نمو قيمة سوق رأس المال الإسلامية إلى 1.91 مليار ريال بنهاية العام الماضي

ندوة دولية تستعرض آفاق التمويل الإسلامي بالسلطنة.. و"سوق المال": إسهام متزايد للقطاع في التنويع الاقتصادي

 

< السالمي: موافقة مبدئية لإصدار أول صندوقيْ استثمار عقاري إسلامي بقيمة 31 مليون ريال

< جارٍ العمل على وضع اللمسات الأخيرة لـ"لائحة التكافل"

< العمري: "المركزي العماني" يعمل على توفير مناخ استثمارات إسلامية أكثر تنوعا

< الوضع المالي للسلطنة "قوي".. ونضع في الاعتبار التصنيف الائتماني عند وضع الخطط المالية

< قانون تأمين الودائع الخاص بمؤسسات التمويل الإسلامي قيد الإعداد

 

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال

انطلقتْ، أمس، النسخة الرابعة من الندوة الحوارية لمؤسسة أخبار التمويل الإسلامي "IFN" 2019، والتي تنعقد بالتعاون بين الهيئة العامة لسوق المال ومجموعة رد موني (Redmoney) وتستضيفها مسقط، وتضم العديد من خبراء التمويل الإسلامي على مستوى العالم.

وحفلتْ قائمة المتحدثين والمشاركين بالجلسات الحوارية بكبار الخبراء في هذا المجال وصناع القرار والهيئات التنظيمية، وهدفتْ النقاشات إلى استكشاف فرص التمويل الإسلامي التي توفرها السلطنة، إلى جانب مناقشة اتجاهات السوق وغيرها من القضايا ذات الصلة. وألقى الكلمتيْن الرئيسيتيْن كلٌّ من: سعادة الشيخ عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال، وسعادة طاهر بن سالم العمري الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني.

وقال السالمي: إنَّ عقد هذه الندوة للمرة الرابعة في السلطنة يحمل أهمية خاصة بعد الاستجابة الواسعة من المشاركين في الندوات الحوارية السابقة التي عقدت بغرض التعريف بالتمويل الإسلامي، وبث الوعي بشأنه بين عامة الجمهور، علاوة على التباحث في التحديات التي تواجه سوق التمويل الإسلامي الذي ينمو بوتيرة متسارعة في السلطنة وبقية أنحاء العالم. وأشار إلى أن الحوار العماني -الذي بدأ للمرة الأولى في العام 2016- يجمع الجهات الرقابية ومشاركين من المؤسسات العاملة المحلية والأجنبية على مائدة واحدة تضم مسؤولين وخبراء رفيعي المستوى لتبادل الآراء ووجهات النظر حول واقع قطاع التمويل الإسلامي وتحدياته، والخطوات اللازمة لمزيد من التطوير والتنويع. وأضاف سعادته أنَّ الهيئة تدعم بقوة مبادرات المشاركين في السوق؛ حيث إن السوق المالية الحيوية -بما في ذلك التمويل الإسلامي- ضرورية لتطور ونمو واستقرار وتنوع الاقتصاد في السلطنة؛ بوصفها جزءا لا يتجزأ من الإستراتيجية الشاملة للهيئة، لتمكين سوق رأس المال من أداء الدور الحيوي المنوط بها؛ كأداة فاعلة لتمويل المشاريع خاصة الكبيرة منها، ووسيلة عملية للتنمية الاقتصادية.

وبين السالمي أن التمويل الإسلامي في السلطنة شهد تطويرا خلال فترة قصيرة، لا تتعدى 6 سنوات، كأحد أسرع شرائح صناعة الخدمات المالية نموا في السلطنة منذ تأسيس بنكين إسلاميين و6 نوافذ صيرفة إسلامية في أوائل العام 2013، ومنذ ذلك الوقت شهد قطاع سوق رأس المال الإسلامي إطلاق مؤشر سوق مسقط للأوراق المالية المتوافق مع الشريعة، ويضم 31 شركة مدرجة متوافقة مع الشريعة، و3 صناديق استثمار إسلامي، و3 إصدارات لصكوك سيادية عمانية، و4 صكوك تجارية بهياكل متنوعة مقومة بالريال العماني وبالدولار الأمريكي، كما توجد شركتا تكافل مرخصتان تزاولان مختلف أنشطة التكافل في السوق. وكشف السالمي أن الهيئة العامة لسوق المال أصدرت مؤخرا موافقة مبدئية لأول صندوق استثمار عقاري إسلامي؛ وهو صندوق أمان للاستثمار العقاري "أمان ريتس" من مجموعة ثراء العالمية للأعمال بقيمة 20 مليون ريال، وصندوق "ازدهار بركاء للاستثمار العقاري" بقيمة 11 مليون ريال من بنك مسقط، وإصدار ثان من بنك ميثاق في إصدار عام للمستثمرين الأفراد بموجب برنامج صكوك بقيمة 100 مليون ريال. ولفت إلى أن إصدارات الصكوك المتنوعة التي صدرت حتى الآن ستسهم في بناء مؤشر قياسي لمنحنى معدل الربح ليسهم في تشجيع المزيد من الإصدارات في السوق، معربا عن أمله في أن يكون ذلك حافزا للمزيد من إصدارات الصكوك في السوق مستقبلا. وتابع بأن تطور صناعة صناديق الاستثمار العقاري التي كُلفت بها الهيئة، تعد أحد مشاريع البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" ضمن إستراتيجية الحكومة للتنويع الاقتصادي وتحرير القيم والسيولة المالية الموجودة في شكل عقارات، وتوجيهها لتمويل مشاريع التنمية المختلفة، وهي في الوقت ذاته وسيلة لتحفيز الادخار والاستثمار لشرائح المجتمع المختلفة وبدائل للتنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية للسلطنة.

وكشفَ سعادته عن أنَّ الهيئة تعمل حاليا على وضع اللمسات الأخيرة على لائحة التكافل بالتعاون مع وزارة الشؤون القانونية؛ تمهيدا لإصدارها قريبا خلال هذا العام، مشيرا إلى صدور القانون الجديد للشركات التجارية مؤخرا والذي يتضمن أحكاما تكفل مزيد من المرونة والفعالية لإصدار منتجات سوق رأس المال بما في ذلك السندات والصكوك. وبموجب القانون الجديد ستشرف الهيئة على كل تعاملات شركات المساهمة العامة بما يعزز فعالية الإجراءات ويجعل الهيئة مركزا موحدا للتعاملات الخاصة بهذا النوع من الشركات، كما أوجد القانون مرجعية للشركات المتوافقة مع الشريعة ووضع لها ضوابط محددة.

وأكد السالمي أن الهيئة تسعى لوضع اللبنات التي تضمن وجود سوق فعالة وديناميكية للتمويل الإسلامي والتكافل، وقد بدأت بعض مبادرات الهيئة تؤتي ثمارها، وتجسَّد ذلك في نمو سوق رأس المال الإسلامية وسوق التكافل في السلطنة، حيث بلغت قيمة سوق رأس المال الإسلامية بنهاية العام الماضي 1.91 مليار ريال (تتكون من أسهم متوافقة مع الشريعة وصناديق استثمار وصكوك) تمثل 10.37% من إجمالي قيمة سوق رأس المال (التقليدية والإسلامية) المُصدَّرة في السلطنة، موضحا أن قيمة سوق رأس المال الإسلامية لا تشمل الصكوك السيادية الإضافية التي أصدرتها الحكومة عبر وزارة المالية خارج السلطنة والتي بلغت 2.5 مليار دولار أمريكي حتى الآن.

وفيما يتعلق بسوق التكافل، قال السالمي: إنَّ الأقساط التأمينية بلغت 53.16 مليون ريال بنهاية 2018، وتمثل 11.40% من إجمالي أقساط التأمين (التقليدي والإسلامي) في السلطنة، معتبرا ذلك "نموا كبيرا"، موضحا أنه لم تكن لسوق رأس المال الإسلامية والتكافل أية مساهمة تذكر قبل 6 سنوات. وأشار إلى أن الحجم النسبي لسوق التمويل الإسلامي في عمان حاليا كجزء من إجمالي السوق المالية، يعد إنجازا جديرا بالثناء، مقارنة مع الأسواق المالية الإسلامية الأخرى المتقدمة مثل ماليزيا ودبي، على أساس قصر الفترة التي عملت فيها وحجم الاقتصاد المحلي.

وتابع سعادته قائلا: نأمل أن تعمل المبادرات -التي تطلقها الهيئة والفهم المتنامي لهذه المنتجات، إضافة إلى الكفاءة والمنافسة والضمان- على بث الاطمئنان من قبل المتعاملين بأن هذه المنتجات متوافقة مع المقاصد الشرعية، وأن تسهم في تحفيز المزيد من الإصدارات لمنتجات سوق رأس المال الإسلامية؛ مثل الصكوك وإنشاء صناديق الاستثمار بما في ذلك صناديق الاستثمار العقاري بواسطة القطاع الخاص لتلبية احتياجات التمويل والتنمية وتنويع قاعدة التمويل بالتكامل والتعاضد مع المنتجات التقليدية.

وأكَّد أنَّ الهيئة لا يُمكن أن تقوم بكل المبادرات وحدها وإنما بالمشاركة الفاعلة والتفاهم والتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية، وعلى رأسها البنك المركزي العماني ووزارة المالية والدوائر التشريعية ووحدة دعم التنفيذ والمتابعة... وغيرها، إلى جانب مؤسسات القطاع الخاص، والتي ربما تكون أقرب إلى واقع السوق وحاجاته.

وأكد سعادته أهمية الاستماع إلى المستفيد النهائي من هذه المنتجات؛ إذ يحملون توقعات كبيرة يجب الاستجابة لها؛ إذ يرغبون في منتجات مناسبة وآمنة ورخيصة، وفي نفس الوقت مقنعة لهم بأنها شرعية، لافتا إلى أن هذا اللقاء يساعد على القيام بهذا العمل، في ظل حضور المشاركين في السوق وبصفة خاصة بنوك الاستثمار؛ مما يُعينهم على أداء الدور المنوط بهم لجذب الشركات إلى سوق رأس المال وإلى المنتجات الإسلامية بشكل خاص.

من جانبه، قال سعادة طاهر العمري الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العماني: إن إجمالي الأصول للبنوك والنوافذ الإسلامية مجتمعة وصل إلى 4.4 مليار ريال عماني بنهاية ديسمبر 2018، لترتفع حصتها من إجمالي أصول القطاع المصرفي إلى 13 في المائة، وارتفع رصيد التمويل الممنوح من البنوك والنوافذ الإسلامية في نهاية ديسمبر2018 ليبلغ 3.6 مليار ريال عماني مقارنة مع 3 مليارات ريال عماني في ديسمبر 2017، وسجل إجمالي الودائع لدى البنوك والنوافذ الإسلامية ارتفاعا ملحوظا ليصل إلى 3.3 مليار ريال عماني في ديسمبر 2018، مقارنة مع 3 مليارات ريال عماني في نهاية ديسمبر 2017. وأوضح العمري أن البنك المركزي يعمل على توفير مناخ استثمارات أكثر تنوعا من قبل المؤسسات التمويلية الإسلامية وعدم تركزها في القطاع العقاري.

وفي تصريحات على هامش الندوة، أكد سعادته قوة الوضع المالي للسلطنة، موضحا فيما يتعلق بالتصنيف الأخير أنه تم أخذه في الاعتبار عند وضع الخطط المالية، وأن البنك المركزي يعمل فيما يخصه على هذا الجانب.

وكشف أن مشروع قانون تأمين الودائع الخاص بمؤسسات التمويل الإسلامي قيد الإعداد؛ حيث إن القانون الحالي -الذي يضمن حتى مبلغ 20 ألف ريال عماني لكل وديعة مصرفية- لا يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وهو ما استلزم التعديل.

وتضمَّنت فعاليات الندوة جلسة حول تحفيز النمو من خلال الخدمات المصرفية الإسلامية، بما فيها أسواق رأس المال والتكافل في السلطنة؛ وذلك عبر منصة نقاشية ضمَّت: محمد بن سعيد العبري نائب رئيس قطاع سوق المال في الهيئة العامة لسوق المال، وسعود البوسعيدي مدير إدارة الخدمات المصرفية الإسلامية في البنك المركزي العماني، وعددا من المختصين.

واستعرضتْ الجلسة التالية إطلاق وتطوير سوق العقارات، إضافة لتقييم دور التنظيم وجودة الأصول وتنويعها في السلطنة. وضمت الجلسة عددا من الخبراء في المجال؛ من بينهم: سيف الدين أحمد رئيس إدارة الأصول في شركة المدينة للاستثمار، وعبدالصمد المسكري الرئيس التنفيذي لشركة ثراء جلوبال بيزنس.

وناقشت جلسة أخرى دوافع المصدرين والشركات والجهات الراعية عند تقييم عروض أسواق ومرافق رأس المال الإسلامي، إضافة إلى الدروس المستفادة من المعاملات الأخيرة في السلطنة. وأدار الجلسة أليكس روسوس الشريك في دنتونز، وشارك فيها محمد سجاري مدير الهيكلة الشرعية في بنك نزوى، ومحسن الشيخ محمد المدير التنفيذي الأول لقطاع الخدمات المصرفية الاستثمارية وأسواق رأس المال في ميسرة للخدمات المصرفية الإسلامية. أما الجلسة الأخيرة، فبدأت بعرض قدمته زينب سفياني من مؤسسة كاريرا للتعلم، حول الخدمات المصرفية الرقمية والتكنولوجيا في السلطنة ودول مجلس التعاون الخليجي، تلتها نقاشات ضمت كلًّا من: أحمد سالم بلجين مؤسس FinBrain للتكنولوجيا ورئيس قسم التمويل المصرفي الإسلامي في بنك صحار.

وشمل المنتدى ثلاث فعاليات؛ تضمنت ورشة عمل للطلاب حول أهمية الـ"فين- تك" (التكنولوجيا المالية)، وركزت على توفير فهم ونظرة عامة عن تجارة التجزئة الإسلامية، والخدمات المصرفية وأسواق رأس المال والقضايا التنظيمية في الشريعة المصرفية والمالية في السلطنة.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة

z