عصا التطبيع تشقّ البحر ثانية

غسان الشهابي

أستعيد مرة بعد مرة، كلام الدكتور علي فخرو الذي ألقاه قبل بضعة شهور في الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع حينما انتقد مواقف المهرولين، بل المتسابقين للتطبيع مع العدو بحجّة التكنولوجيا مرة، والاستثمارات مرة قائلاً: "ألا توجد استثمارات في العالم إلا الآتية من إسرائيل؟ ألا توجد تكنولوجيا في كل الدول المتقدمة إلا تلك التي تصنّعها إسرائيل؟"... أستعيده وأستغرب هذه السرعة التي تتدافع المؤسسات الرسمية، وبعض المؤسسات الأهلية أيضاً في المنطقة للتعاطي مع العدو، بل وعلى مستويات رفيعة، وبصورة مقززة ورقيعة.

معلومٌ مدار الحديث، وهو المؤتمر العالمي لريادة الأعمال الذي تحتضنه مملكة البحرين خلال الفترة من 15-18 إبريل الجاري، الذي سيكون أحد أبرز ضيوفه وزير اقتصاد العدو، وأربع متحدثات صهاينة، ووفد يضم حوالي 50 صهيونياً... ألا يثير هذا شيئاً في النفوس؟ ألا يحرّك الدماء في العروق؟ دعكم من مكاتب مقاطعة إسرائيل الفاشلة والشكلية، والتي انتهت إلى كونها مخازن وتم تسريح موظفيها. ودعكم من كون القضية الفلسطينية قضية عربية إسلامية مركزية بامتياز، إذ جرى ويجري تذويبنا في العالم وتمييع كل أشيائنا، بما فيها هذه العقدة التي ظلت تُدعك لسنين طويلة علّها تلين... دعكم من كل هذا، أفنتخلى عن الحقّ أينما كان الحقّ؟ أيمكننا استقبال مجرمين في نظر الكثير من الدول والمنظمات والمجتمعات، ونحن من يسبغ على أيديهم مياه الخليج المالحة لعلها تطهر أيديهم من دماء الأبرياء على مدى أكثر من سبعين عاماً؟

هذا التسارع في التطبيع، وإدخال الصهاينة علينا من كل باب في دولنا، وبحجج فجّة، اقتصادية مرّة، وثقافية مرّة، وعلمية مرّة، ورياضية مرّة، إنما يُراد منه إنهاك الصفوف شبه المرصوصة، وإحباط عزائمه مقابل البيانات، فالقدم الصهيونية - للعار - تدعس على بياناتنا وتتخذها ممسحة عند أبواب مؤسساتنا الرسمية التي تستقبلهم بأذرع مفتوحة. حراك ممنهج لإدخال وعي شعوب المنطقة في دُوار وغيبوبة حتى لا تستطيع أقدامها أن تحملها على الوقوف إزاء هذه المخططات الواضحة المعالم.

إذا كان سيدنا موسى قد أمره ربه وضرب بعصاه البحر فانشقّ كالطود العظيم وأنقذ بني إسرائيل من فرعون، فمن ربّ هذه المؤسسات التي أمرها بضرب مجتمعاتنا لتمرير المشروع الصهيوني وإنقاذ المجرمين من نقمة الإنسانية على ما ارتكبوه من فظاعات؟!

 

تعليق عبر الفيس بوك