ما وراء المقال

منطق الفشل الآسيوي

 

أحمد المصطفى عبد العزيز

خنقت نظرية فصل أندية شرق القارة الصفراء عن غربها مسابقة دوري الأبطال فنياً وكشفت عن فقر وضعف أهم بطولات الاتحاد الآسيوي للأندية لأنَّ من فكر في تقسيم القارة جغرافيًا بفهم أعتقد أنه سيضفي شيئاً من الإثارة والتشويق بين المعسكرين ويرفع من حرارة المنافسة على زعامة القارة كرويًا بين أندية الغرب والشرق فات عليه أنَّ فلسفته التنظيمية التي تفوح منها رائحة المصالح ضررها أكثر من نفعها. لم نشاهد في كل مسابقات الاتحادات القارية التي تنظمها لأنديتها تقسيما جغرافيا، ولا فلسفات خنفشارية كما يحدث في اتحاد القارة الآسيوية الغارق رجالاته في وحل الصراعات العلنية والخفية سعيًا وراء المناصب والكراسي السلطوية عيني عينك لدرجة أنَّ وصفهم المتابعون بأهل الاتحاد الجاحد والخوَّان الذي يفضل ويعشق ويستميت ناسه أسلوب الضرب تحت الحزام حتى ولو كان ذلك على حساب التطوير والارتقاء بكرة قدم القارة.

طيب .. لو سألنا فنيي ومنظري اتحاد القارة الصفراء عن فوائد قرار التقسيم الجغرافي المعيب وغير المبرر في مفهوم الرياضة وكرة القدم، الذي يعتبر بدعة ولا يجوز اعتماده وتطبيقه في مسابقة تعتبر الأبرز والأهم والأعلى قيمة من كل النواحي للأندية شمالا وجنوبا، شرقا وغربا لوقفوا صامتين كالحجارة.. عاجزين عن تقديم إجابة مقنعة تؤكد لنا ولغيرنا وللشارع الرياضي في آسيا الفائدة الفنية التي جنتها الأندية منذ أن بدأ العمل بهذا النظام الفاشل وحتى ختام بطولة موسم 2018 التي فاز بلقبها مؤخرًا فريق كاشيما أنترلز الياباني بحضور رئيس الفيفا جياني إنفنتينو، والشيخ سلمان بن إبراهيم رئيس الاتحاد الآسيوي وبحضور جماهيري إيراني كبير غطى مدرجات إستاد ملعب آزادي.

شخصياً لا أرى أنَّ التذرع بأسباب بُعد المسافات بين الشرق والغرب، واختلاف مواعيد بداية روزنامة مسابقات شرق القارة عن غربها، وفارق التوقيت هنا وهناك مقنعة لفصل أندية الشرق عن الغرب بحجة رفع المعاناة وإرهاق السفر الطويل، وتمكين الأنصار مُتابعة المباريات في مواعيد مثالية، فما يحصل من تنظيم منسجم ومتناغم لدوري أبطال القارة السمراء يؤكد حقيقة أن الأعذار الواهية التي ساقها رجالات الاتحاد الآسيوي هي أشبه بذر الرماد في العيون ليتمكنوا من تمرير مصالحهم الشخصية وضبط ميزان التنافس بين أندية الشرق والغرب حتى ولو كان ذلك على حساب تطوير أندية القارة وهو ما حصلوا عليه برغم أنف المعارضين الرافضين لفلسفة جغرافية المسابقة. لا شك أنَّ فوائد إلغاء النظام الحالي إن حدث سيكون له تداعيات فنية إيجابية على مستوى الأندية شرقًا وغربًا وسيفتح الباب على مصراعيه بأريحية للمنافسة على الزعامة الكروية في القارة الآسيوية بصورة أفضل مما هو عليه الآن، وسيكون له ما بعده على مستوى المدرجات الجماهيرية، والجوانب الإعلامية والتسويقية. ليس ذلك وحسب وإنما سيسمح مع مرور الوقت من خلال اتساع مساحة المسابقة والمنافسة مع مستويات متفاوتة من حيث الجودة الفنية بظهور مواهب كروية يُمكن أن تساهم بشكل كبير في الارتقاء بشأن الكرة الآسيوية والظهور الفاعل والمُؤثر في المحافل العالمية على مستوى الأندية والمنتخبات. ما دفعني إلى انتقاد النظام الجغرافي لدوري أبطال آسيا هو الإبداع التنظيمي للأفارقة، وزعامة العرب لدوري أبطال القارة السمراء في المواسم الماضية، والموسم الأخير الذي اختتمه مساء أمس الأول الأهلي المصري والترجي التونسي بنهائي يُعد واحداً من أجمل وأقوى النهائيات القارية على الإطلاق من حيث التنظيم والحضور الجماهيري والأداء الفني والرجولي على أرضية ملعب إستاد رادس.

إنَّ فوز الترجي التونسي المستحق باللقب الإفريقي للمرة الثالثة على حساب الكبير صاحب الثمانية ألقاب إفريقية الأهلي القاهري يُعتبر فوز للكرة العربية التي ما كان لكعبها أن يكون عالياً على بقية أندية القارة السمراء لولا تنظيم الكاف للمسابقة باحترافية بعيدة عن المصالح، والتقييد، ومنطق المسافات البعيدة، وفارق التوقيت، وهلم جرا.

لقد آن الأوان لرفع الحصار على نظام دوري الأبطال الحالي، والتخلي عن منطق وفهم الاتحاد القاري الفاشل والمجحف لأندية الغرب والشرق معًا.

وليصل من بعد الأقوى والأجدر لنهائي المُسابقة في المواسم القادمة.

لا يهم أن يكون الطرفان من الشرق أو الغرب.

الأهم هو إلقاء القيود الجغرافية.

كلمة أخيرة :

المراجعة لا تعني تراجع .. ولا يصح إلا الصحيح.

maash.obba@yahoo.com

 

 

تعليق عبر الفيس بوك