مهرجان مسقط والحاجة إلى التجديد

د. سليمان المحذوري

لا يختلف اثنان على أهميّة المهرجانات اقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا؛ بل الأهم من ذلك كيف يُمكن صناعة مهرجانات جاذبة تفرض نفسها بجدارة واستحقاق بين المهرجانات الإقليميّة والعالميّة. إنَّ صناعة سياحة مُستدامة تتطلب رؤية واضحة، وتكاملية في الأداء والتنفيذ من أجل تحقيق نتائج ملموسة تُسهم في تحريك الاقتصاد الوطني، وزيادة الناتج القومي. أُسدل الستار مُؤخرًا على مهرجان مسقط لهذا العام 2019م، فشكرًا لبلدية مسقط على تنظيم هذا الحدث السنوي الذي يعتبر متنفسًا لكثير من الأسر العُمانية لاسيما أنه يتزامن مع إجازة منتصف العام الدراسي لطلاب المدارس، إلى جانب تحقيق فرص وظيفية وتسويقية للعُمانيين خلال فترة المهرجان حتى وإن كانت قصيرة، كما يُعد المهرجان فرصة جيدة للتعريف بالمقومات الحضاريّة التي تزخر بها السلطنة كوجهة سياحيّة واعدة في المنطقة.

انطلق مهرجان مسقط رسميًا عام 1998م، أي منذ أكثر من عشرين عامًا، وبعد هذه الفترة الطويلة نسبيًا يتبادر إلى ذهني مجموعة من التساؤلات لعل أبرزها ألم يأن الأوان لتقييم هذا المهرجان سواء من حيث المضمون والفعاليات أو الترويج والتسويق أو الجدوى الاقتصادية وما إلى ذلك من جوانب؟ وبعيدًا عن المجاملات. ألم يكن هنالك رصد لما يُطرح في وسائل التواصل الاجتماعي من تذمر وامتعاض لما قدمه المهرجان؟ لذلك فإنني اقترح توقيف المهرجان لمدة سنة واحدة ريثما يتم تقييم التجربة تقييمًا شامًلا للخروج بنتائج يُمكن البناء عليها مستقبلًا. مع أهمية إشراك المجتمع في هذا الأمر خاصة فئة الشباب، والاستفادة من آرائهم وأفكارهم في تطوير المهرجان.

وفي مقال لي بعنوان "صناعة المهرجانات السياحية" المنشور بتاريخ 10 فبراير 20018م في هذه الجريدة أشرت إلى جملة من النقاط التي تخصّ مهرجان مسقط منها على سبيل المثال أنَّ "المهرجان منذ انطلاقته تنقل بين عدة أماكن في محافظة مسقط. ومن وجهة نظري، من الأهمية بمكان وجود مكان ثابت متعارف عليه بين الجمهور؛ بحيث يكون مقصدًا سياحيًّا مزوَّدا بجميع المرافق التي يحتاجها الزائر" . مع تأكيدي على أهمية التكاملية في الأدوار بين الجهات لتحقيق النتيجة المرجوة".. فمثلاً مهرجان مسقط الذي تنظمه وتشرف عليه بلدية مسقط هو مهرجان عُمان، وليس مهرجان البلدية. وما يحدث حالياً أنَّ هذه الجهة هي من تتحمل كافة مسؤوليات التنظيم مع مشاركة متواضعة من بعض الجهات؛ إلا أنّ واقع الحال يقتضي أن تكون هنالك مشاركة واسعة وتكاملية من قبل كافة الجهات ذات العلاقة بموضوع السياحة؛ مثل: المجلس الأعلى للتخطيط ووزارة السياحة، ووزارة التراث والثقافة، والهيئة العامة للصناعات الحرفية، والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ودار الأوبرا السلطانية والطيران العُماني وهيئة ترويج الاستثمار وتنمية الصادرات وغيرها من الجهات المختصة؛ بحيث تعمل كفريق واحد، وبخطة محكمة واضحة؛ لضمان نجاح وديمومة المهرجانات السياحية في السلطنة" مع عدم إغفال دور القطاع الخاص كشريك أساسي.

وبلا شك أنّه ليس الهدف هو إقامة المهرجان لمجرد إقامته وكفى، وإنما إيجاد مهرجان يعوّل عليه سياحيًا واقتصاديًا، وبالتالي فإنِّه لا بد من صناعة مهرجان تنافسي، وبرؤية جديدة، وحُلّة عصريّة تجعله يستقطب أكبر شريحة مُمكنة من الزوار من داخل السلطنة وخارجها.

 

 

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك