معدلات الخصوبة والاحلال السكاني... وخطط التنمية

 

د. نورة بنت سيف الحوسنية

طبيبة استشارية... صحة المرأة والطفل

كثيرا ما نسمع عن الخلط بين معدل الخصوبة الكلي وبين عدد الأطفال لكل أسرة، لذا من المهم أن نوضح أنّ معدل الخصوبة الكلي هو متوسط عدد الأطفال لكل امرأة في سن الإنجاب.

أي أن هناك من ليس لديها أطفال وهناك من لديها خمسة أطفال أو أكثر. وهذا المعدل هو متوسط عدد الأطفال لجميع النساء في سن الإنجاب.

أمّا معدل الإحلال فهو الحد الأدنى من عدد الأطفال الذي ينبغي أن تنجبه كل امرأة خلال حياتها حتى يظل عدد السكان في المجتمع ثابتاً دون تغيير خلال السنوات والعقود القادمة.

ومعدل الإحلال ليس ثابتا وله محددات كالوفاة والهجرة ونسبة الإناث للذكور في المجتمع.

وعالمياً يحتاج الجنس البشري إلى معدل إنجاب يبلغ حوالي 2,3 لكل زوجين، حتى يظل عدد أفراده ثابتاً على ما هو عليه حالياً، إذا ما اخذنا في عين الاعتبار كثرة الوفيات في بعض الدول التي تعاني من الحروب والمجاعة والفقر، ويموت أفرادها بشكل أكبر من دول العالم المتقدمة.

وتمثل معدلات الخصوبة والإحلال لكل بلد أهمية كبرى فيما يتعلق بالخطط التنموية وتوفير الخدمات المستقبلية للسكان كالتعليم والخدمات الصحية والنشاط الاقتصادي أيضا. لذا فمن المهم أن يكون هناك توازن بين معدلات الخصوبة والإحلال.

وتشير الإحصائيات إلى أنّ عدد سكان العالم حاليا يبلغ 7.7 مليار نسمة، فيما تتوقع الأمم المتحدة أن يرتفع هذا العدد إلى 9.8 مليار نسمة بحلول عام 2050، ثم يتجاوز 10 مليارات بنهاية هذا القرن.

ولكي نسهل فهم هذه المصطلحات ونربطها بالواقع، فإنّ معدل الخصوبة الكلي في أغلب البلدان المتقدمة الآن يتوقف عند مستوى أقل من مستويات الإحلال، ففي ألمانيا واليابان، يقل المتوسط عن 1.4 طفل لكل امرأة. وأعلى مستويات الانحدار في معدل الخصوبة حدث في الصين حيث أصبح المعدل 1.8 نتيجة لسياسة الطفل الواحد وكذلك في الهند التي تزيد فيها نسبة الذكور على الإناث نتيجة للانحياز الجنسي للذكور Gender Bias.

أماّ في الدول الفقيرة، فقد تزايدت معدلات الخصوبة -حسب الأمم المتحدة- وأدى ذلك إلى تنامي معدلات الفقر وتآكل نصيب الفرد من الدخل القومي، وكذلك زيادة ضغط الطلب على القطاع الخدمي خصوصاً الصحة والتعليم.‏

وتأتي الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "مينا" في المرتبة الثانية بعد إفريقيا من حيث معدلات الخصوبة، حيث ظل متوسط المعدل أعلى من معدل الإحلال، برغم تراجعه السريع من 5.2 أطفال لكل امرأة عام 1990 إلى 3.4 في 2014.

ونظرا لارتفاع معدلات الخصوبة في الدول العربية؛ فقد زادت أعداد الشباب، مما ضاعف الحاجة إلى تحقيق نمو اقتصادي سريع وضرورة مواءمة التعليم والتدريب مع متطلبات سوق العمل، حتى تكون تلك الزيادة في أعداد الشباب رافدا تنمويا. وإن لم يحدث ذلك فستكون زيادة معدلات الخصوبة مصدرا للمشكلات وتؤثر سلبا على المجتمع بدلاً من أن تساعد في ازدهاره مستقبلا.

بقي أن نعلم بأنّ معدل الخصوبة الكلي للنساء في السلطنة بلغ 4 مواليد أحياء لكل امرأة في سن الإنجاب، مقارنة بـ 2.4 في السعودية و3.5 في مصر لعام 2016.

 

تعليق عبر الفيس بوك