لعلّه خير

 

غسان الشهابي

مساء الجمعة أرسل إليّ صديق خبراً من مصدر لا يُعدّ من المصادر المؤكدة والمعروفة على نطاق واسع، يقول إنّ معالي الأمين العام لمجلس دول التعاون الخليجية الدكتور عبداللطيف الزياني ومعالي يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بالسلطنة، سافرا إلى الدوحة في زيارة غير معلنة، وعلّق على الخبر قائلاً "لعلّه خير"... قمت من فوري بتتبع وكالات الأنباء والمواقع الإخبارية المعتبَرة، فلم أعثر على أثر للخبر... فما بقي من الخبر إلا "لعله خيرً".

طال الزمان أم قصر، لا بد وأن تعود العلاقات إلى سابق عهدها، وإن لم يكن ذلك السابق مثالياً، إذ كان أقرب للمناكفات المستمرة، ولكنه – في كل الأحوال – أفضل من الوضع الحالي على ما أنتجه من استقطابات مقلقة في وجه من وجوهها، ومقيتة في وجه آخر، حتى صار الأبعدون أقرب من أقرب الأٌقربين.. وهذا أمر السياسات إذ يودّ كل من الأطراف المتنافسة أن يصطف إلى قربه أكبر قدر من الأقوياء الذين تتشابك مصالحهم معاً، ولا يريدون لها فكاكاً، وبالتالي فالكل مستعد لحماية الآخر.. والمعروف في السياسة أنّ المواقف في تغير مستمر بحسب المصالح واتجاهات الريح، ولنا في "المسألة السورية" خير برهان لو رأينا البدايات وقارنّاها بالمآلات.

ولعلّ من فوائد الضائقات أن تعرّف الحكومات - في الأساس - التفكير تحت الضغط العالي في الخطط البديلة، إذا لم يجر التفكير فيها قبلاً، وترفع عندها اللياقة الذهنية، وتفتح أمامها أبواباً ربما لم يجر التفكير فيها ساعات الرخاء، ولعلّ في هذا الأمر خيراً، إذ من السياسة لا يأمن من بوائق الزمن، وأن يُقلب للدولة ظهر المجنّ.

ولكن ما لم يكن خيرا أبداً، ولا بأي معنى من المعاني في هذا "الإعصار" الذي أكمل منذ أيام قلائل أشهره الثمانية عشر، هو التراشق الإعلامي بين الأفراد ما بين الضفتين، والتسابق على الطريقة العربية العتيقة في ادّعاء الطهر، ورمي الطرف الآخر بكل أشكال القذارات والاتهامات البغيضة، في تسابق على النزول الأخلاقي والانحطاط اللفظي، بما يلطخ جذور العلاقات الطويلة والمتينة (افتراضاً) بين الأفراد والجماعات، وهذا ما يصعب كنسه وتنظيفه، ولا أقول إن هذا مستحيل.

لذا، فإنّ كل ما يمكن أن يبتّ هذا الموضوع من أساسه، وإلى الأبد سيكون خيراً.

تعليق عبر الفيس بوك