عمرو عبد العظيم
عندما نستمر في طرح خطة تكنولوجيا التعليم يأتي دور التدريس الرقمي، حيث تمثل عملية التدريس عنصرًا بالغ الأهمية في منظومة العملية التعليمية، وعندما تنوي المؤسسات التعليمية تطوير التدريس وهيكلته وفق خطة شاملة لدمج التكنولوجيا يجب أن تنطلق من فكر شامل يقوم على ربط عملية التدريس بالعناصر الأخرى في العملية التعليمية كالتعلم والتقويم والبنية التحتية والقيادة، وعندما نقوم بدراسة وتحليل ومقارنة الخطة الأمريكية لتكنولوجيا التعليم في الولايات المتحدة، وما يقابلها في سلطنة عمان فيما يخص التدريس، وننطلق للتحليل من الهدف في الذي حددته الخطة الأمريكية والمتمثل في أنّه سيتم دعم المعلمين من خلال التكنولوجيا التي ستمكنهم من الارتباط بالأشخاص والبيانات والمحتوى والموارد وخبرات التعلم التي يمكنها تمكينهم وإلهامهم لتوفير تعليم أكثر فعالية لجميع المتعلمين.
ومن هنا نجد أنّ الخطة ركزت على خمسة عناصر أساسية شملت: (الاتصال والبيانات والمحتوى والموارد الرقمية وخبرات التعلم)، ومن وجهة نظرنا نرى أنّها لا غنى عنها في تطوير التدريس ودمج التكنولوجيا حيث سيوفر الاتصال تفاعلا بين المعلم والمتعلم داخل وخارج قاعات الدراسة، وركزت الخطة على أهميّة حماية البيانات الخاصة بكل من المتعلم والمعلم، ويأتي المحتوى الرقمي المفتوح على رأس تلك العناصر الذي يوفر إثراءً كاملا لعملية التدريس تسهل على المعلم تعزيز التدريس تلك المحتويات، ويوفر أيضًا للمتعلم مصادر غنية جدًا تثري تعلمه، وتمثل خبرات التعلم مفتاح الحل الذي يسهل على المتعلم الوصول إلى المصادر ويدرك طرق الاستفادة منها وطرق توظيفها فيما يخدم المحتوى التعليمي، حيث توفر التكنولوجيا فرصة للمعلمين ليصبحوا أكثر تعاونًا ويوسعون نطاق التعلم خارج المدرسة، حيث تمكن التكنولوجيا المعلمين من إنشاء مجتمعات تعليمية مكونة من الطلاب والزملاء من المعلمين في المدارس والمتاحف والمكتبات وبرامج ما بعد المدرسة ومن خبراء في مختلف التخصصات حول العالم ومن أعضاء المنظمات المجتمعية وكذلك العائلات ويوفر هذا التعاون المعزز الذي تمّ تمكينه بواسطة التكنولوجيا إمكانية الوصول إلى المواد التعليمية بالإضافة إلى الموارد والأدوات اللازمة لإنشاء وإدارة وتقييم الجودة والفائدة.
ونجد الوضع في السلطنة في المقابل من خلال التحليل يحتاج عدة أمور خاصة بقضيّة الاتصال وسرية البيانات والمحتويات الرقمية وغيرها مثل إعداد وتأهيل المعلمين إلى أن إعداد المعلم وتدريبه يتطلب خطة متكاملة تضمن تدريب قائم على توظيف أفضل الأدوات التكنولوجية لتجويد مخرجات التدريس وفق منظومة للتحول التكنولوجي، ونرى أنّه لتفعيل هذه الرؤية تحتاج المدارس إلى دعم المعلمين في الوصول إلى التكنولوجيا المطلوبة وفي تعلم كيفية استخدامها بفعالية ولا يمكننا أن نتوقع أن يتحمل التربويون كأفراد المسؤولية الكاملة عن توصيل خبرات التعلم المستندة إلى التكنولوجيا إلى المدارس بل تحتاج إلى دعم مستمر وفي الوقت المناسب بحيث تتضمن التطوير المهني والتوجيه والتعاون غير الرسمي، وفي واقع الأمر وكما تشير الدراسات في هذا الجانب أن أكثر من ثلثي المعلمين يرغبون في المزيد من الأدوات التكنولوجيا في غرف الصف ويقول نصفهم تقريباً أن نقص التدريب هو أحد أكبر العوائق أمام دمج التكنولوجيا في تدريسهم ومن هنا يجب أن تركز المؤسسات في السلطنة والمسؤولة عن التطوير المهني قبل الخدمة وبعد الخدمة للمعلمين بشكل واضح على ضمان قدرة جميع المعلمين على اختيار وتقييم واستخدام التقنيات والموارد المناسبة لخلق الخبرات التي تعمل على تعزيز مشاركة الطلاب وعملية التعلم كما يجب عليهم أن أيضا أن يعيروا عناية خاصة للتأكّد من أنّ المربين يفهمون ويدركون أهمية هذه العملية ولديهم الدراية الكاملة بمخاوف الخصوصية والأمن المرتبطة باستخدام التكنولوجيا حيث لا يمكن تحقيق هذا الهدف دون دمج التعلم القائم على التكنولوجيا في تلك البرامج الإنمائية نفسها.
وختامًا يمكن للمعلمين أن يكونوا مرشدين وميسرين ومحفزين للمتعلمين لأنّ المعلومات المتوفرة للمعلمين من خلال الإنترنت فائق السرعة تعني أنّ المدرسين ليسوا مضطرين لأن يكونوا خبراء محتوى في جميع الموضوعات، بل من خلال فهم كيفية مساعدة الطلاب في الوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت والانخراط في محاكاة أحداث العالم الحقيقي واستخدام التكنولوجيا لتوثيق عالمهم ويمكن للمعلمين مساعدة الطلاب على فحص المشاكل والتفكير بعمق في تعلمهم باستخدام الأدوات الرقمية ومساعدتهم على إنشاء مساحات للتجربة والتكرار والمحاولة، واتخاذ الاحتياطات اللازمة ضد المخاطر الفكرية المحتملة مع جميع المعلومات التي يحتاجونها والتي تتوفر في متناولهم، ويمكن للمدرسين أيضًا الاستفادة من هذه المساحات لأنفسهم أثناء تصفحهم لفهم جديد للتدريس الرقمي الذي يتعدى التركيز على ما تعلمه الطلاب بل على كيفية تعلمه وطرق توظيفه والاستفادة منه.