الشورى والفترة القادمة

 

جوخة بنت علي الشماخية

 

مجلس الشورى العماني مجلس برلماني، يتم انتخابه عن طريق الشعب، وهو أحد جناحي مجلس عمان الذي يضطلع بصلاحيات تشريعية ورقابية واسعة، وفقاً لما بيَنه النظام الأساسي للدولة، بما يخدم الصالح العام للوطن والمواطنين، والمجلس يقوم بدوره منذ إنشائه في عام 1991م.

السلطنة قريبا ستكون على موعد مع انتخابات مجلس الشورى للفترة التاسعة 2019م، حيث سيتم اختيار أعضاء المجلس الممثلين لكل ولاية من ولاياتها، وذلك من خلال عملية انتخابية منظمة، ولكي تحقق منظومة الشورى أهدافها المنشودة لابد أن تتكاتف ثلاثة أطراف أساسية، التي لها الدور الأكبر في نجاح المجلس، هذه الأطراف هي: الحكومة والمُرشِّح والمترشِّح، أما عن دور الحكومة فينبغي أن تضع شروطا تنافسية محددة وصارمة، إذ إنَّ سيساعد على ترشّح النخبة من أفراد الشعب، ومن الضروري إعطاء هذه الشروط نسبة معينة، وعدم الاعتماد على عدد الأصوات فقط، لأن بعض الأصوات لا تكون نزيهة، فلا يخفى على أحد بعض التصرفات غير اللائقة التي يقوم بها بعض المترشحين في فترة ترشّحهم أو قبلها بقليل؛ بهدف جذب أصوات المواطنين، كالرشوة واستغلال المنصب القبلي والمكانة الاجتماعية والتقرّب من أفراد المجتمع بصورة أو بأخرى، والتي لا يجزم عاقل بأنها معايير كافية لاختيار المترشِّح، أما بعد وصول المترشِّح للمجلس، فمن الضروري إعطاؤه صلاحيات كافية، ومنحه فرصة أكبر للمشاركة في اتّخاذ القرارات؛ من أجل كسب ثقة مرشحيه، فحين لا يشعرالمواطن بأن عضو مجلس الشورى متضامن مع مشكلاته وقضاياه، ويسهم في حلّها، فإنَّ ذلك سيولّد داخله نظرة سلبية تجاه المجلس وأعضائه، مما يجعله يمتنع عن المشاركة في الفترات الانتخابية التالية، وهذا ما نلمسه حاليًا من خلال الآراء التي يطلقها العديد من المواطنين في المجتمع وعبر وسائل التواصل المختلفة. أما بالنسبة للمترشح فينبغي ألا يقدم على الترشّح إلا من يمتلك القدرات والمؤهلات والثقافة البرلمانية والمجتمعية التي تجعله مؤهلاً ليكون في قبة البرلمان، ويقوم بالمهام المنوطة إليه، وليضع كل راغب في الترشّح أمام عينيه أن عضوية مجلس الشورى تكليف وليست تشريفًا، وإنها لأمر عظيم يقتضي الأمانة والنزاهة، فالشورى مسؤولية أمام الله قبل أن تكون أمام الناس، وليس كما ينظر إليها البعض على أنها منصب ولقب(سعادة) ونيل الامتيازات الممنوحة للعضو، ورعاية الفعاليات، فالوطن الآن يمر بمنعطفات وتحديات عدة، تحتاج إلى عضو مثقف وواع، قريب من عامة الشعب، يلتقي بهم، ويتلمّس شؤونهم وقضاياهم وهمومهم، ليبحث فيها، ويضع الحلول والبدائل المناسبة لها، ويناقشها مع المجلس، لكي يوصل صوت المواطن، ويكون صلة وصل بينه وبين الحكومة. أما إن جئنا إلى المرشِّح فيكاد يكون أهم الطراف الثلاثة، لأنه هو من بيده اختيار الشخص الذي سيمثّله في المجلس، فهنا يتوجّب عليه أن يختار من يتوسّم فيه النزاهة والكفاءة، ومن أهم الأمور التي قد تعينه في ذلك معرفة السيرة الذاتية للمترشّح وخبراته وثقافته وقدراته وعطائه في وظيفته ومجتمعه، ولا يمنع أن يلتقي به، ويستمع إلى أهدافه من الترشّح، ويقف على مدى فهمه ووعيه بتحديات بلده. إن المرحلة القادمة مرحلة تحديات، بحاجة إلى أن يتعامل معها ممثّل المجلس بجدية ومنهجية، من شأنها أن ترسم مستقبلا أفضل للوطن والمواطن، فبالتالي نريد من المجتمع أن يتكاتف معًا لاختيار ممثله الكفء، وفقا للمعايير الموضوعة، وليس لمعايير القرابة والقبيلة والمصلحة الشخصية وما شابه ذلك من أمور قد سئم الناس منها، فترة الشورى للفترة الثامنة ربما شهدت تغييرا إيجابيا في اختيار ممثلي المجلس على مستوى بعض الولايات، حيث راعى بعض الناخبين المستوى التعليمي والثقافي في مرشّحهم، والمجتمع الآن بحاجة أكبرإلى أن يكون أكثر وعياً بمعايير الاختيار للفترة القادمة وهي الفترة التاسعة من عمر المجلس، نظرا للمتغيرات العالمية والمحلية بشتى أنواعها، اقتصادية وسياسية واجتماعية وتكنولوجية، والسلطنة تقع وسط هذه المتغيرات، فهي جزء من هذا العالم. كذلك يّرجى الابتعاد عن الاستماع إلى الأصوات التي تدعو بصورة غير مباشرة إلى عدم المشاركة في الانتخابات القادمة؛ لأنَّ ذلك ببساطة سيفسح الفرصة بصورة أكبر لوصول المترشحين غير الأكفاء، وإن فعلنا ذلك فإننا سنظلم مجتمعنا، ثم سنرجع ونتذمر من الممثّلين، والحقيقة التي ينبغي أن يُدركها كل مواطن على أرض عُمان هي أن مجلس الشورى مجلس تشريعي، لا يمكن أن يُحلّ لمجرد التذمر.

 

تعليق عبر الفيس بوك