يوميات زائر لعمان (7)

عبدالرزاق بن علي

صباح يوم السبت كانت مدينة مسقط جميلة ونظيفة كعادتها. وكنت أتمشى في الشوارع المحيطة بالنزل في انتظار صديقي مختار وأحجم عن عادتي السيئة في التدخين لنظافة كل الأمكنة ولأني استحييت أن ألقي بأعقاب سجائري أرضاً كما أفعل في بلدي .. حضر صديقي وقمنا بجولة في المجمع التجاري القريب وانشغلت في شراء بعض الملابس لابنتي سارة وابني ياسين وأقسم علي مرافقي أن يتكفل بدفع ثمن بدلتين لي من ماله، ولم أجد بدًا من الانصياع لأمره لاحترامي له ولإصراره الشديد .

حضر الأخ عبدالله موظف الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون بسيارة الهيئة وأخذني مع صديقي الذي قبل دعوة الأخ سالم لصحبتنا في رحلتنا إلى مدينة نزوى. وحين التحق بنا مضيفنا كانت الشمس في كبد السماء تشع أنساً في الطريق إلى بيضة الإسلام ...مررنا على مدينة سمائل فالتقطت صورة لأحوازها وكتبت على صفحتي في الفيسبوك "مدينة سمائل بلدة الكاتب العماني المبدع حمود سالم السيابي" .واندهشت لتعليق فوري من سيد السلطة الرابعة في عُمان على منشوري" ذكر فيه بتواضعه الجم المعروف أنَّ سمائل أنجبت أعلامًا كباراً غيره ...

كان الطريق الجميل الذي يخترق عنوة في تحد وعناد الصخور الصماء للجبال الشاهقة يبعث في نفسي الرهبة، والإعجاب معا بقدرة الإنسان العماني على تجاوز الصعاب، والعراقيل في عصر نهضتها الحديثة. وكان أخي وصديقي سالم النعماني يتجاذب أطراف الحديث مع مرافقنا مختار في الوقت الذي كنت فيه أتمتم بالحمد شكراً لله الذي منحني على ضعفي من خير هذه الأرض الطيبة قبل زيارتها، ووهبني صحبة أخيارها قبل زيارتي، وأينما حللت منذ أول يوم وطأت فيه قدماي بواباتها الجوية. وما صادفت فيها أو منها إلا كريما يزاحم كريما ..

وصلنا مشارف مدينة نزوى، ونزلنا لزيارة مسجد اليعاربة الذي بناه الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي رحمه الله قبل ما يزيد عن 320 سنة في بركة الموز. وكانت الأفلاج العمانية التي تمر حذوه تحمل من ينابيع المياه الساخنة في أعالي الجبال المحيطة الحياة والخضرة والشفاء. وكان أخي سالم النعماني مضيفنا ورفيقنا في الرحلة هادئا، وبشوشا، وملماً بجغرافية المكان وتاريخه، ولا يخفي اعتزازه بأنه من هذه الأرض الطيبة.. دعانا للغداء في مطعم تديره سيدة عمانية مهذبة استقبلتنا بحفاوة في الفضاء الجميل قبل أن نتجه إلى قلعة نزوى الشهيرة لتستقبلنا المدافع التاريخية على بوابتها. ويطالعنا أضخم الأبراج الدائرية وأعظمها، ونتوه في الممرات المعقدة وتطالعنا آبارها السبعة، وسجونها وفتحات أعلى الحصن حيث كان جنود الإمام سلطان اليعربي يرابطون لحماية عاصمة عمان الأولى .. قمنا بجولة في سوق نزوى القديم حيث كانت الحلوى العمانية الشهيرة تملأ المكان مع الفواكه الموسمية ومختلف أصناف السلع في فضاء تراثي جميل لايخلو من متعة مضمخة بسحر الماضي الجميل، بعد صلاة المغرب أخذنا طريق العودة إلى مسقط ولكني كنت حزينًا لمفارقة هذه المدينة التي تمنيت أن أمكث بها لإحساسي بأني جزء من هذا الماضي الذي أوجدها والحاضر الذي تفخر به.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك