الْغِيَابُ.. أَوْ كَانَّهُ هِيَ


عادل سعد يوسف | السودان

 [1]
لألْفِ لَيْلَةٍ جَدِيدَةٍ
أَضَعُ أَشْيَاءَكِ عَلَى عَتَبةِ الوَحْدَةِ
وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى
مِشْبَكَ شَعْرِكِ الْخَزَفِيِّ
ضَحْكَتَكِ لِنُكْتَةٍ عَابِرَةٍ
عَيْنَاكِ
وَهُمَا تَتَأمَّلانِي
خُلْسَةً
خَاتَمُكِ بِالْفيْرُوزِ الأَزْرَقِ
إلخ.
.
.
لأَلْفِ لَيْلَةٍ جَدِيدَةٍ
تَحْتَ إِعْصَارٍ مَا
تَحْتَ تَخْتِ الْقَنَادِيلِ الَّتي تَقْرَأُ كَاحِلَيْكِ
أَقِفُ أَمَامَكِ
أَيَّتُها الأَمَزُونَةُ الشَّرِسَةْ.

[2]
أَنَا
لا أَكْرَه الْعَفَويَّةَ الَّتِي تَلْتَقِينِي بِهَا
لا أَكْرَهُ مَحَاوَلَتَكِ الْمُتَكَرِّرَةَ فِي إِلْهَائِي عَنْ شَفَتَيْكِ
بِالطَّبْعِ لا أَكْرَهُ الْخَرِيفَ الَّذِي يَجْعَلُكِ تَلْتَصِقِينَ بِي كَشَامَةٍ مُؤْلِمَةٍ
لَكِنَّنِي
أُفَلِّي جَسَدِي عَن نَمِيمَةِ أَنَامِلِكِ
هَكَذَا
كُلَّ غِيَابٍ
وَشَوْكِ حُضَورْ.

[3]
لَسْتُ
سِوَى طَائِرٍ يَفِرُّ مِن نَافِذَةِ الْعَشِيقَاتِ
يُبَهْرِجُ
كَرْنَفَالَهُ بِرَحِيقِهنَّ الْمُشْتَعِلِ
عَلى وَجْهِ الْغِيَابِ
.
.
.
آهٍ
تَذَكْرَتُ
" لَمْ يَكُنْ
ذَلِكَ الطَّائِرُ
سِوَى صَنَوْبَرةٍ أُحَادِيَّةِ الْعِطْرِ
فِي صُورَةٍ تَذْكَارِيَّةٍ
لِغَابَةٍ مُحْتَرِقَةْ".

[4]
كَثِيرٌ مِنَ الْغِيَابٍ نِسْيَانٌ مُؤَجَّلٌ
إِذَنْ
مَا فَائِدَةُ أَنْ نَلْتَقِي دُونَ أَن يَكُونَ الْغِيَابُ أَحَدَ أَطْبَاقِنَا الْمُفَضَلَةِ
دُونَ أن يَكُونَ شَرَابُنَا سَائِغَ الْمُشْتَهَى؟
.
.
كَثِيرَاً
أَوَدُّ دَعْوَتَكِ لِمَائِدَةِ نَمِيمَةٍ خَالِصَةٍ
لِفِنْجَانِ قَهْوَةٍ كَسُولٍ كَطِفْلٍ
وَنَاعِمٍ كَقُبْلةٍ
.
.
كَثِيرَاً
.
.
تَبَّاً لِبِطَاقَتِي الَّتي تَضِلُّ طَرِيقَهَا إِلَيْكِ.

[5]
فِي فَرَاغِ الْمَقْهَى
كُرْسِيٌّ يَضُمُ أَطْرَافَ وَحْشَتهِ
كَيَتِيمٍ فِي عَتْمَةُ الْفَقدِ
كَتَرْنِيمَةِ الْغُفْرَانِ الضَّائِعَةِ
.
.
هَذَا الْكُرْسِيٌّ كَانَ لَكِ
بِكَامِلِ
أَنَاقَتهِ الْمَسَائِيَّةِ
كَانَ
فِي غِوَايَةِ الْعِطْرِ
يَتَنَهَّدُ
بِاسْمِكْ.

[6]
بَعْدَ قَلِيلٍ
بَعْدَ قَهْوَةٍ مِنَ الْمُجَامَلَةِ الْمُرَّةِ
كَحَطَّابَيْنِ
سَنُوَدِعُ بَعْضَنَا بِطَرِيقَةٍ بَشِعَةٍ
مَثَلاً
أَقُولُ صَادِقَاً: أَرْجُو أَلا أَرَاكِ فِي الْمَرَّةِ الْقَادِمَةِ
تَقُولِين: آمَلُ ذَلكِ أيُّهَا الْقَبِيحُ
ثُمَّ نَمْضِي بَعَبَثٍ
لِمَسَاءٍ يَكْسِرُ عَامِدَاً شَارَةَ الْمُرُورِ
عِنْدَ شَارِعِ الْقَصْرِ.

[7]
الْغِيَابُ
مَصَابِيحُ تَتَنَفَّسُ بِأَلَمٍ فِي الرِّيحِ
تَتَنَفَّسُ كَعُزْلَةِ قِدِّيسٍ
يَفْتَرِشُ تَرَانِيمَهُ النَّازِفَةِ.
.........
.........
الْغِيَابُ خَرَزٌ عَلى خِصْرِكِ
خِصْرُكِ خَرِيفٌ يَغْسِلُ يَدَيهِ مِنْ إِثْمِ الْهُطُولِ.
.........
.........
عَلَى فَرَاغِ غُرْفَتِي
تَتْرُكِينَ خُدُوشَ أُنْثَى
مَكَدَّسَةً
ومَاكِرَةً
كَالْغِيَابْ.

 

تعليق عبر الفيس بوك