حفظ الله بلادي

 

علي بن سالم كفيتان بيت سعيد

 

لن أبرح مكاني وسوف أغنى لوطني حتى تردد الجبال الجامدة، والرمال القاحلة، والكهوف المعتمة معي نشيد. يا عُمان نحن من عهد النبي... أوفياء من كرام العرب.. وسوف أعفر جسدي بترابه كل صباح لن أنتظر البلابل ولا النخيل لكي تسبقني للارتواء من أفلاج بلادي التي تضخ في أجسادنا روح العزة والنماء، وسأقف إجلالاً وإكباراً لذلك الشيخ الذي يمر على أطراف ساقيته القادمة من جبال الحجر ليروي ظمأ الأرض ويبسط اخضرار المستقبل.

لن نستمع للأصوات التي تعزف نشازاً وتغرد خارج تراب الأرض وسمائه فهي تحن للوطن ولكنها قطعت مسافات طويلة في الاتجاه الخاطئ سنذكرها بأنّ أعشاشها لا زالت آمنة، وبأن العودة لا زالت ممكنة إلى سلطنة العفو، فالسلطان لا زال صدره يفيض بالصفح عن كل أبنائه فبالأمس القريب واحتفاء بالعيد الوطني الـ 48 عفا جلالته حفظه الله عمّن غرتهم النفوس الضعيفة والأيادي الخبيثة للتآمر على الوطن ورغم عظم الجرم أطلق السلطان عفوه الكريم رحمةً بهم وعطفاً على عيون أبنائهم وأسرهم التي لم ينقطع أملها ورجائها ليقينها بأنّ الله لطيف بعباده وبأنّ الأب لا زال قلبه يفيض صفحاً وكرما على كل أبنائه.

لن نعيد عقارب الساعة إلى الوراء ولن نسرد لكم مكارم النهضة وإنجازاتها ولكننا سنغني معا للمستقبل المشرق لعُمان بقيادة جلالة السلطان حفظه الله وعافاه، فكل المؤشرات تلهمنا الخير فجلالة السلطان صحته باتت والحمد لله تُطمئننا يوما بعد آخر. فوقفاته الثابتة من أجل السلام وابتسامته العريضة المفعمة بالأمل تلهم كل عُماني وتمنحه المزيد من الرسوخ على المبادئ التي رسمها جلالته أبقاه الله.

بالأمس القريب وجه جلالته بتحريك قطار الترقيات الذي توقف منذ بداية الأزمة النفطية رغم تشكيك المطبلين على مسطبة الخذلان والمتخصصين في رسم الصورة الباهتة للوطن، ولا شك أنّ كل مستحق لترقية ستأتيه ترقيته مع حفظ حقوقه كاملة؛ فمعالي السيد رئيس مجلس الخدمة المدنية وضح ذلك في أكثر من مناسبة بشكل صريح ودون مواربة فما الداعي إذا لكل هذه الجلبة؟ أليس ذلك التشكيك يقود إلى فقدان الثقة بالقيادة التي طالما أنصفت الجميع؟ فالسلطان على رأس هرم السلطنة ورجاله الأوفياء يعملون بجد وإخلاص على رسم المستقبل المشرق لعُمان بإذن الله.

وكبادرة خير لسياسة جلالة السلطان وحكومته الرشيدة فقد تم إرجاء تطبيق ضريبة القيمة المضافة التي كانت مقرره منذ مطلع العام المقبل 2019 إلى أجل غير مسمى وهذا ما كان يشغل الناس ومن هنا نجد أنّ النية الصادقة والمخلصة لعدم الإضرار بالمواطن كانت حاضرة؛ وفي هذا المقام يجب أن ننصف مجلس الشورى الموقر ولجنته الاقتصادية التي ظل رئيسها منافحاً عن تطبيق هذه الضريبة فرغم انتقادنا لدور المجلس في بعض الجوانب إلا أننا نرى أن هذه الوقفة كانت قوية قبل عرض مشروع القانون عليه فقد أصدر بن مسن ورفاقه ما يكفي من صفارات الإنذارات بأنّ المجلس لن يمضي في إقرار هذه القانون في حال تقديمه بشكل رسمي للمجلس وهذا يمنحنا مؤشرا إيجابيا على طبيعة الهامش الذي تتمتع به السلطة التشريعية في السلطنة.

ونقول هنا لمن راق لهم الصيد في الماء العكر بأنّ السلطنة مدت يدًا للسلام في الشرق الأوسط عندما تعطلت جميع القنوات، ولكنّها لا زالت تحتفظ باليد الأخرى فرغم زيارة فرقاء القضية الفلسطينية إلى مسقط بمحض إرادتهم وجولات بن علوي في المنطقة وتصريحاته المجلجلة في مؤتمر المنامة إلا أنّ الخيارات لا يمكن فرضها على الأطراف المتصارعة في فلسطين المحتلة منذ أكثر من سبعين عاما ولا يمكن تغيير القناعات الشعبية بعدالة القضية الفلسطينية وكفاح شعبها من أجل الحرية والكرامة. 

إنّ موقف السلطنة الأخوي مع المملكة العربية السعودية ومع دولة قطر وبقيّة دول الخليج نابع من إيمان ثابت بوحدة أبناء الخليج وبأنّ المصير المشترك هو طوق النجاة ولذلك لم تفرط السلطنة في علاقتها بأي دولة من دول مجلس التعاون ولم تقف ضدها سرا أو علنا بل كانت تحاول مساعدة الجميع للإبقاء على أكبر قدر من التماسك الخليجي المستهدف بعد أن تم تفكيك الكثير من الأنظمة العربية وزرع الفوضى والدمار في معظم دوله التي كانت آمنة ومستقرة.

لذلك وقفنا مساء الأحد الثامن عشر من نوفمبر وجباهنا شامخة للسماء نحاكي شموخ وقفة القائد فعندما يحل موعد قدوم الموكب السامي إلى أرض الميدان يتسمر الجميع تحت شاشات التلفاز لرؤية السلطان ببزته العسكرية ومشيته المهيبة التي أضفى عليها العمر بعدا أبوياً خالصا.. نعم ننتظر لنرى الوجوه الباسمة والحازمة لقادة قوات السلطان المسلحة والجهات الأمنية عندما يستقبلون موكب جلالته فهم حماة الوطن ودرعه الحصين.. نعم ننتظر قائد طابور العرض كل عام في هذا التاريخ ليطلق صيحاته لطوابير العرض أن تقف تحية لجلالة السلطان وكلنا نقف معهم ومع القائد صفاً واحد على الوفاء والإخلاص لعُمان مهما تعاظمت المحن وادلهمّت الخطوب.. حفظ الله بلادي.