهجة في قلوبهم لهم الشكر والتقدير.

وبما أنّ مريم لا زالت طالبة على مقاعد الدراسة؛ فقد كانت مدرستها داعمة لها وخاصة معلماتها اللاتي قدمن لها كل العون والمساعدة الأمر الذي ساعدها على اجتياز محنتها. دروس في العزيمة والإصرار قدمتها مريم بطريقة قصصية جميلة جاذبة. ولم تغفل مريم عن توجيه رسائل ضمنية مثل جدوى العلاج في داخل السلطنة، كما أنّها لم تنس أن توجه رسائل شكر مباشرة لوالديها، ولمعلماتها، وللطاقم الطبي وكل من كانت له بصمة ساعدت مريم على التغلب على مرضها وصولًا إلى الشفاء التام، أدام الله الصحة على مريم، وألبسها ثوب العافية وكل الأطفال الذين يعانون من هذا المرض الخبيث. اختم هذه المقالة بأبيات شعرية نظمها والدها الشاعر خالد الرحبي قائلًا:   

في ساعة شهدت من الآلام شدتها    والجمع في محنة والخوف يغشاه

قالوا لمريم والأوجاع تعصرها      هل شباك خوف مما قد رأيناه

فقالت بصوت ضعيف ملؤه ثقة        أتحسبوني أخاف وربي الله