بطاقة الأداء المتوازن

 

علي العبيد **

** خبير تدريب

 

تتنوع مقاييس ومعايير أداء المؤسسات التجارية بتنوع المدارس الإدارية والنظريات العلمية التي تهتم بتقييم الأعمال والارتقاء بمعدلات الإنتاج والخدمات ولقد استجدت على الساحة في السنوات الماضية أساليب وأفكار ونظريات مختلفة بشأن طبيعة الاستراتيجيات الخاصة بالمؤسسات التجارية والخدمية ورسالتها وما تحمله من مقاييس أداء دقيقة تبين إطار الإدارة الحديثة والقياس المحوري (الاستراتيجي) للعمليات التشغيلية.

وتعتبر بطاقة الأداء المتوازن نتاج طبيعي للدراسات وجهود علماء الإدارة، وذلك تزامنا مع تطور الفكر الإداري ومفاهيم الجودة، وإعادة هندسة المنظمات وإدارة المعرفة وتقنية المعلومات كما أنّ بطاقة الأداء المتوازن هي أداء من أدوات التخطيط المحوري (الإستراتيجي) لمساعدة المؤسسات على تقييم أنشطتها وأدائها حسب رؤيتها الكليّة.

ويمكن القول إنّ بطاقة الأداء المتوازن ليست وسيلة قياس فقط وإنما هي تمثل نظاما إداريا يقوم على  الأهداف والمقاييس والمستويات المستهدفة والمبادرات والتي تصب في خانة السياسات العليا لأية مؤسسة عامة أو خاصة وتساعد على تزويد الإدارات بالتغذية الراجعة لعملياتها الداخلية ومنتجاتها وخدماتها الخارجية تحقيقًا لنتائج ترضي الزبون الداخلي والزبون الخارجي وعليه فقد ثبت أنّ تطبيق بطاقة الأداء المتوازن يساعد المؤسسات على القياس الفعّال لأداء المؤسسة والتنفيذ الناجح للبرامج ولقد تمّ تطوير نظام بطاقة الأداء المتوازن في العام 1996 على يد كابلن و نورتن وهما من مفكري علوم الإدارة وما زال الباحثون يسعون إلى تقديم أفضل التجارب والحلول للعديد من المشاكل التي تطرأ على العمليات الإدارية بين الفينة والأخرى بغرض تذليلها بالطرق العلمية ويكاد نموذج بطاقة الأداء المتوازن واحد من أهم الأساليب الإدارية في مجال التخطيط والتنفيذ للخمس وسبعين سنة المنصرمة.

وتستهدف فلسفة بطاقة الأداء المتوازن أربعة محاور مهمة لقياس الأداء الكلي للمؤسسة كما يلي:

  • المحور المالي:

يحوي أهدافا مالية بحتة مثل العائد على الاستثمار والقيمة الاقتصادية المضافة وتكلفة المنتجات والربحية والتدفق النقدي وما في حكم ذلك من الأمور المالية.

  • محور العملاء:

يعنى بجوانب تتعلق بجودة خدمة العملاء والحصة السوقية ودرجة الولاء ورضا العملاء مثل تلبية رغباتهم عن طريق تقديم منتجات وخدمات جديدة أو من خلال تحسين الخدمة والاستجابة إلى شكاوى العملاء ومتطلباتهم وغير ذلك في هذا الجانب.

  • محور العمليات الداخلية:

يهتم هذا المحور بجوانب العمليات الداخلية في المؤسسة مثل تطوير أنظمة العمل الإدارية والتنسيق والتعاون بين الإدارات والأقسام الداخلية واستخدام تقنية المعلومات والمحافظة على مستوى الأداء العالي وابتكار عمليات جديدة في تصميم وتطوير المنتج.

  • محور التعلم والنمو (الإبداع):

هذا المحور يحدد القدرات والمهارات التي يجب مراعاتها وتقييمها من أجل أن تنمو المؤسسة بشكل مبتكر والخروج من الأساليب والطرق التقليدية إلى اتباع أساليب حديثة لتواكب متطلبات المرحلة المعاصرة بما يخلق قيمة للعملاء والمساهمين لدى المؤسسة.

وبناء على ما تقدم من مفاهيم يتبين أنّ التخطيط السليم يؤدي إلى فتح مسارات جديدة تنعكس إيجابا على كافة أنشطة المؤسسة بدءا من رسم الخطط الإطارية ووضع البرامج التشغيلية إلى مرحلة تقييم النتائج وقوفا على السلبيات لتصحيحها ودعم الإيجابيات لتطويرها وبالتالي تلعب بطاقة الأداء المتوازن دورا محوريا للقياس والمتابعة المستمرة لتحقيق الأهداف المنشودة للمؤسسات.

ومن حيث التطبيق العملي فإنّ آلية بطاقة الأداء المتوازن ترتكز على وضع الهدف أولا ومتابعة الأداء لمعالجة أية قصور أثناء التشغيل وذلك من خلال ورش عمل دورية للمديرين ورؤساء الأقسام لتحديد مؤشرات تقدم الأداء وفقا لما هو مرسوم في البرنامج التشغيلي ومن ثم يتم الوصول لأفضل المؤشرات الدالة على التنفيذ الفعلي بعيدًا عن أية انحرافات عن الأهداف المرسومة ومن الأهمية بمكان أن يتولى عمليات التقييم والقياس في هذه المرحلة المختصون  بالمؤسسة ضمانا للحصول على أفضل المخرجات الإنتاجية أو الخدمية سواء في القطاع العام أو الخاص.

والتطبيق المثالي لنظام بطاقة الأداء المتوازن يتبين من فحص مدخلات الإنتاج ومتابعة توفير التغذية المرتدة والتغذية المستقبلية بغرض تقييم المخرجات لتزويد المدخلات بنتائج التقييم سلبا أو إيجابا بما يمكن من تحسين المدخلات مع الأخذ في الاعتبار بحوث العمليات والكوادر العاملة والوسائط المساعدة وضبط الجودة وكل ما يمكن قياسه من عناصر الإنتاج الفرعية لأنّ القاعدة تقول (لا يمكن أن نطور الأشياء دون قياس).

تعليق عبر الفيس بوك