مفسرون للواقع

آلاء الغزالي

 

يتَّجه النَّاس إلى مفسرون للأحلام لأنَّ الأحلام في كثير من الأحيان تفتقر إلى المنطق ويُجهل السبب وراء حدوثها فيصعب على العقل استيعابها.. ولا عجب في ذلك فالأحلام تحدث في حالة من عدم الوعي الكامل ولهذا تحتاج إلى شرح وتفسير ..

ولكن الأمر المحير هو أننا نعيش في واقع أشد غرابة من الأحلام في بعض تفاصيله.. ونمر بأحداث يعجز العقل السليم عن إيجاد قالب منطقي لاستيعابها...أحدهم الآمر والناهي في جريمة وحشية الأولى من نوعها ثم يصفونه بالمحدث الملهم وآخر سفاح مغتصب لسلطة.. وسجون بلاده تضج بالأبرياء ويصفونه بأنه مجدد للأمة. وبلد حباه الله تربة خصبة تمكنه من أن يكون المورد الأول للمحاصيل الزراعية للدول العربية.. وشعبه يستورد من الخارج .. وحاكم مُقعد يُعاني من عدة أمراض يصعب عليه إعاله نفسه ويترشح لرئاسة بلد .. وصولا للحادث المأساوي لأبرياء في المسجد ومدافعون عن الجاني رموز من أعلام المسلمين .. ترى ما الذي يحدث في العالم وإلى أي اتجاه يسير.. باتت حواسنا في اضطراب نرى حاكماً يرتدي قبعة صفراء ويصفها الإعلام بأنَّها زرقاء. ترى أعيننا أحداثا وتقرأ شفاهنا تعليقا للأحداث ذاتها لايمت إلى الواقع بصلة..

حقائق تزور .. وقيم تسقط .. ومفاهيم تقلب رأساً على عقب .. وشعوب لازالت تنتفض من أجل الحرية والمطالبة بأبسط حقوقها...

إن تفشي الفساد والاستبداد والظلم أرهق الشارع العربي كثيرا.. وعطل نتاجه في الكثير من الأمور.. منذ زمن لم نر إنتاجا مبهرا مثريا لعالمنا العربي ..تأثر الإنتاج الفكري والفني والأدبي تأثرا واضحًا .. تأثر يخبرنا أن العنصر البشري المنتج لكل ذلك لم يعد على مايرام...السياسة أرهقته من جهة ووسائل التواصل الاجتماعي شتت تفيكره من جهة أخرى .. لم يعد لدى مفكرينا وأدبائنا ذاك الصفاء الذهني والاستقرار النفسي اللذين يقودان إلى الإبداع والتألق في الإنتاج ..

أصبحنا في عالم كل شيء يتراجع فيه إلى الوراء وحدها التكنولوجيا تتقدم إلى الأمام..

أصبحنا بحاجة إلى مفسرين للواقع لا مفسرين للأحلام.

تعليق عبر الفيس بوك