شهيد الكمان



عمران الحمادي | اليمن

   يذهب عمار  كل  خميس إلى معهد الموسيقى في الشارع المجاور للكلية التي يدرس فيها كلية ليستمع إلى عازف كمان يعتلي  منصة من الخشب الأحمر حتى يراه الجميع , يحرص عمار على  الحضور مبكراً  ليجلس في أحد المقاعد الأمامية لكي يكون أقرب إلى العازف ليستمتع بصوت كمان  ذي نغم حزين يجيش ويثير لدى عمار قدحاً من الذكريات التي تملكت ذاته وخيمت على قلبه لتترك سحابة سوداء  ترافقه في اليل وتأسره في النهار. أم عمار معلمة موسيقى شاركت في أكثر من مهرجان فني خارج البلد وداخله وحُليس طلق سامية  وعمار لايزال طفلا في الخامسة من عمره .
الأم  تصطحب عماراً دوماً معها فهو الرفيق الذي لا يبارحها وصار الأنيس الذي يخفف من وحشتها .في أحد الأيام كانت الأم قد أكملت درس اليوم لطلبة الكمان , طلب منها  بهلول الذي يعمل كمخرج فني في المعهد الموسيقى تلبية دعوة غذاء في منزله وأمام إلحاحه عليها ذهبت سامية مع عمار, اقترح بهلول  لها أن يبقى عمار في الحديقة ليلعب التي تتوسط المنزل ودخلت سامية وعندما أغلق بهلول الباب بإحكام  جلس وحاول الإقتراب منها ,ذهب بهلول و أحضر الطعام  وبعد انتهاء الأكل جلسا أمام التلفاز يشاهدان أحد الأفلام الوثائقية وبدأ بهلول محاولاً مداعبة سامية فرفضت سامية وانتفضت للخروج وركضت نحو الباب للخروج، أسرع بهلول وأمسك بها  فبادرها بلكمة قوية على فكها العلوي, وأخرى بمقبض حديدي على رأسها  لتسقط على السجاد مغمى عليها، أتم بهلول غريزته  الجنسية وذهب للحمام ليستحم وخرج إلى الصالة ليجد  سامية  قد فارقت الحياة بسبب نزيف  حاد إثر اللكمة  الحديدية على دماغها ، ركع بهلول يحاول إيفاقتها ولكن لم يستطع فعل شيء ، ليمسك التلفون ويبلغ عن جريمة في منزله وينتحر هو الآخر بقطع أوردته بالسكين .
أتت الشرطة والجثتين طريحةتين على السجاد .
 وأخذ عمار لأحد دور الأيتام ليكبر ويلتحق بالجامعة وهو لايعرف من أبوه , ولكنه يتذكر  حادثة موت أمه .
كان  يتمنى أن يلتقي بأبيه  ليعوض الحرمان الذي عاشه  وفي أحد الأيام بينما هو جالس في مهرجان غنائي بالمركز الثقافي جلست بجواره سيدة كبيرة في السن فببعد انتهاء المقطوعة الغنائية المعروضة , بادرت السيدة، لعمار وعرفت من ملامح وجهه أنه  ابن زميلتها فسألته عن اسم أمه ، تغيرت ملامح وجهه وأجابها عمار: سامية هي أمي
سألها إذا ماكانت تعرف عن أبيه شيئاً فأدهشته بأن أباه  يعيش في  مصر ويعمل في دار الأوبرا المصرية , طلبت منه أن يلتقي بها الصباح الباكر بمكتبها بشارع  25، ذهب عمار والتقى بالسيدة وأعطته تذكرة سفر وفاءً منها لصديقتها سامية , سافر عمار في أول رحلة طيران بعد ثلاثة أيام من إعطائه التذكرة ومبلغاً من المال , وصل عمار للقاهرة ولم يستطع أن يرتاح بل ذهب وسأل عن  الأوبرا فقاده أحد السائقين اليها , ودخل عمار الى الدار وكنت معه صورة لأبيه من السيدة فأخبرته أحد العاملات بأنه يتواجد في المسرح لتعليم الطلبة للمعزوفات وتلحين المقطوعات الوطنية ليهرول ويركض باتجاه المسرح وليصطكدم بآلة تشيللو كبيرة وحادة   فسقط على رأسه مغشيا عليه ونزف كثيرا ولطخت الدماء صورة أبيه ليموت عمار ولم يعرف أبيه، فأطلق عليه البحث الجنائي المصري شهيد الكمان.

 

تعليق عبر الفيس بوك