فن التواصل

دانة المخينيَّة

هناك فنون نتعلمها من الحياة، أو من أحداث على أرض الواقع، أو حتى من فيلم سينمائي؛ فالأمر لم يعد حِكرا على كِتاب أو مَعهد أو مَدرسة؛ فمثلا: يُمكننا أن نتعلم فن التواصل الإداري من كرة القدم؛ فهذه الرياضة لم تعد مدرسة كروية فقط نتعلم منها الخطط التكتيكية والفنية، بل يُمكننا أن نستفيد ونتعلم منها الأمور التاريخية والاقتصادية والإدارية؛ فجوزيه مورينيو الـ special one كما يسمي نفسه أو كما يسميه عشاقه، لم يبقَ المدرب الأول الذي عهدناه سابقا؛ فبعد النجاحات الكبيرة التي حققها البرتغالي أصبح الإخفاق بابه الأول.

مُعادلة سهلة تجاهلها مورينيو أدت إلى إقالة، فحتى لو كنت من أفضل مدربي العالم وتملك أفضل الخطط والمهارات التكتيكية، لكنك تفتقد إلى فن التواصل وتفشل في التواصل مع فريقك في غرف الملابس، فأنت هنا قد تتعرض للإقالة، ليس مرة، بل ثلاث مرات، فبعد ريال مدريد الإسباني وتشيلسي الإنجليزي، يأتي نادي مانشستر يونايتد ليسدِّد الضربة القاضية في ملف المدرب المحنك، مدرب يملك كل المهارات التكتيكية والخبرات العالية، لكنه للمرة الثالثة تواليا يفشل في إدارة غرفة الملابس، يفشل في التواصل مع نجوم فريقه، فبعد الحرب التي شنَّها على إيكار كاسياس حارس ريال مدريد وبعض لاعبي نادي تشيلسي الإنجليزي، ها هو الآن يقع ضحيةً لحربٍ جديدةٍ أمام الفرنسي بول بوغبا لاعب مانشستر يونايتد، حربٌ استمرت طويلا أدخلت النادي في توّتر ومشاكل كثيرة، أدت لإبقاء بوغبا على مقاعد البدلاء في عِدة مباريات، تواصلت أصداؤها إلى ديربي الشمال أمام الخصم اللدود ليفربول، التشتت كان واضحا على مورينيو وفريقه، ليفربول يهيمن ويسيطر، ومانشستر يخسر بنتيجة ثقيلة ويقيل مورينيو.

معادلة فشل مورينو في تحقيقها، عجرفته وغروره لم يسمحا له بالاعتراف بأخطائه وحل مشكلاته قبل تفاقمها، برأيي أن إدارة مانشستر لم تُقِل مورينو لأن ليفربول فاز وأمتع، بل لأن يورجن كلوب مدرب نادي ليفربول الـ Normal One تفوق تكتيكيا وإداريا؛ حيث أظهر في تسعين دقيقة ما لم يستطع مورينيو إظهاره، يورجن كلوب هو الأب الروحي للاعبي ليفربول قبل أن يكون مدربا لهم، فهو دائما ما يحتضنهم ويشجعهم ويحفزهم على تقديم الأفضل، وهذي هي صفات المدرب القيادي الفذ.

فمن أفضل من كلوب ليلقن مورينو درسا إداريًّا في فن التواصل؟

ونستخلصُ من ذلك أن التواصل الإداري هو الأساس في إدارة أي عمل كان، فمن دونه لا يمكن لأي مؤسسة النجاح، وأنّ الأخطاء الإدارية قد تؤدّي إلى نتائج مكلفة وخسائر كبيرة معنوية قبل أن تكون مادية.

غاب التواصل مع مورينو ولاعبي مانشستر يونايتد فغابت الانتصارات والألقاب وخسر النادي ماديا وتحطم اللاعبون معنويا، فغاب الإبداع وغابت البطولات عن الشياطين الحمر

danawrites@gmail.com.

تعليق عبر الفيس بوك