حمود بن علي الطوقي
عادة أتجنب في مقالاتي الحديث عن أشخاص وأفراد إلا من أراه يستحق الثناء لجهوده، ومساهماته الفاعلة في المجتمع. ومن البديهي أنّ مثل هذه الحالات الإنسانية تستحق منا الإشادة والإطراء.
هذه الإشادة أوجهها في مقالي هذه المرة لرجل الأعمال المواطن عبدالعزيز بن حمود البلوشي، من سكان ولاية بركاء، الذي أصبح محور حديث المجالس والمنتديات ومنصّات التواصل الاجتماعي؛ نظرا لدوره الفعّال في تنظيم العرس الجماعي لأبناء ولايته وأبناء مختلف المناطق العمانية، وإشراك أبناء الجاليات للانضمام إلى هذا العرس الجماعي الذي تحول إلى كرنفال تسوده المحبة والوئام. هذا الرجل لا أعرفه ولَم يسبق لي أن التقيت به أو أعرف مجال عمله ونشاط تجارته، فكل ما أعرفه عنه كما أبلغني الزميل الإعلامي أحمد الهوتي أنّه أحد المنظمين لهذا العرس الجماعي وهو رجل أعمال شاب وطموح لديه استثمارات في مجال بيع المجوهرات ويستثمر في القطاع العقاري ورجل يحب فعل الخير.
في البداية كنت أنظر إلى هذا الأمر بشيء من الاستغراب وعدم تقبل هذا الأسلوب الذي يعتمد على كسب الإشادة وفرض العضلات إلا أنني غيّرت وجهة نظري عندنا علمت أنّ رجل الأعمال الشاب رأى أنّ مساعدة الشباب على الزواج واجب وطني، ويقع ضمن مسؤوليته الاجتماعية كمواطن وهبه الله من خيره الوفير، وأنّ هذا العرس الجماعي الذي ينظمه ليس الأول من نوعه بل هي عادة سنوية يحرص على تنظيمها وتُنظّم للعام التاسع على التوالي، وتشرف على تنظيم العرس لجنة إشرافية من قبل أبناء الولاية لضمان نجاح المشروع.
أود من خلال هذا المقال أن أوجه الدعوة إلى الحكومة بضرورة تكريم مثل هذه النماذج الوطنية التي تساهم بوقتها ومالها من أجل المساهمة الاجتماعية. وهذا التكريم قد يكون حافزا لرجال الأعمال والأثرياء على التنافس الفعّال في فعل الخير واكتساب الأجر من أجل المساهمة في دعم ومساعدة المجتمع بما تجود إياديهم البيضاء وكلٌ هنا يساهم بما يراه مناسبا وميدان الخير واسع ومتشعب وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
من يقدم على مثل هذه المبادرات الاجتماعية يستحق من المجتمع الإشادة والتكريم لأننا نحتاج أن نرى المبادرات مستمرة ويشارك الجميع المقتدرين على فعل الخير، وقد تكون رسالة نوجهها إلى الأثرياء الذين وهبهم الله من خيره الوفير بأن يشمروا عن سواعدهم ويقبلوا على طرق أبواب الخير ويتابعوا احتياجات المجتمع وأن يعتبروا أنّ هذا جزء من الواجب عليهم تجاه الوطن المجتمع.
نعرف أنّ هناك الكثيرين من أبناء البلد يتبرّعون وأياديهم سخية ولا يعلنون عن تبرعاتهم ويوجهون جزءا من أموالهم لفعل الخير ولا يبحثون عن دعاية ولا إشادة، وهؤلاء معروفون وتبرعّاتهم سخيّة بالملايين؛ ولكن رسالتنا هنا لتلك الفئة التي تتجنب ولا تتبرع على الرغم من ثرائها الفاحش. وهذه الفئة نشد على أياديها وندعوها لأن تواكب الركب وتدخل في المنافسة من أجل فعل الخير وكسب رضا الله ومحبة الناس.
العديد من الأقلام العمانية والمغرّدين تناولوا في كتاباتهم وتغريداتهم الإشادة والثناء على ما يقوم ويقدمه رجل الأعمال عبدالعزيز بن حمود البلوشي كونه لا يصنف من الأثرياء ولكن ما قدمه أصبح مُلفتا للأنظار وبدورنا نشاركهم الإشادة ونتمنى أن نرى المشاركات تتسع رقعتها من قبل الجميع خاصة المقتدرين، وأن نرى المبادرات المجتمعية تنتشر في مختلف المناطق والمحافظات العمانية لأنّها باختصار تعكس الثقافة العمانية الأصيلة، فما رأينا من مبادرته وهي تزف 160 شابًا من مختلف محافظات السلطنة والجاليات المقيمة مع إعطاء هدية قيمة لكل معرس وعروسه من خنجر وطاقم ذهب يستحق الإشادة؛ خاصة وأنّها تنظم للعام التاسع على التوالي. ويخطط صاحب المبادرة لأن تستمر على أن يحتفل العام المقبل بالعرس الجماعي لثلاثمائة عريس، فالهدف تمتين عُرى اللحمة المجتمعية العمانية وحضارتها العريقة، هذه المبادرة جديرة بالإشادة خاصة إذا علمنا أنّ صاحب المبادرة تكلف ما يقارب من ربع مليون ريال من أجل تنظيم هذا العرس الجماعي.
إنّ مثل هذه المبادرات المجتمعية تترك الأثر وتقرّب بين فئات المجتمع، وتغرس المحبة بين الجميع فهؤلاء هم أبناء عمان ويستحقون منّا كل الشكر والتقدير.