قاطرة الغرفة تحط رحالها في نيروبي

حمود بن علي الطوقي

تضع غرفة تجارة وصناعة عُمان رؤية تتحرك من خلالها لدعم الاقتصاد الوطني والبحث عن بدائل قد تُساهم في رفد قطاع المال والأعمال والاستثمار في السلطنة.

ألاحظ أن إدارة الغرفة التي يقود دفتها شاب طموح ورجل أعمال بارز سعادة الأخ قيس اليوسف تتحرك على مُختلف المستويات لتكملة مشوار من سبقوه من رؤساء الغرفة لدعم الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال تسيير الوفود التجارية إلى مختلف العواصم والمشاركة في المعارض التي تُقام هنا وهناك بغية جذب استثمارات للسوق المحلي أو الدخول في الشراكات من أجل تعزيز البيئة الاستثمارية وتوسيع قاعدة الشراكة مع مختلف العواصم التي تربطنا معها علاقات على مختلف الأصعدة .

أرى أن تحرك قطاع رجال الأعمال الذي تقودها الغرفة بات مهماً خاصة وأنَّ هذا التحرك يبحث عن استثمارات جديدة قد تكون بديلاً عن الاستثمار في قطاع النفط والغاز، هذا الحراك من المهم أن يكون واقعيا خاصة في ظل اعتماد السلطنة على النفط، باعتباره المصدر الأساسي الذي تمثل تدفقاته عمودا فقريا لصناعة التنمية المحلية، فقد شكل هبوطه منذ حوالي أربع سنوات. تداعيات نشأت عنها فجوة كبيرة، انعكست أبعادها على تفاصيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية في السلطنة، مما نشأ عنه ما يُمكن أن نطلق عليه مصطلح الانكماش الاقتصادي.

أعتقد أنَّ ما تقوم به الغرفة قد يُعيد توجيه البوصلة وخير مثال لجهود الغرفة تنظيم معرض المنتجات العمانية الذي يقام سنويًا في مختلف العواصم.

هذا المعرض "أوبكس" رسخ أقدامه ومن خلاله استطاعت الشركات المحلية أن تعرض منتجاتها للأسواق العالمية وفِي نفس الوقت تعقد صفقات تجارية بعشرات الملايين بغية تحقيق الشراكة التجارية مع مختلف دول العالم وتعديل الميزان التجاري ليصبح في صالح السلطنة.

خلال هذا الأسبوع ولمدة أربعة أيام يعقد معرض المنتجات العمانية هذه المرة في العاصمة الكينية نيروبي .وما يثلج الصدر أن قرابة ثمانين شركة عمانية من الشركات المختلفة الأحجام تشارك في هذا المعرض الذي افتتح تحت رعاية معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة وستقدم السلطنة في هذا المعرض كدولة صناعية متميزة في الصناعة ذات المواصفات العالمية. كما ستبحث الشركات العمانية فرص التبادل التجاري مع نظيراتها في جمهورية كينيا وعقد صفقات تجارية تعود بالنفع على مستوى البلدين.

على مدار الدورات الخمسة كنت أحرص على حضور هذا المعرض كصحفي لكي أنقل ما يحدث من حراك استثماري خلال هذه المشاركات، فقد شاركت في المعارض التي أقيمت في تنزانيا وإثيوبيا وقطر والجزائر وتخطط الغرقة في العام القادم لإقامة المعرض في رواندا وذلك في إطار جهودها الرامية لتحريك العجلة الاقتصادية، فكما يعلم المنشغلون فإن الفترة الماضية مع تدني أسعار النفط أصبحت العجلة تدور ببطء وانعكست آثارها الاقتصادية على مختلف مفاصل الحياة اليومية فتأثرت الشركات بمختلف أحجامها الكبيرة منها والعائلية وحتى تلك الشركات التي تندرج تحت عباءة الحكومة وأيضا الصغيرة والمتوسطة، التي أُريد لها أن تكون ساندا وآزرا وشادا على يد الحكومة في المضي بعجلة التنمية نحو مختلف التفاصيل.

يجب أن ندرك أنه من الضروري أن نؤمن بدور الغرفة وبأنها بيت التجار الذي أريد له أن يكون شريكا إستراتيجيا للحكومة

وفي الوقت ذاته فإنّه أي القطاع الخاص مطالب بأن يكون أكثر ابتكارا في طرح المشاريع ذات القيمة المضافة وبأسلوب ابتكاري غير تقليدي.

أصبح من المهم التحرك والبحث عن شركاء في القارة السوداء هذه القارة التي تربطها بسلطنتنا علاقات تاريخية تمتد لمئات السنين، فقد وصلت رياح الإمبراطورية العمانية وكانت محور التنمية، وآن الأوان أن نعيد توجيه البوصلة إلى هذه القارة السوداء نظرًا لما تملك من فرص استثمارية واعدة .

بات من الضروري الآن، أن تنشأ صلة مباشرة بين الحكومة، ممثلة في جهاتها ومؤسساتها من ناحية، وبين القطاع الخاص الذي تقوده الغرفة من ناحية أخرى، وذلك بأن يتم تجسير العلاقة مع الراغبين في التعامل مع القطاعات الحكومية، وبخاصة الترويجية والخدمية منها، مثل القطاع السياحي، الذي يعتبر أرضًا خصبة للابتكار والتوظيف والترويج السياحي بشكل كبير، وبسبب غياب العلاقة التكاملية، فقدت العديد من الشركات بريقها وأصبحت شركات متعثرة تبحث عن طوق النجاة حتى تكمل مشوارها في عالم التجارة والاستثمار.

أخيراً يمكن أن نختم هذا المقال مؤكدين على أهمية تفعيل دور الغرفة التجارية وتعزيز مستوى الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، وهناك حاجة ملحة وضرورية تتمثل في مراجعة القوانين، لمواكبتها مع الوقت، وجعلها قادرة على استشراف المستقبل، هذا المطلب الذي ينشده الجميع فمتى تحقق فحتما سيتلاشى الانكماش الاقتصادي وتتفتح زهور التنمية لتفوح رائحتها الزكية في مفاصل التنمية.