"تسريح بإحسان"

 

سليمة بنت عبدالله المشرفية

 

اهتم الشارع الحكيم بالأسرة التي هي لبنة المجتمع وأنزل في ذلك آيات بينات يتعبد بتلاوتها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فجعل عقد الزواج ميثاق غليظ لا يجوز فسخه بغير سبب وجيه، وجعل طبيعة العلاقة بين الزوجين قائمة على أساس المودة والرحمة فيما بينهما لينشأ الأبناء في ظل هذه المحبة ويتشربوا من معينها المتدفق فينشأون أفرادا محبين لخدمة أنفسهم، ومجتمعهم، وبناء أمتهم على أسس من الاستقرار والرويّة.

أما إن نضب معين الود وشحت عين التفاهم بين الطرفين فسنت الشريعة الإسلامية لذلك حل الفراق ليكون ميلادُ حياةٍ جديدة لكلا الطرفين من الممكن أن ينشئها كل منهما بعيدا عن الآخر "وإن يتفرقا يغنِ الله كلاً من سعته"

ومع هذا وذاك ورغم أنها ساعة الفراق وقد تكون القلوب مشحونة على بعضها وتستعرغضبا وغيظا وحزنا على ضياع الذكريات الجميلة وغير ذلك فإن الله تعالى لم يشأ أن يكون هذا الفراق فراقا قائما على البغضاء وكيل السباب والعبارات الجارحه لكل منهما بل شرّع لهذا الفراق تشريعات لن نجدها إلا في كتاب الله.

فجعله فراقا قائما على الإحسان"أو تسريحٌ بإحسان"

فإن تعثرت النفوس عن إدراك درجة الإحسان فلا تقل من درجة المعروف "وفارقهن بمعروف"

وذلك لا يتحقق في فراق عابر صادر عن هوى وقلة مسؤولية من أحد الطرفين تفاجأ به الطرف الآخر في حين غفلة منه.

فراق برسالة مجنونة وكأن اللقاء قد تم باتصال هاتفي مثلاً

إن ذلك يجعل الغصة عميقة واللوعة مرُّ وعلقم

وكيف لهذا أو ذاك عبر هذا الفراق المعتوه أن يتذكر الفضل بينهما ولا ينساه وفق ما أنزل الله في كتابه"ولا تنسوا الفضل بينكم".

وهل حرم الله الزنا إلا لكونه حياة مزلزلة ومتعة وقتية متوقع بعدها الفراق بأي لحظة

إن هذا الفراق ما كان ليكون لولا أن اللقاء لم يبنى على أسس من الصدق والنضج الفكري بين الزوجين

وهذا أمر يجب أن يبحث عنه الآباء في من يتقدم لبناتهم ويتحرى عنه الأولياء فيمن يأتي طالبا لمن تحت ولايتهم فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته وأيضا بما أننا نعيش في عصر حضاري متقدم يجب أن لا يجعل الزواج إلا لمن تلقى التوعية الكافية من خلال دورات أسرية كشرط أساسي لكل من يتقدم طالبا للزواج ويُسن تشريعات جديدة في حق كل مجرم يتلهى في أعراض الناس بأمواله الطائلة التي لا يحسب لها حسابا لنبني بذلك مجتمعا متصالحا واعيا وتخف بذلك مسؤوليات التنمية الإجتماعية ودورها في تأمين الحياة الكريمة للمطلقات، ولنبني أسرا متوهجةً بنور الإسلام إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان..

slima69844@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك