2019.. ميزانية الاستدامة

العجز في 2019 الأدنى في 5 سنوات

◄ 3 محاور متداخلة تستهدف تنمية المواطن والاقتصاد معا

◄ إشراك أكبر للقطاع الخاص ومواصلة دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

◄ تحسين بيئة الأعمال وتعزيز أداء المؤسسات الحكومية

الرؤية- نجلاء عبدالعال

أهداف طموحة تتطلع إليها الميزانية العامة للدولة لسنة 2019، طموح يلتزم بمعطيات الواقع وتقديرات عملية لسعر برميل النفط، مع وضع الاستدامة كهدف أسمى؛ سواء الاستدامة المالية أو استدامة الاقتصاد بوجه عام، مع التركيز على تلبية حاجت المواطن باعتباره جوهر التنمية وأساسها.

ووفق أرقام الميزانية، فقد بلغت القيمة الإجمالية للإنفاق العام في الموازنة العامة للدولة لعام 2019م، (12.9) مليار ريال عماني بارتفاع قدره 400 مليون ريال عماني عن الإنفاق المقدر لعام 2018م، وقدرت جملة الإيرادات بـ10.1 مليار ريال عماني، وذلك اعتمادا على سعر تقديري لبرميل نفط عمان عند 58 دولارا للبرميل مع الالتزام بحجم الإنتاج المتفق عليه مع منتجي النفط من أوبك وخارجها وهو 970 ألف برميل يوميا.

وبهذه التقديرات فإنّ الإنفاق الحكومي سيعاود المستوى الذي كان عليه في 2016 لكن يختلف الوضع مع ضغط الفارق أو العجز، ففي 2016 بلغت الإيرادات 7.6 مليار ريال، ولذلك بلغ العجز 5.3 مليار ريال، أمّا في 2019 فإنّ من المقدر أن يقف عجز الموازنة عند 2.8 مليار ريال عماني، ويعد هذا العجز التقديري في أقل مستوياته في 5 سنوات، ويسير مع التدرج التنازلي الذي تحافظ عليه الحكومة بحيث يجري ضبطه والسيطرة عليه.

وفي 3 محاور أساسية وضعت الحكومة أهدافها من الميزانية وتحقيق هذه الأهداف معا يمثل فعليا مفهوم وترجمة "الميزانية" التي تطمح إلى أفضل إنفاق على الخدمات للمواطن والمجتمع وفي نفس الوقت توزان ذلك بما لا يأتي على حساب مشاريع التنمية الاقتصادية أو عبر الدخول في أعباء مديونية تؤثر على حقوق الأجيال القادمة.

ولذلك يمكن ترتيب المحاور التي تركز عليها أهداف الميزانية وفق أي طريق، فإذا بدأنا بالاستدامة المالية فإنها تستهدف سلسلة من الأهداف التي تتداخل وتتكامل وتحتاج لأن يجري تنفيذها معا لتحقيق الاستدامة المالية؛ فقد أعلنت الحكومة سعيها للسيطرة على العجز، عبر مراجعة أولويات الإنفاق، وتنمية الإيرادات غير النفطية، مع مراجعة وإعادة تنظيم الدعم الحكومي، وهو ما يؤدي إلى رفع التصنيف الائتماني للسلطنة، ورفع التصنيف الائتماني بدوره يمكنه التخفيف من كلفة تغطية العجز وهكذا فهي سلسة متكاملة بهدف واحد.

والمحور الثاني من محاور ميزانية الاستدامة 2019 يتمثل في تحفيز الاقتصاد الوطني، وهذا المحور كذلك يعتمد على برنامج عمل متكامل ستعمل الميزانية على تحقيقه خلال العام يشمل "الحفاظ على مستوى الإنفاق الاستثماري"، وهو ما سيخدم بدوره هدف تنمية الإيرادات غير النفطية، وينتظر أن ينعكس الإنفاق الاستثماري الحكومي على الاقتصاد بصفة عامة، خاصة وأنّ النشاط الاقتصادي بصفة عامة يعتمد على الاستثمارات الحكومية. كما يستهدف هذا المحور استكمال مشروعات البنية الأساسية والتي تخدم المواطن والمستثمر وتفتح المجال لجني ثمار الإنفاق على هذه المشاريع، فضلا عما توفره من فرص عمل للشباب.

وتستهدف الميزانية "تعزيز استثمارات الشركات الحكومية"؛ ولهذا الهدف أكثر من بعد وغاية، فهو يعني التركيز على رفع الدخل الحكومي من هذه الشركات ومضاعفة أرباحها، وهي إحدى الخطوات التي تعمل عليها الحكومة منذ فترة تمهيدا لتخصيص بعض أو كل الشركات الحكومية القابلة للتخصيص؛ حيث أكدت التصريحات الحكومية في أكثر من مرة أن اللجوء للتخصيص وطرح شركات خاسرة للاكتتاب العام لن يفيد الشركة ولن يفيد المستثمرين فيها، هذا إن وجد إقبالا.

وتهدف الميزانية من الإنفاق العام إلى "دعم مشاريع تعزيز التنويع الاقتصادي"، وتركيز الحكومة على تحقيق هذا الهدف يعني التركيز على تحقيق الاستدامة للاقتصاد العماني ككل خاصة وأن هناك العديد من الخطوات الكبيرة التي اتخذت مؤخرا لتأكيد الوصول لهذا الهدف وتنفيذ المشاريع التي خرجت بها الدراسات في قطاعات الاقتصاد المختلفة.

وكأحد أهداف تحفيز الاقتصاد، وضعت الحكومة هدفا من أهدافها في موازنة 2019 وهي "تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص"، وهذا الهدف يتقاطع مع تحقيق مختلف أهداف الميزانية الاقتصادية والاجتماعية كذلك؛ فهو يسهم في متابعة الإنفاق الاستثماري عند مستويات جيدة، حتى إذا ما اضطرت الحكومة أو رغبت في تقليل الإنفاق الاستثماري؛ سواء لتراجع الإيرادات الحكومية أو لترك المجال للقطاع الخاص لمساحة أكبر في الاستثمار ومن ثم التشغيل.

ومن بين المحاور وكمسعى أساسي فإن الميزانية تستهدف استدامة الخدمات الاجتماعية الأساسية وتسعى في سبيل ذلك إلى رفع معدل الإنفاق على الصحة والتعليم والإسكان والضمان والرعاية الاجتماعية.

ولتحقيق أهداف الميزانية الطموحة فقد وضعت الحكومة خارطة طريق ستنفذها خلال العام الجاري، وتشمل المحافظة على المنجزات التنموية في القطاعات المختلفة، ورفع كفاءة الإنفاق العام وإعادة ترتيب أولوياته، وتعزيز أداء المؤسسات الاقتصادية المملوكة للدولة، مع مواصلة تقديم الدعم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وإسناد عدد من المشاريع والخدمات للقطاع الخاص، وتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية. كما ستعمل الحكومة خلال العام أيضا في برنامجها للاستدامة على الاستمرار في تنفيذ مراحل التحول لموازنة البرامج والأداء، وضبط إدارة السيولة النقدية، ومراقبة أثر تطور الدين.

ويمكن القول، إن ميزانية العام 2019 هي ميزانية الاستدامة، لما تضعه من أهداف وتتخذه من إجراءات لضمان هذه الغاية، بما يكفل تحقيق النمو الاقتصادي المنشود ومواصلة مشروعات التنمية وحماية حقوق الأجيال القادمة وتعزيز المؤشرات الاقتصادية بشكل عام.

تعليق عبر الفيس بوك