الدبلوماسية العمانية وحل الأزمة الخليجية

 

 

حمود بن علي الطوقي

 

يتفاءل كثير من المراقبين خاصة المتابعين للخلافات الخليجية التي تقترب من عامها الثالث بالتحرك المكوكي للسلطنة، يقود هذا التحرّك معالي يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية حيث تترأس السلطنة الدورة الحالية لمجلس التعاون لدول الخليج العرببة وقد تناول النشطاء في منصات التواصل الاجتماعي اللقاءات الثنائية التي عقدها بن علوي والتي تسعى إلى تقريب وجهات النظر والتشاور حول تعزيز وتفعيل مسيرة العمل الخليجي المشترك، بما يحقق أهداف وتطلعات قادة دول المجلس وشعوب المنطقة.

المواقف العمانية كانت داعمة منذ البداية لتضييق الفجوة، وكانت داعمة للمبادرة الكويتية التي قادها صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، الذي بذل جهده لتقريب وجهات النظر بين الأشقاء. وأجزم أنّ سموّه قاد بدبلوماسيته المشهود له بها مبادرة المصالحة من أجل المحافظة على البيت الخليجي الواحد، الذي ظلّ صامدا طوال الأربعة عقود الماضية.

إنّ التحرّك العُماني والدبلوماسيّة العمانية المشهود لها بالتميز على مختلف الأصعدة تحظى بالتقدير والاحترام من مختلف المستويات، ويأتي هذا التحرك العُماني الآن انطلاقا من حرص السلطنة على وحدة الصف، وسعياً لتدارك الأمر واحتواء الخلافات وتجنبًا لمصير مجهول لمستقبل العمل الخليجي.

وتدرك السلطنة أنّ بعض الملفات المفتوحة في المنطقة ينبغي أن تغلق، ليس لأننا في عصر التسويات فقط؛ بل لأنّ المنطقة تمر بمرحلة حرجة وأنّ غلق وتنقية الأجواء لحل الخلاف الخليجي/ الخليجي من الأمور الهامة والمطلوبة في هذه المرحلة الحساسة، كذلك مطلوب أيضا غلق النوافذ الأخرى كاليمن وسوريا وخلافه.

استحضر هنا دعوة أمير الكويت الذي نبّه في كلمته بمناسبة انعقاد القمة الخليجية الـ ٣٩ بالرياض إلى ضرورة إيقاف الحملات الإعلامية لاحتواء الخلافات الخليجية. وهذه الدعوة لقيت صدى واسعا من قبل الجميع، وتصدّرت عناوين الصحف ومنصّات التواصل، ووجدت هذه الدعوة مساحة واسعة من قبل الكتاب والمحللين والمغردين للنقاش وإطلاق صفارات الإنذار على خطر الآلة الإعلامية خاصة في ظل انتشار الجيوش الإلكترونية ومعروف عنها هي عبارة عن مجموعات مدربة تعمل وفق أجندة خاصة هدفها اختراق مواقع الخصوم، والترويج لوجهة نظر معينة عبر مختلف منصات الإنترنت، وإسكات وتشويه سمعة المناوئين، إلى جانب ترويج الإشاعات والأكاذيب وخلق البلبلة؛ الأمر الذي أدّى إلى توجه الدول في إنشاء وحدات إلكترونية داخل أجهزتها العسكرية والأمنية لحماية أمنها القومي.

إنّ الدبلوماسية العمانية التي تتحرك الآن تدرك أنّه آن الأوان للعمل على تجاوز هذه الأزمة وأنّ دولة قطر الشقيقة جزء لا يتجزأ من المنظومة الخليجية، وأنّ الخليج نبض واحد، ولعلّ هذا التحرك العُماني الآن يعطي مؤشرًا على أنّ حل الخلافات أصبح لا مفر منه، وأنّ دول الخليج لديها مصالح مشتركة ويجب أن توضع هذه المصالح ضمن أولويات الأجندة خلال الاجتماعات التي تعقد سواء على المستوى الثنائي أو على مستوى اللجان المشتركة.

إنّ الآمال منوطة الآن للجهود والدبلوماسية العمانية التي تتحرك من أجل تقريب وجهات النظر وكل الأنظار الآن مشدودة نحو التحرك العُماني، وهناك تفاؤل أن تحل هذه المشكلة خلال هذا العام وتضييق الفجوة لهذه المشاكل وصولا إلى عودة دولة قطر الشقيقة إلى الحضن الخليجي الدافئ.

أخيراً، أقول يجب علينا كشعوب خليجية أن نساند المبادرات التي تتبناها دولنا؛ وهنا نوجه الدعوة إلى الأشقاء المغردين من أبناء دول المجلس بضرورة إيقاف الحملات الإعلامية الشرسة التي تطعن في القيادات، ولابد من تقبل الرأي والرأي الآخر، وأيضاً العمل على تشجيع التواصل بين أبناء الخليج، كما تأمل الشعوب الخليجية بأن يُرفع الحصار عن دولة قطر الشقيقة، وتعود العلاقات بين الشعوب كما كانت، وتناقش الأزمة بين أصحاب الشأن وصولا إلى انقشاع الغمة، وعودة الأجواء المتسمة بالصفاء والنقاء  نحو التضامن والتلاحم الذي ينشده الجميع.