لحظة وفـــاء


نبيه شعبو | سوريا

كالعادة هما على موعدٍ مع القرية, في عطلةِ الأسبوع يملؤهما الشوق والحنين الدائم الى أجوائها الساحرة وهي  التي عتقّتِ حروف اسميهما على جذوع حورها...وكم سرحا في براريها في مواسم الهندباء والزعتر البريّ..... في تلك الأمسية الشتائيه الباردة, وحيدان وسط صخب الطبيعة...وضعَ قطعةَ خشبٍ في جوفِ المدفأةِ ,استرخى على  مقعدهِ يتأمل ألوان اللهب المتراقص من خلال زجاجتها الصغيرة وهي ترسم  لوحةً للدفء تستنهضُ الذاكرة التي انفلتت من مكمنها كفرسٍ جموحٍ تعبر صوب دروب  العمر.... أحسَّ وكأنَّ بريقاً  يتسع في عينيه وهو  يتفرسُّ وجهها الذي بدى متألقاً جميلاً رغم البصمة التي تركتها الأيام على الخطوط السمر مرتسمةً على محيّاها خارطة عمرٍ خط على سطورها قصائد عشقٍ وانتماءٍ وكأنه  يريد أن يقرأ منها في هذهاللحظات لكي يبعد عنها  صدأ النسيان وهو ينزع قشور السنين عن ذاكرةٍ تمتدُ من ذلك  اللقاء الذي حّولهما الى عاشقين مروراً بأسراب النهارات التي عبرت محطات حياتهما.... بعضها  اكتناز سعادةٍ وصفاء.... وبعضها وجع وقحط.... يستحضرولديهما ذلك الجنى الثمين على بيادر النجاح وهما يعبران الدروب التي رسماها لهما نحو مواسم العطاء والتميّز... أحست بنظراته المنغمسة في كيانها في عمقٍ وتبصر... سألته :ما بك!! ابتسم لقد كنت  في معراجٍ يمتدُّ بين مطلِّ وجهك في لقائنا  الأول وبين  حضرة وجهك الأن وما بينهما من فصول العمر الجميل  ...تململت في مقعدها... امتزجت  الابتسامة مع دمعةٍ بحجم بحرٍ من الحنين سرعان ما انسكبت على سطح خدّها وكأنها سمعت كل الحكايا التي جالت في خاطره في تلك اللحظة.... نهضت... اقتربت منه..... همست في مسمعه... كم أنا ممتلئة في حبك.....

 

تعليق عبر الفيس بوك