يوميات زائر لعمان

 

عبد الرزاق بن علي

حين ودعت ابني ياسين، وابنتي سارة، وأمهما، واتجهت إلى مطار قرطاج، لم يكن يدور في ذهني شيء آخر غير بعض الأمنيات البسيطة، وكثير من الشوق لبلد بادلني حبًا بحب ومنحني ما يمنحه لأبنائه الطيبين من خير وفضل.. كان أزيز طائرة الخطوط الإماراتية الرابضة في مطار العاصمة التونسية يطغى على لكنة المضيفة الشقراء التي ترطن بلغة إنجليزية وجدت صعوبة في فهمها.. ولكني تبينت أنها تدلني على مقعدي الذي يقع بين سيدة كورية عجوز وشابة تونسية تسافر إلى دبي، ومنها إلى عاصمة أفريقية للالتحاق بعملها. التمست من السيدة العجوز شاحناً لبطارية هاتفي، وتمنيت للفتاة رحلة موفقة ...انشغلت حين إقلاع الطائرة بالبحث في الشاشة التي أمامي عن تلاوات محمد صديق المنشاوي في حين كانت السيدة العجوز تخلد إلى النوم... تدافعت وتزاحمت في ذهني خلال رحلة تونس دبي الطويلة أجمل الذكريات مع الأصدقاء العمانيين وامتزج تقديري واحترامي واعترافي بالفضل لهم جميعًا بإعجابي بمقالات كاتب السلطنة المبدع حمود سالم السيابي وأشعار: فهد السعدي ومطر البريكي وعامر الحوسني وحسن المعشني وأغاني: سيف الريسي وأحمد غدير وعاصم الرحيلي وأحمد الحارثي وصور قلاع عُمان التاريخية مع مناظر شطآنها الخلابة التي لم يتح لي رؤيتها إلا عبر الشاشة الصغيرة.. ولم انتبه من سحر الذكريات الجميلة إلا حين حطت الطائرة الإماراتية في مطار دبي حيث تهت في الزحام الكبير للبحث عن مقصورة للمدخنين وسط هذا الفضاء اللامتناهي في اللافتات، وصلتني الرسائل عبر" الإيمو" تتري من ابني ياسين وحاولت الرد على محاولاته الملحة في الاتصال بي ولكن ضعف الشبكة لم يمنحني غير القدرة على كتابة بعض الرسائل المطمئنة لعائلتي في حي الغزالة ..

في الهزيع الأخير من الليل كانت جلستي وحيدا عبر الرحلة إلى مسقط من دبي تبعث في نفسي الحنين إلى خلاني الذين أحببتهم بصدق الرجل الريفي القادم إلى العاصمة من أعماق جهة سيدي بوزيد بلا سند.. وحين حطت الطائرة في مطار مسقط الباذخ الجديد تهيبت عظمة أول مشهد صادفني في عمان ...كان مطار مسقط في الساعة التي تسبق الفجر مهيبًا وفخماً بلا حدود وكانت ابتسامة رجل الأمن المرحبة حين استلم جواز السفر للختم بعد انتظار بسيط تمنحني الراحة بعد سفرتي الطويلة بلا نوم ...

استلمت حقيبتي وهممت بالخروج فنبهني صوت يدعوني باسمي في القاعة الخارجية للمطار، رحب بي الرجل الأنيق مبتسما وأعلمني أنه المكلف باستقبالي مع ضيوف المهرجان. أصر بعناد على التكفل بوضع حقيبتي في السيارة التي كانت تنتظر ودفع مقابل الشريحة العمانية التي أردت اقتناءها لهاتفي..

حين كانت السيارة تطوي الأرض في الطريق السيارة الشاسعة الجميلة إلى مدينة المصنعة كان السائق المهذب يرحب بي بكلمات راقية وكانت أعلام عمان علي جانبي الطريق السريعة تمنح المكان بهاء وفخامة.

علمت من السائق أن ضيفاً قادماً من العراق بعد ساعة فقط من وصولي وأن سيارة أخرى في انتظاره. وحين سألته لماذا لم ننتظره لتوفير الجهد والسيارة مع بعد المسافة أجابني بلطف حتى لا نثقل عليكم بالانتظار نحن نعلم أن رحلتكم كانت طويلة. ابتسمت وقلت في نفسي: لا تعجب فأنت في عمان.

يتبع..

تعليق عبر الفيس بوك