ضرورة التحفيز الحكومي للقطاع الخاص

فايزة الكلبانية

في الوقت الذي تحث فيه الحكومة القطاع الخاص على دعم جهودها لتوظيف الباحثين عن عمل، يطالب القطاع الخاص بجميع شركاته وفئاته الحكومة بتسهيل الإجراءات ومساعدة الشركات التي تعاني من ضغوط مختلفة، فضرورة التحفيز الحكومي للقطاع الخاص مسألة لا مناص منها، باعتبار أن الحكومة هي السلطة العليا في الدولة التي تتولى مسؤولية التشريعات ووضع الإجراءات والضوابط وغيرها من القرارات التي تمس هذا القطاع وتتقاطع معه فيها.

وواقع المنظومة الاقتصادية يشير إلى أن المعنى الحقيقي للتحفيز غير قائم حتى الآن بالصورة المأمولة، فمثلا هناك الكثير من المعوقات التي تواجه نمو القطاع الخاص، ومعظمها يتمثل في بيروقراطية الإجراءات الحكومية.

ورغم أن الحكومة تعوِّل على القطاع الخاص للمساهمة في تفعيل 121 مبادرة، حصيلة مخرجات مرحلة المختبرات ضمن البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ"، إلا أن تنفيذ ذلك لم يبدأ سوى في عدد قليل للغاية من المشاريع، ولذا عندما تتم مطالبة القطاع الخاص بتوفير فرص العمل للشباب، يجد نفسه في مأزق، بين رغبته في توسيع دائرة أعماله، لكن التحديات تتعاظم أمامه فلا يستطيع ذلك، وبين التزامه الوطني بتوفير فرص العمل للمواطنين. فكم من الاشتراطات والقوانين الصارمة يتم تطبيقها على القطاع الخاص، وفي الصدراة منها رفع رسوم الخدمات بنسب كبيرة وغير مسبوقة وأيضا فرض الضرائب على فئات لم تكن مطالبة بدفعها، إلى جانب زيادتها على فئات أخرى، وغيرها من التعقيدات في الإجراءات، والتي تأبى أن تنتهي رغم كثرة المناشدات.

إذن اليوم، نحن أمام تحدٍّ آخر قد تكون الحكومة قادرة على تجاوزه بالتكاتف والشراكة مع القطاع الخاص، من خلال تقديم بعضَ الحوافز، واتباع سياسات تحفيزية تعزز قدرة القطاع الخاص على النمو وبالتالي توفير الوظائف للباحثين عن عمل وزيادة الإنتاجية ودعم الاقتصاد الوطني، وغيرها الكثير من الأهداف الإيجابية. وهناك عِدَّة أشكال لهذا النوع من التحفيز الحكومي للقطاع الخاص يتمثل في تخفيض الرسوم وتخفيف أعباء الضرائب وتعزيز جهود دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وبدء التنفيذ الحقيقي للمشروعات الواعدة في القطاعات الخمسة المعوَّل عليها في التنويع الاقتصادي (اللوجستي، والتعدين، والثروة السمكية، والصناعات التحويلية، والسياحة).

اليوم، لابد أنْ تنظر الحكومة إلى القطاع الخاص على أنَّه كِيان متكامل، تمامًا مِثلنا نحن البشر، فإذا كان ربُّ العمل يصب اهتمامه وتركيزه على مراقبة الحضور والغياب للموظفين، وفرض عقوبات صارمة، ستنشأ بيئة عمل غير مُشجِّعة على التآلف والإنتاجية بين القطاعين، وستكون رَدة الفعل المتوقعة عكس المأمول، وقد يؤدي كذل ذلك إلى العزوف عن العمل وعدم الانضباط، وهنا تتراجع الإنتاجية.. كذلك هو الوضع مع القطاع الخاص؛ فكثرة فرض الرسوم والضرائب والاشتراطات والقوانين، تضيِّق عليه الخناق، وبالدَّارجة "سيطفش"، فنجد تراجعًا في الاستثمار وإقبال رجال الأعمال على تأسيس مشاريع جديدة، وسيقل نسبة إسهام القطاع الخاص في الدخل القومي، وقد يلجأ البعض من المؤسسات إلى الإغلاق وإشهار الإفلاس نتيجة الضغوط التي تجدها من الحكومة واشتراطاتها وتحديات الأزمات الاقتصادية، وما نتج عن أزمة تراجع أسعار النفط من تأثيرات لحقت بالقطاعين العام والخاص.

خلاصة القول.. إنَّ القطاع الخاص اليوم في حاجة ماسة لمزيد من التحفيز القائم على تحقيق الانتعاش الاقتصادي، والعمل على رفع قدرته على تلبية التكاليف المعول عليه تنفيذها، وعلى رأسها: توفير فرص العمل، والإسهام في بناء الوطن عبر تنفيذ مختلف المشروعات.