الشركات الناشئة.. خطوة نوعية لدعم النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل للشباب

أكثر من 100 شركة تبصر النور عبر حاضنات الأعمال في السلطنة

 

 

الرؤية - مريم البادية

بدأ بريق الشركات الناشئة يلمع على أرض السلطنة منذ 2017 بعد 3 سنوات من إنشاء أول شركة ناشئة بالبلاد، وقد أولت الحكومة عناية خاصة بهذه الفئة من الشركات، فظهرت العديد من الحاضنات لتقديم الدعم المادي والإداري لإنشاء المزيد من هذه الشركات وتدريب فرق العمل بها وتطوير خبراتها، لتكون رافدا من روافد التنمية الاقتصادية في الوطن، وفي ذلك الإطار جاء إنشاء مركز ساس لريادة الأعمال تحت مظلة هيئة تقنية المعلومات، وكذلك الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة "ريادة" علاوة الصندوق العماني للتكنولوجيا.

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أنَّ "ريادة" احتضنت في غضون 4 سنوات 47 مؤسسة وشركة، وخمس شركات أخرى تم احتضانها في مركز الأعمال، وشركة واحدة محتضنة بشكل افتراضي، لذا يبلغ إجمالي الشركات الناشئة 50 مؤسسة أو شركة تتراوح أعمار مؤسسيها بين 22 و45 سنة. وقد وفرت 51 وظيفة للعمانيين و11 وظيفة للوافدين، وخرج منها 8 مؤسسات/ شركات. كما احتضنت "ساس" على مدى 6 سنوات 58 شركة، وتخرج فيها 12 شركة.

ويعرّف حمود الحمدان مدير مركز ساس لريادة الأعمال الشركات الناشئة بأنها كل شركة جديدة في سنواتها الثلاث الأولى، وتُعد هذه الشركات جزءا من قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلا أن الاختلاف فيما بينها يكمن في التخصص، فالشركات الناشئة تتميز بقدرتها على إيجاد حلول وتقديم خدمات أو منتجات بشكل جديد ومبتكر ومتميز عن غيره من الشركات، وهي في تطور ونمو مستمر. ويقول الحمدان إن هذه الشركات مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمجال التقني، الذي يتسم بالتغير المتسارع، غير أنه يشير إلى إمكانية إنشاء هذه الشركات في أي مجال يعتمد على تقديم حلول مبتكرة، مؤكدا الصلة بين الشركات الناشئة ومبدأ الابتكار.

ويشيد الحمدان بما توفره الحكومة من بيئة خصبة لنمو الشركات الناشئة، خصوصًا مع تزايد المؤسسات الداعمة والمهتمة بالشركات الصغيرة والمتوسطة، وذلك عن طريق تخصيص برامج ومشاريع وعروض مالية لهم، لكنه يلفت في الوقت نفسه إلى أنَّ الأمر يتطلب المزيد من الجهود والتسهيلات في النواحي المالية والقانونية كالتراخيص حسب النشاط التجاري.

وعن اختيار المشاريع لتحويلها إلى شركات ناشئة، تقول فتحية الحكمانية مديرة دائرة الحاضنات ومراكز ريادة الأعمال: نستهدف مؤسسات وشركات في القطاع الخدمي مثل (الدراسات  المجتمعية والتدريب الرقمي، الإعلامي، السياحة والاستشارات الصناعية والهندسية، الأمن والسلامة، التصميم الجرافيكي والتصوير والرسم والتسويق وبناء الهوية، والترجمة والتسويق الرقمي، إضافة إلى منصات إلكترونية لبيع المنتجات والسيارات).

وضمن قواعد انضمام الشركات الناشئة إلى مراكز الحاضنات، تشير الحكمانية إلى ضرورة أن يكون المشروع المقدم إلى المركز ذا طابع إبداعي، ثم يجتاز مقدم الطلب مقابلة لجنة قبول طلبات الانتفاع بحاضنات الهيئة، وأن يكون مالك المؤسسة أو أحد الشركاء في الشركة عمانيًا متفرغاً لإدارة المشروع تفرغا كاملا. كما يجب ألا يزيد عدد العاملين في الشركة عن 4 عمال من ضمنهم مقدم الطلب، وألا يكون مقدم الطلب مالكا لمؤسسة أو شريكا في شركة أخرى، موضحة أن من بين الشروط كذلك ألا يكون مقدم الطلب منتفعًا أو سبق حصوله على الانتفاع من إحدى الحاضنات التابعة للجهات الحكومية الأخرى، إلى جانب التزام صاحب العمل ببرنامج التدريب والتوجيه للحاضنة في حال قبوله، مشيرة إلى أن الطلب وتوقيع عقد الانتفاع يعد ملغياً في حال ثبوت مخالفة لأي من الشروط السابقة، كما يحق لإدارة الحاضنة رفض طلب من لا تراه مناسباً للاحتضان.

ولأن الشركات الناشئة عُرضة لعدد من التحديات والصعوبات التي قد تقف حجر عثرة في طريق تقدمها، وتوسعها في السوق، وربما عدم الدراية بهذه التحديات هو السبب الرئيسي في فشل أي شركة ناشئة، يوضح الحمدان أن التحدي الكبير هو الثبات على الفكرة قبل التفكير في الجانب المالي، فالأخيرة ضرورية لكن الفكرة إذا تغيرت في كل مرة ولم تكن واضحة المعالم من البداية، سيكون مصيرها الاختفاء، لأنه ليس لدى أصحابها رؤية حقيقية.

وفي هذا المحور ترى الحكمانية أن من أهم التحديات تجديد الاستراتيجية المتبعة في الشركة تماشياً مع تطور التكنولوجيا فالمعرفة والثقافة الذاتية قبل بدء أي عمل تجاري والبحث والتطوير المستمر في المشروع ضروري جدًا، كما ستواجه الشركة تحدي التسويق للمنتج وعرضه للجمهور، وتمويله سواءً كان في بداية المشروع أو لغرض النمو والتوسع حتى يستطيع البقاء في ظل التنافس التقني، ثم كسب ثقة العميل تجاه المنتج المعروض.

ومن جانبه يرى سالم النعماني الرئيس التنفيذي لشركة إيجاز، التي  تأسست في مطلع 2015 كشركة متخصصة في مجال بناء العلامات التجارية والتصميم الداخلي التجاري، أن التحديات المشار إليها سابقاً موجودة في أيِّ شركة ناشئة، وإضافة إليها هناك تحدي التوظيف وإيجاد الكفاءات، حيث إنَّ أغلب الشركات التي تعمل في المجال الإبداعي بشكل عام وقطاع التصميم بشكل خاص، يُعاني من ندرة الموهوبين من مخرجات الكليات في تخصصات التصميم المُختلفة. ويوضح النعماني أنَّ الحاضنات تكرس جهدها لتذليل هذه الصعوبات أمام الشركات الناشئة من خلال البرامج الدورية التي تُقدمها، حيث تُشير الحكمانية بعض منها، مثل: التدريب والتوجيه والتسويق والجلسات الاستشارية الفردية لكل مؤسسة/ شركة. إضافة إلى المُتابعة الدورية لكل المحتضنين، حيث يتم تنفيذ أربع جلسات في العام الواحد لكل مؤسسة/ شركة. كما يجري تنظيم لقاءات مع المُختصين والمعنيين وذوي العلاقة وذلك بهدف التعرف على أنشطة المحتضنين والتشبيك فيما بينهما. ويقدم مركز ريادة العديد من الفعاليات التسويقية مثل: "ريوق ومشورة" و"الأسبوع العالمي لريادة الأعمال" و"ستارتاب وينكد"، وقد تمَّ تنظيم أول مؤتمر لحاضنات الأعمال بالسلطنة في ديسمبر الماضي.

تعليق عبر الفيس بوك