البيان الختامي يشدد على أهمية بناء نموذج تنموي جديد يعزز العدالة الاجتماعية

"المؤتمر السنوي الثامن عشر" يحث على صياغة رؤية عربية للنهوض بخطط التنمية المستدامة ورصد التقدم المحرز

...
...
...
...
...
...
...
...

 

الرؤية- مدرين المكتومية

دعا البيان الختامي للمؤتمر السنوي الثامن عشر تحت عنوان "دور الحكومات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030"، الدول العربية إلى ضرورة امتلاك رؤية عربية للنهوض بتنفيذ خطط التنمية المستدامة، ورصد التقدم المحرز بشأنها.

واختتمت أمس أعمال المؤتمر الذي تنظمه وزارة الخدمة المدنية بالتَّعاون مع المُنظمة العربية للتنمية الإدارية. وناقش المؤتمر على مدى يومين مجموعة من الموضوعات المحورية ذات علاقة بمستقبل وأدوار الحكومات في الدول العربية؛ بما يُسهم في تنمية وتحسين تنافسية الاقتصاديات العربية في ظل التحديات الدولية ومتطلبات العصر على طريق تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ويركز المؤتمر على أهداف وغايات التنمية المستدامة 2030، وآليات التخطيط وتوفير المتطلبات، وكيفية تحسين أداء الحكومة في المفاصل الأساسية للاقتصادات العربية ذات التوجهات المتوافقة مع متطلبات العولمة، والاهتمام باستجلاب واسع النطاق للتكنولوجيا الحديثة وغيرها من المحاور.

وقال البيان الختامي إنّ المؤتمر يؤيد وباهتمام بالغ أهداف الأجندة التنموية المستدامة بصفتها التزاماً حكومياً ودولياً تمثل في توقيع واعتماد قادة العالم لهذه الأجندة في 25 سبتمبر 2015 إبّان اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك. ودعا البيان إلى تفعيل نموذج تنموي جديد يتبنّى سياسات تهدف إلى ضمان تمتع المواطنين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، والتركيز على تأمين كل الخدمات العامة كالرعاية الصحية والتعليم بجودة مناسبة، وتطبيق آليات فاعلة للحماية الاجتماعية تستند إلى عقد اجتماعي يعترف بالحماية كحق إنساني ودعم وسائل إعادة توزيع الدخل والثروة، من خلال توفير الأطر التشريعية والتمويلية لها وصولاً لتخصيص الدولة موازنة اجتماعية شاملة لكافة مجاميع السكان والسعي لتوفير مواردها بآليات مبتكرة، للقضاء على الفقر. مع ضرورة السعي لتبنّي سياسات خالقة للوظائف تدعم الإنتاجية المستدامة للحد من البطالة والفقر وبما يساهم في خفض كلف الحماية الاجتماعية ويعزز فرص المساهمة في التنمية الاقتصادية (ربط التنمية الاقتصادية بخلق الوظائف). ونادى البيان بأهمية توحيد كافة الجهود لتحقيق السلام والأمن والابتعاد عن كافة أشكال النزاعات التي تحد من قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها؛ وبما يساهم في خفض كلف الأجندات الأمنية. وطالب البيان بتنفيذ استراتيجية مأسسة المساواة بين الجنسين بالوظيفة العمومية، التي تهدف إلى اعتماد آليات تنظيمية وقانونية تمكن من ترسيخ تكافؤ الفرص وتكريس الحقوق المتساوية بين الرجل والمرأة في الولوج إلى الوظيفة العمومية وتقلد المسؤوليات الإدارية، ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التي ترتكز على رؤية موحدة تتمثل في توطيد النزاهة الحد من الفساد بشكل ملموس.

وحث البيان على تفعيل قانون الحق في الحصول على المعلومات الذي يهدف إلى ضمان حق المواطنات والمواطنين في الحصول على المعلومة الموجودة في حوزة الإدارة، ترسيخا لمبادئ الشفافية في الإدارة العامة.

وأعلن البيان عن مجموعة من الاستنتاجات الأساسية الصادرة عن المؤتمر؛ حيث أظهر الحوار المعمق المقترن بأوراق العمل المقدمة من الخبراء والمختصين إدراكاً واضحاً لأهداف التنمية المستدامة 2030. وأكد المشاركون في هذا الصدد، الحرص على تحقيق التوازن بين الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: البعد الاقتصادي، البعد الاجتماعي، والبعد البيئي في إطلاق آليات الدور الحكومي، والتأكيد على أنّ السلام والعدل وتحقيق التنمية المستدامة كيان واحد ومتكامل في مواجهة الفساد، العنف، التهميش، التمييز والإقصاء.

وعبر المؤتمرون عن ارتياحهم التام لأعمال المؤتمر والتي مثلت فرصة حقيقية ومهمة للمساهمة بوضع رؤية عربية عن "دور الحكومات العربية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030". وذكر البيان الختامي أنّه: "يحق للمؤتمر أن يدّعي أن خارطة طريق قد ظهرت ملامحها تماماً في ظل تفاعل فكري رفيع بين الخبراء والمشاركون وهذا ما كنا نتطلع إليه ونجزم أننا قد لامسنا مداخله رغم درجة تعقيد استيعاب مفهوم الدور الحكومي في التنمية المستدامة". وفي نهاية البيان أعلن المشاركون في المؤتمر تأييدهم اعتماد عنوان المؤتمر المقبل والمزمع انعقاده خلال الفترة من 25-26 نوفمبر 2019، ليكون "مدركات البنية التحتية الذكية ومقاربات التنمية في الدول العربية وفق أهداف خطة التنمية المستدامة 2030"، على أن تحدد دولة الانعقاد لاحقاً.

أعمال اليوم الثاني

وشمل اليوم الثاني من المؤتمر على مجموعة من الأوراق وقد ترأس جلسة المتحدثين الرئيسيين معالي المستشار إياد تيم رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية بدولة فلسطين لاستعراض مجموعة من الورقات مع المتحدثين أهمها دور الدولة والإصلاح المالي والاقتصادي وإنجازات "أجفند" في المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، ودور التعليم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 بالإضافة الى التقنيات النووية ومساهماتها في تحقيق أهداف وغايات التنمية المستدامة 2030 وجهود الهيئة العربية للطاقة الذرية، إلى جانب مساهمة "أكساد" في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وترأس الجلسة الثانية "دور الحكومات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 الدكتور يونس أبو أيوب رئيس قسم بناء المؤسسات والحكومة بمنظمة "الاسكو"، وقدم المشاركون أوراق عمل ناقشت تصميم وتنفيذ الإصلاح، وأهداف التنمية المستدامة ومحاربة الفساد، ودور السلطات المحلية في تعزيز الخدمات المتكاملة وبناء القدرات على المستوى المحلي.

وترأس الجلسة الثالثة التي مثلت استكمالا للجلسة الثانية، سعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي وكيل وزارة الخدمة المدنية لشؤون التطوير الإداري، واشتملت على أوراق عمل ناقشت سياسات تنمية رأس المال البشري، ودور الحكومة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 مع استعراض لتجربة دولة قطر.

في حين ترأس المُكرّم حاتم بن حمد الطائي عضو مجلس الدولة الجلسة الرابعة التي حملت عنوان "الإدارة العامة الجديدة.. خارطة للتطوير الإداري وتحسين الممارسات الحكومية"، وقدمت الدكتورة لبنى محمد عبداللطيف خبيرة في شؤون القطاع العام بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط في البنك الدولي ورقة عمل بعنوان "الإدارة العامة.. التحديات والتطورات الجديدة"، أبرزت خلالها الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة.

وتحدثت الورقة عن الإدارة العامة، وأشكال الإدارة الحديثة والتي تتضمن إيجاد القيمة، وتحفيز الأداء، والرؤى السلوكية، وتوظيف التقنيات الحديثة، وتشتمل مسؤوليات البنك الدولي على المعرفة العالمية، وتحقيق الشراكة. وقالت إن قطاع الإدارة العامة في منطقة الشرق الأوسط يعد من بين الأضخم على مستوى العالم، كما إن منطقة الشرق الأوسط تقدم واحدة من الأجور الضخمة حول العالم.

وقدم الدكتور سعيد حسن علي من دولة الإمارات العربية المتحدة ورقة عمل بعنوان: "استراتيجيات التوطين في الدول العربية كنواة لاستحداث مشروع عربي موحد لتوطين الوظائف"؛ حيث أبرزت الورقة طبيعة اقتصاديات الوطن العربي، وإيجابيات وسلبيات اكتشاف النفط، وقضايا التنويع الاقتصادي، وتطور قطاع الخدمات، وتشكيل سوق العمل وظهور مشاكله، وتنمية الموارد البشرية، وظاهرة البطالة. وقدمت الورقة إحصائيات وأرقام عن البطالة، وأسبابها، التي تتضمن عدم وجود خطط للتنمية الاقتصادية، والتكدس في تخصصات معينة، وزيادة النمو السكاني، ونقص المهارات لدى الخريجين.

وقدمت أروى حسن مدير برامج الوكالة الألمانية للتعاون الدولي ورقة عمل بعنوان: "دور وأهمية هيئات مكافحة الفساد في الإدارة الجديدة". وسلطت الورقة الضوء على أبرز النقاط التي يتعين على هيئات مكافحة الفساد العمل عليها. وتضع مجموعة من الأهداف منها: عدالة الفرص في الانتخابات بين المرشحين، وتجريم شراء الأصوات أو استغلالها، وتحديد ميزانيات الإنفاق على الحملات الانتخابية، ومنع المحاباة السياسية، وتعيين لجنة انتخابية محايدة ومستقلة ودائمة العضوية، والفصل بقوة بين سلطات القطاعين العام والخاص. ويتعين على هيئات مكافحة الفساد أن تعزز المصداقية في العملية الانتخابية، من خلال السماح للمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني أن تراقب الانتخابات. وتبرز الورقة أيضا أدوار أخرى لهيئات مكافحة الفساد، من خلال وضع ميثاق أخلاقي بين المتنافسين في الانتخابات، لرفع مستوى التوعية بين الناخبين. ويجب أن تكون هيئة مكافحة الفساد مستقلة تماما وتُمنح جميع الصلاحيات اللازمة لأداء عملها.

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك