حـافيـة القـدمـين


د. محمد الدفراوي | مصر

انصرم من عمرها عقدان، وهي في اشتياق بالغ لارتداء بدلة رقص، كثيرا ما تخيلتها أمام المرآة ويدها على خصرها الممشوق وقوامها الفارع، وبطنها الضامر، وعيناها النجلاوان، الحزينتان، القلقتان، تتوهجان بنظرات نارية، فتتكلمان ولا تتكلمان.
كانت تبدو لنفسها جذابة، وجميلة، علي نحو يبعث الرضا عن جسدها حد الخيلاء والتدلل، فقد كانت تعطي نفسها امتيازا في رشاقة تشعرها بالانتشاء.
استحوذت على داخلها رغبة الرقص دون توقف، تؤديه في المطبخ، وأمام المرآة ، وحين تعد مائدة الطعام،  فتتثني مرنة كغصن البان..
لكنها مقيدة الوثاق، مهيضة الجناح طول الوقت، فلم يكن أحد من أسرتها يرضى.. ولن يقبلوا بها راقصة تتدلى في ملهي أو بار أو بهو فندق !
دون أن تدري ظلت بذرة الحب تنمو، وتكبر حتي ركلت صدرها.. كي تتسلل هاربة  إلي الحي الآخر...
لم يكن قلبها يطاوعها علي المفارقة، لكنها لم تستطع إجهاض حلمها الأسير.
نهبها التردد ومزقها أشلاء حتي أطفأها، وفي لحظة خاطفة  قالت في إصرار و تحد:
" لن أخشى بعد اليوم أحدا" ..
لفت حلمها كالجنين في لفائف سميكة  وأخذته حيث هربت..

 

تعليق عبر الفيس بوك