سمات هذا العصر

فوزي عمار

ارتبط هذا العصر بالتغير السريع الذي لا يُمكن ضبطه والاعتماد على التقنية؛ أسماه عالم الاجتماع البريطاني (أنطوني جودنز): "بعصر الحداثة المتأخرة"، خلقت هذه السمات ثقافة جديدة سميت بثقافة العولمة أدت إلى التواصل مع الشعوب مباشرة عبر الإنترنت.. دون المرور عبر بوابة الحكومة الأمنية وخاطبت جيلا جديدا أسماه أحد مفكري التخطيط الإستراتيجي العرب: "جيل الدوت كوم". 

قادت هذه السمات إلى فقدان الدولة سيادتها وسيطرتها على أمنها القومي والتي لم تفرق بين قوة الدولة التي أهملتها وقوة السلطة التي غدتها.. فلم يعد هناك أمن في غياب التنمية.. وأصبح مفهوم السيادة الجديد (من وجهة نظري) ؛ هو مدى ثأثير الآخرين بك ومدى ثأثرك بالآخرين.

إحدى سمات هذا العصر هو عدم قبول المجرد بل الاتجاه فورا للملموس والمحسوس والمادي وعدم الاهتمام بالأساس النظري.. 

رغم أنه لا توجد وجهة نظر بدون أساس نظري يدعمها ويصمد أمام النقد..

 

ورغم عدم شعور كثيرين بهذا الأساس النظري ولكنه موجود في اللا وعي عند الإنسان..

فالشعوب التي تتقاتل فيما بينها هي شعوب لا تملك وعيا قويا بالهوية الجامعة بينها مثل ما حدث في يوغسلافيا.. 

والعكس صحيح حيث توحدت ألمانيا الشرقية والغربية لشعور قوي بالهوية الألمانية الجامعة. 

ونحن في بداية عام 2019 مازال مفهوم الدولة هو المسيطر حتى لدى الدول التي تدعي الاقتصاد الحر وسيطرة مفهوم الشركات العابرة للقارات .. لقد رأينا مؤخراً الصراع بين أمريكا والصين حول تصدير الصلب ووضع أمريكا لدخول الحديد الصيني للسوق الأمريكي وبل أيضاً ورفض أمريكا إدارة موانئها من قبل المستثمر العربي (شركة موانئ دبي) بحجة الأمن القومي.. في دولة تدعي كل صباح أنها تؤمن باقتصاد السوق الحر وحرية التجارة وشعار: "دعه يعمل .. دعه يمر".

كما أننا نذكر تدخل الدولة الأمريكية لمنع انهيار مصارف خاصة في أزمة الرهن العقاري لتظهر لنا أكبر كذبة لمفهوم اقتصاد السوق. مازلت الدولة هي طوق النجاة والحامي لمواطنيها ويأتي ضمن أولويات الدولة الأمن وبناء المؤسسات فلا مؤسسات في غياب الأمن .. فالمؤسسات هي محرك "موتور" الدولة والتكنقراط هم عصب الحياة اليومية لأي دولة وتسربهم خارج الدولة يتسبب في إضعافها في نهاية المطاف وتخسر الدولة تراكما معرفيا مهما يقود لفشلها وتباطؤ نموها على الأقل. 

تعليق عبر الفيس بوك