الإعلام الإنمائي بين الواقع والمأمول

 

سالم بن لبخيت كشوب

يحتفلُ العالمُ، اليوم 24 من أكتوبر، باليوم العالمي للإعلام الإنمائي الذي حدَّدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1972، من أجل لفت انتباه الرأي العام العالمي لمشاكل التنمية، والعمل على حلِّها والتوظيف الإيجابي لمختلف وسائل الإعلام لخدمة مختلف قضايا التنمية، وتحقيق الشراكة الحقيقية بين الحكومات والمواطنين في هذه الخطط والبرامج التنموية.

ومما لا شك فيه أنَّ الإعلام الانمائي من المفترض أن يقوم بدور ملموس كوسيط بين المواطنين ومتخذي القرار، ويكون حلقة وصل بينهم؛ سواء فيما يتعلق بالتوعية ونشر الحقائق فيما يتعلق بالخطط التنموية التي تنفذها الحكومات، أو نقل مُلاحظات وآراء المواطنين حول كافة المعوقات التي قد تُعيق تنفيذ خطط التنمية في مختلف المجالات، ونقل مقترحاتهم وآرائهم بكلِّ موضوعية حول بعض القطاعات التي رُبما بحاجة إلى تطوير وتحسين.

وبالتالي؛ يسير هذا الإعلام في مساريْن أو على مُستويين من خلال المستوى الحكومي أو الرسمي، وعرض الواقع التنموي؛ سواء بالسلب أو الإيجاب، أو المستوى الشعبي أو الفئات المستهدفة؛ من خلال شرح خطط وبرامج التنمية للمواطن، ونقل آرائه وملاحظاته للجهات المختصة، دون أي تزييف أو تحريف لتلك الآراء، وأن يكون شريكا رئيسيًّا ومؤثرًا قبل تنفيذ أي خطة تنموية في كافة المجالات.

لقد تغير دور الإعلام بشكل عام، والإعلام الإنمائي كفرع مهم من الإعلام من المرحلة التقليدية كناقلٍ للمعلومة وأداة لنقل الأفكار والمعلومات إلى المواطنين، إلى الدور الحديث من خلال نقل احتياجات وهموم المجتمع لصُنَّاع القرار، والعمل على إيجاد رأي عام واعٍ بمختلف قطاعات التنمية المستهدفة.

ورُبما من أبرز المعوقات التي تُواجه العاملين في هذا القطاع المهم، قِلة المتخصِّصين في هذا الجانب من الإعلاميين، وعدم مواكبة التقنيات الموجودة في عالم التقنية والتكنولوجيا، وإغفال مشاركة الإعلام التنموي في عملية اتخاذ القرار، وعدم وجود شراكة حقيقية وفاعلة مع الأجهزة الحكومية المسؤولة عن خطط التنمية، مع ضرورة إيجاد التشريعات والقوانين الكفيلة بحماية الإعلاميين، وسهولة الحصول على كافة المعلومات المتعلقة بخطط التنمية، وبرامجها، وأهدافها.

ونظرًا للتطوُّر الحاصل في مجال التقنيات والاتصالات والتكنولوجيا، ووجود منصات إلكترونية منافسة للإعلام التقليدي؛ فإنه من الأهمية مُواكبة هذه التغيرات، والحرص على نقل الصورة الحقيقية والواقعية لمجالات التنمية؛ وبالتالي ضرورة أن ينتقل هذا الإعلام من الصورة النمطية التقليدية كوسيلة لنقل الأخبار والأحداث، وفق مرئيات وخطط بعض الجهات، إلى وسيلة فعَّالة لبناء الرأي العام، وبث الوعي، وتعزيز التواصل الفعَّال بين المسؤولين وصُنَّاع القرار وبين المواطن الذي لابد أن يكون الإعلام محطَّ ثقته ومصدرًا لتقبُّل المعلومات، ووسيلة للتعبير عن همومه ومشاكله، وعدم تأثره بوسائل الاتصال الأخرى؛ سواء كانت تقليدية أو إلكترونية.

وختامًا.. يظل الإعلام الإنمائي وسيلة مهمة لطرح مُختلف القضايا التي تهم التنمية، وتوضيح مختلف الخطط والأهداف من خلال التوعية والتثقيف، ونقل المعلومة والخبر، ونشر الآراء بمصداقية وموضوعية، والاستفادة من التقنيات الحديثة لتطوير أدائه على أكمل وجه، إضافة إلى أهمية حرص مُتخذ القرار وإيمانه بدور الإعلام كشريك حقيقي في تنفيذ خطط التنمية، وأهمية التأهيل والتدريب الاحترافي للعاملين في هذا القطاع الحيوي من قطاعات الإعلام.

والسؤال المطروح الآن.. وأترك الإجابة للقراء: أين واقع الإعلام الإنمائي في عالمنا العربي؟ وهل واكب التطوُّرات الحاصلة كشريك حقيقي للتنمية وجسر تواصل بين صَانع القرار والفئة المستهدفة؟

تعليق عبر الفيس بوك