يدُ الشورى فوق أيديكم

حمود الطوقي

 

بدأت عدد من الوجوه الشابة الجديدة تطرح نفسها بقوة وتلتمس قبة البرلمان وطريق الشورى رغبة منها -حسب قولها- في المساهمة في خدمة المجتمع، وفي المقابل أبدى عدد قليل من أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى الحاليين عدم رغبتهم في الترشح للدورة القادمة لعضوية مجلس الشورى؛ قناعة منهم بفسح المجال للدماء الجديدة.

السباق إلى قبة البرلمان يحتدم بين المواطنين كلما اقترب موعد التسجيل، ونرى رغبة عدد من المواطنين والمواطنات للتقدم رسميا للترشح لعضوية المجلس، سواء كانوا ذوي كفاءة أم يرغبون في ركب الموج بهدف تشتيت الأصوات أو العناد لكي يسجل لنفسه الحضور وسط هذا الحشد الذي يتنافس للفوز بهذا المنصب الرفيع.

نعم الفوز بمنصب مجلس الشورى له طعمه الخاص فليسمح لي القارئ العزيز التوقف برهة عند العضو الذي سيفوز بمقعد البرلمان والذي يصله بجدارة بواسطة صناديق الاقتراع وبتشجيع من أهالي ولايته الذي آمنوا بقدراته وأوصلوه طواعية لهذا المنصب الرفيع، فهذا العضو الجديد ستتغير حالته فورا بعد أن يعلن رسميًا بأنه الفائز وبأنّه ممثل لولايته، هنا سيتمكن من تمثيل ولايته رسميا وسيحصل على امتيازات عديدة ولقب رسمي بمسمى: "سعادة" وهذا اللقب لا يحلم به أحد، وليس من السهل نيله، إلا أن يكون من يقترن اسمه بلقب "سعادة" قد نال الثقة السامية من لندن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم.

العضو صاحب السعادة هنا ستتغير حالته وسينال من الهبات ومكارم الحكومة وسيحصل على ما يريد وسيكون قريبا من صناع القرار يلتقي بهم وقت ما يشاء ويمرر مطالبه أولا قبل مطالب المواطنين؛ وطبعا لا أعمم هنا بل أتحدث عن الفئة التي تضع عينها على المقاعد البرلمانية لتستفيد قدر المستطاع طوال فترة تمثيلها سواء لدورة برلمانية أو لدورتين.

هناك أعضاء مجلس الشورى يبرزون خلال مناقشاتهم وتجدهم متميزين يقدمون المبادرات الوطنية ويساهمون في تنمية الولاية التي يمثلونها ويلبون مطالب المواطنين قدر المستطاع، ويسعون لتوصيل صوت المواطن إلى الجهات الرسمية وإلى صناع القرار، وتراهم بارزين ليس فقط على مستوى ولايتهم بل على مستوى البلاد ككل، مثل هؤلاء الأعضاء قلة ونتمنى استمرارهم لكونهم يحظون بشعبية كبيرة ويضعون مصلحة المواطن فوق مصالحهم الشخصية.

أمّا العضو الآخر الذي يصل إلى البرلمان ولا نسمع صوته وتكون تحركاته من أجل مصالحه الشخصية مستغلا هذا المنصب الرفيع ولا يلبي مطالب المواطنين ويكتفي بأن يكون هو المستفيد الأول والأخير وينتهز فرصة وجوده لكي يحقق مآربه الشخصية، هذا الصنف يكتشف أمره ويتجنبه الأهالي في الانتخابات ولا نريد أن نرى مثله تحت قبة البرلمان، فهذا المكان لا يناسبه وعليه أن يتركه لمن هو أجدر منه للترشح لعضوية المجلس.

نعم هذه هي حقيقة الصنفين من أعضاء المجلس وكل صنف يعرف نفسه وموقعه ومكانته وماذا قدم لمجتمعه ويعرف نفسه إذا كان قد استغل المنصب ليكون هو أكبر المستفيدين أم لا.

ها نحن نتهيأ لانتخابات الدورة التاسعة والتي ستبدأ مع أكتوبر 2019، نتمنى أن يكون السباق على المجلس من ذوي الكفاءات الوطنية ومن يضعون مصلحة ولايتهم وأهاليهم فوق كل الاعتبارات ويضعون برنامجا انتخابيا مدعوما بخطط ورؤى طموحة من أجل تنمية الولاية أو القرية التي ينتمي إليها، ونريد أن نرى سباقا حقيقيا للمتنافسين على المقعد البرلماني، وهنا ندعو الناخبين أن يتعرفوا على البرنامج الانتخابي للعضو المترشح، ويدلون بصوتهم للعضو المستحق؛ واضعين في عين الاعتبار أن العضو الذي سيصل إلى قبة البرلمان من ذوي الكفاءة ويمكنه أن يقود قاطرة التغيير، هذا العضو حتما ستكون مساهمته كبيرة ليس فقط للولاية التي ينتمي إليها بل من خلال مساهمته الفاعلة في اللجان التي يتم تشكيلها وتتنافس عليها الكفاءات من أصحاب السعادة المنتخبين.

مجلس الشورى بعد أن أعطي صلاحيات جديدة تشريعية ورقابية أصبح من المهم أن يكون العضو المنتخب متميزا وذا كفاءة ودراية، ولديه القدرة على دراسة ومناقشة الملفات التي تحولها الحكومة لأخذ مرئيات المجلس، هذا العضو الذي نريده أن يتصدر قائمة المجلس أما من يرى نفسه ليس بالكفاءة ولا يملك مقومات التغيير فنطالبه بأن يفسح المجال لمن هو أقدر منه في تحمل المسؤولية.

هذا المجلس أنشئ لكي يتطور؛ وتطوره بيد أعضائه المتمكنين وليس المُتسلقين.