حمود بن علي الطوقي
في مقالي المنشور في هذا العمود تتطرقت الأسبوع الماضي وتحدثت عن موضوع الباحثين عن العمل وجاء المقال رداً على مقطع لأحد الأشقاء أقحم نفسه للحديث عن موضوع لا شأن له فيه خاصة وأنه تحدث عن موضوع الباحثين عن العمل وساق أدلة غير حقيقية وخاطئة، الأمر الذي جعل العديد يدلون بدلوهم حول هذا المقطع.
حقيقة الأمر لم أتوقع ردود الأفعال على مقالي وتفاعل معه العديد من القرّاء وتداول بشكل واسع في شبكات التواصل الاجتماعي، ما لفت انتباهي مداخلة من أحد الأصدقاء معلقاً عن المقال خاصة عندما اختتمت مقالي بهذه الفقرة: "فالسؤال الذي يفرض نفسه كيف يُمكن أن نقضي على مشكلة الباحثين عن العمل؟ هنا أقول يتطلب إعادة دوران الاقتصاد للاستغناء عن النفط كمصدر دخل أساسي والبحث عن مصادر جديدة للدخل ولا شك أن رؤية عمان 2040 احتوت على كل مقومات النجاح وحتمًا ستحقق ما ينشده المواطن".
وعلق أحد القرّاء على مقالي قائلاً: سؤالك في محله وفي آخر المقال جميل.. ولكن في وجهة نظري أرى أن مشكلة الباحثين عن العمل لن تحل ما دامت الحكومة تعتمد على المستشارين الوافدين ولن تحل هذه المشكلة إلا بتغيير المستشارين والخبراء الأجانب الذين يعملون مع صناع القرار من المواطنين.
هناك من القرّاء من يرى أن أغلب المخططين والمستشارين من الوافدين .. ويتولون كتابة القوانين واللوائح بلغة قانونية تجعل الأجنبي في وضع أفضل من المواطن. وهذه هي إحدى أهم العراقيل التي تُعيق من دخول المواطنين إلى سوق العمل وتحد من دفع عجلة التعمين.
من الردود التي وصلتني أيضاً وأحب أن أشاركها القرّاء الأعزاء أحدهم أرسل لي معلقاً على المقال وقال:هناك أبعاد أخرى تتمثل في المتقاعدين فمثلاً أنا مواطن متقاعد باختياري.. وأستطيع أن أتكيف مع الوضع ولكن عندما نتحدث مع هذه الشريحة خاصة من الكفاءات الوطنية نرى أن قرار تقاعدهم إجباري رغماً عنهم لأنهم وصلوا سن الستين. وهو سن التقاعد وهذا لا غبار عليه فهذا هو القانون ويجب علينا أن نحترم القانون، ولكن المضحك في الأمر. أن هذا القانون لا يسري على الوافد فالمواطن عندما يصل سن التقاعد يُحال للتقاعد وفِي نفس الوقت يكافئ الوافد بالتجديد له على الرغم من أنه تجاوز الستين والسبعين من العمر.
وأضاف معلقاً وقال سأسوق لك مثالا آخر
المتقاعد الأجنبي يستطيع العمل بالمؤسسات الحكومية العمانية .. بينما المتقاعد العماني لا يستطيع. وهنا نرى أن التشريعات والقوانين هي في صالح الوافدين يحصل على امتيازات كثيرة تتمثل في تذاكر السفر السنوية له ولأسرته وتأمين صحي. وتوفير وسيلة النقل وربما منزل ومزايا أخرى، التي لا يحصل عليها المواطن.
ومن الردود التي وصلتني أيضًا من أحد القرّاء أن ما يلاحظه هو عدم الجدية في حل هذه المشكلة على الرغم من أن الجميع يتفق أن مشكلة الباحثين عن العمل حلولها سهلة ولكن لماذا تتفاقم عامًا بعد عام، فيمكن ببساطة قراءة سبب تفاقم هذه المشكلة عندما تعلن جهات حكومية والقطاع الخاص عن طرح الوظائف وستجد أن الإعلان يضع شروطًا صعبة للمتقدمين للوظائف ويطلب مثلاً من المواطن العُماني الذي يتقدم للوظيفة أن يحمل شهادات علمية ومهنية وخبرة في مجال الوظيفة تصل إلى عشر سنوات وعشرين سنة وبعض الإعلانات تطلب في شروطها خمس وعشرين سنة. وهذا يعني أن المواطن لا يمكنه أن يقترب من هذه الوظيفة بسبب عدم التطابق في الشروط وتشعر وأنت تقرأ الإعلان كأن الشروط للحصول على الوظيفة مكتوبة نصيًا لإبعاد العماني وخاصة الخريج الحديث وتمهد الطريق سهلة ومفروشة بالورود للأجنبي الذي قد يتقدم للوظيفة ويحصل عليها حتى إذا تطلب منه الأمر أن يزور شهاداته.
ردود وآراء كثيرة وصلتني حول قضية الباحثين لايسعفني المجال لنقلها ولكن مجمل الآراء تتوافق وترى أن هذا الملف سيظل يحمل عبئاً ثقيلاً للحكومة وللقطاع الخاص إذا لم تسارع الحكومة الخطى في وضع العلاج على الجرح، خاصة وأنَّ الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها بلادنا تحتاج إلى إعادة التفكير وطرح برامج تحفيزية وتدريبية تساهم في إحلال العمانيين محل الكثير من الأجانب، وهذا الأمر في وجهة نظر الكثيرين ممن يتحدثون عن توظيف العمانيين أمره سهل ويتطلب الاهتمام بالكوادر الوطنية ومنحها الفرصة للتميز والإبداع ولن يتحقق هذا الأمر إلا بوجود قرار صارم بتغيير صناع القرار الحقيقيين في شأن توظيف العمانيين .. وهم المستشارون والخبراء الأجانب.