عربات البيع في كل زقاق وسكة

 

سيف بن زاهر العبري

 

ما أن تطأ قدماك أرض بلد أو دولة أخرى حتى تكتشف ما لم يكن في الحسبان، من طرق معيشية اكتسبتها شعوب تلك الدول من واقع تجارب حياتهم اليومية، حيث أن مقتضيات الظروف المعيشية تجعل من الفرد وضع خيارات تناسب إمكانياته الاقتصادية والاجتماعية. فنمر على محل مشهور تعلوه لافتة كبيرة تعرف عامة الناس بما يحويه من بضائع وسلع متنوعة، ومع ذلك هناك عربات تقف أمام مدخل المحل تعرض بضائع وسلع بسيطة، يكسب منها الفرد ذكرا أو أنثى قوت يومه.

يومها نتساءل عن عدم مخالفة البلدية لصاحب العربة، أو فرض رسوم تسجيل للهوية التجارية التي يعمل تحت مظلتها صاحب العربة، أو من غرامة مالية تلحق به كونه لم يسجل نشاطه في البلدية والغرفة والتجارة والبيئة والإسكان والدفاع المدني وغيرها من الجهات ذات العلاقة. أليس هناك جهات تشرف على نشاط هذه الأسواق، أم أن شروط البيع والشراء فيها معفية من أي رسوم، أو بعيدا عن أعين الرقابة المشمولة بالقرارات والإجراءات والعقوبات. كم تلك العربات البسيطة المنتشرة في كل زقاق وسكة، يكسب من وراءها آلاف الأشخاص رزقهم اليومي، أعانتهم على قضاء متطلبات حياتهم اليومية، وأبعدتهم عن ذل البحث عن وظيفة مناسبة، أو إغراءات الكسب المشبوه.

ومن هذه العربات تفوح رائحة الطعام لمأكولات سريعة، ومنها يعرض عليك البائع فاكهة لذيذة إن أردتها أكلا على صحن، أو شربها كعصير طازج حيث الخيار والاختيار لك ما تشاء. لم نشهد مرة واحدة أن تم إيقاف صاحب عربة أو مخالفته، كون يقف على زاوية جانب الشارع، ولم يتصل صاحب المحل الكبير بجهات الاختصاص لحمايته من وقوف عربة بسيطة، أو أن البضاعة التي يبيعها صاحب العربة موجودة بالمحل. عربة يعرض صاحبها زجاجة ماء ونفسها موجود في أرفف المحل بأصناف كثيرة، وإن أردت عصيرا أو فطيرة أو أي سلعة غذائية أو استهلاكية فهناك من الأنواع عديدة. وتبقى خيارات الشراء أمام الزبائن والمارة عموما سواء من المحل أو من العربة.

يقودوني ذلك إلى معرفة الاشتراطات التي تضعها الجهات المختصة لمزاولة نشاط بيع سلعة أو بضاعة بسيطة، حيث هناك اشتراطات تختص بإعداد الوجبات الصحية من مطعم، وأخرى لمطعم الوجبات السريعة، والمقهى، والمطبخ العام، والمشاوي، والشاورما، والفطائر، والذرة الحلوة، والمخبز اليدوي والمخبز الآلي.

أما اشتراطات بيع المواد الغذائية فتشمل بيع المواد الغذائية، والخضروات والفواكه، والعصائر، واللحوم، والأسماك، وآبار مياه الشرب، والبن والبهارات والمكسرات، والدواجن المبردة والجامدة، إلى جانب لائحة اشتراطات تصنيع المواد الغذائية، ولائحة الاشتراطات لوسائل نقل المواد الغذائية، ولائحة اشتراطات انشطة الصحة العامة، ولائحة اشتراطات الأنشطة المهنية. ولا غرو في ذلك أن تكون هناك ضوابط معينة لممارسة النشاط وتحديد نوعيته والفئة التي يندرج تحتها، ولكن من المهم جدا في نفس الوقت أن لا تكون تلك الضوابط مانعا من تسهيل مزاولة النشاط لدى المواطن الذي يرى في العمل التجاري باعثا له للحصول على فرصة الكسب المباح، وأن لا تكون هناك عقبات تسد طريقه أو تقوده إلى عقوبات وجزاءات تضعها كل جهة مختصة، وهناك من قصص وحكايات تتحدث عن إجراءات مطولة لانجاز معاملة نشاط معين، يتطلب التصديق عليها من كل جهة على حدة، وكل جهة تأخذ وقتا يمتد لأيام، وقد يتم إيقاف المعاملة بحجة عدم استيفاء الشروط المحددة، أو ضرورة التصديق عليها من الجهة الأخرى قبل قيام هذه الجهة الموافقة عليها، وهكذا دواليك حتى تكون معاملة إنجاز نشاط معين قد سلبت من المواطن طموحاته بممارسة نشاط معين، يحدوه الأمل بأن يكون رجل أعمال ناجح، دون الحاجة إلى انتظار وظيفة معينة، أصبح الحصول عليها أمنية وحلم في علم الغيب.

فهل لنا أن نكتشف سر نجاج تجارب دول في ضمان توفير مصادر دخل لشعوبها، دون الحاجة إلى قوائم الباحثين عن عمل، يزداد عددهم عاما بعد عام.

wadiasahtan@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك