الثورة التكنولوجية

 

محمد السالمي

نحن الآن على مشارف نهاية عام ٢٠١٨، ولاتزال التكنولوجيا تبهرنا بالجديد. فالثورة التكنولوجية أصبحت تؤثر بشكل مُباشر وغير مُباشر في جميع جوانب حياتنا. خلال الأسابيع القليلة الماضية تمَّ الكشف عن أول مقدم أخباري آلي يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي، كما كشفت جوجل سابقاً عن المجيب الآلي، وأيضاً انخراط التكنولوجيا في مجال القضاء في الصين، يطرح العديد من التساؤلات. هل هذا التوجه والتقدم التكنولوجي يُعد مؤشراً خطيرًا على وظائفنا الحالية؟ أم هل يجب علينا إعادة النظر في تخصصاتنا؟

الخوف من التكنولوجيا مُتجدد، حيث ينظر إليها كثير من الناس على أنها عامل رئيس في ظهور البطالة الجماعية.

التغير التكنولوجي الآن لا يستهدف فقط زيادة إنتاج مثل السيارات والحواسيب وغيرها من الصناعات الملموسة المختلفة، أي بمعنى الوظائف المرتبطة بالجهد البدني، ليس وحده المستهدف، وإنما تعداها ليشمل أيضًا وظائف في النظام القضائي حالياً، وتهدد بفقدان وظائف مثل مقدمي الأخبار، وموظفي مركز الاتصال مستقبلاً.

في المقابل أغلب الاقتصاديين يرون عكس ذلك، ويذهبون إلى أنَّ هناك علاقة طردية بين التطور التكنولوجي والتشغيل، لأن الناس سيجدون وظائف أخرى تستوعبهم، وهذا ما تؤكده الإحصائيات. حيث خلصت أغلب الدراسات الاقتصادية إلى أنَّه على المدى الطويل، تميل التكنولوجيا الحديثة إلى تعزيز الإنتاجية والقدرة التنافسية، بالإضافة إلى تعزيز النمو الاقتصادي، والرفاه المعيشي. لا ننكر أنَّ التغير التكنولوجي خلال العقد الأخير متسارع بشكل كبير، فحسب المنتدى الاقتصادي العالمي، فالعالم يفقد سنوياً متوسط ٧ ملايين وظيفة، ولحسن الحظ فإنَّ السوق العالمي لديه المرونة اللازمة لاستيعاب هذه التغيرات بشكل مذهل.

عند النظر في الدورة التكنولوجية في أي من القطاعات، في البداية يتم الاستغناء عن بعض العمال أو الحد من التوظيف لتقليل التكاليف. ولكن مع زيادة الإنتاجية، فإنَّ المتطلبات في ازدياد مما يحتم إعادة التوظيف في نفس القطاع ولا يشترط أن يكون بنفس المهام. فحسب المنطق الاقتصادي، من يخسر الوظيفة، فيجب إعادة تأهيله للعمل في قطاع آخر، أو أن يؤهل لمواكبة التكنولوجيا في نفس القطاع..

ماذا عن الشق الثاني من السؤال، هل تخصصاتنا لم تعد مهمة؟!، ماذا عن تخصصات وميول أبنائنا؟. فحسب مجلة الفوربس، لا تحتاج أن تكون مهندس برمجيات أو خبيرا في الحواسيب كي تستطيع مواكبة الموجة، ولكن فهم الأسس والقواعد الميكانيكية التي تقود هذه الموجه هو الأهم. أبرز هذه التوجهات التكنولوجية هي البيانات الكبيرة، حيث التعامل مع البيانات يساعدنا على التنبؤ واتخاذ القرار الأمثل، كما يسهم في تحسين الجودة، وفهم سلوك المستهلك، وغيرها. ماذا عن الأشياء الذكية، ولا يقصد فقط الحواسيب والهواتف، وإنما أيضا تشمل المحيط المنزلي والعملي، مما يسهم في رفع رفاهية المجتمع. دون أن ننسى موجة الذكاء الاصطناعي وأيضاً سلسلة الكتل أو ما يسمى بالبلوكتشين.

ما نستنتجه من التطور التكنولوجي هو التغير في نمط التوظيف أو في نوع التوظيف. ولذلك من المهم على المرء أن يكون أكثر إدراكاً للمتغيرات أو عدم تجاهلها من خلال استغلال الفجوة الزمنية بين ظهور التكنولوجيا على الساحة وتعميمها على الصناعات المختلفة، في التدريب، أو كسب مهارات جديدة. كونها وسيلة مهمة للاحتفاظ بالموظفين والتخفيف من الاضطرابات الاقتصادية.

تعليق عبر الفيس بوك