ذوو الدخل المحدود والقروض الشخصية

 

وزارة القوى العاملة

 

تعد القوى العاملة الفئة الأكبر بين شرائح المجتمعات في العالم، وإن معظم مكونها من ذوي الدخل المحدود، وإن معظم المقترضين من البنوك من القروض الخاصة (الشخصية) هم من الموظفين أو العمال من ذوي الدخل المحدود. فدخولهم لا تنسجم مع تصاعد تكاليف المعيشة المستمر. ويمكن اعتبار تصاعد  عدد القروض الشخصية  التي تقدمها البنوك التجارية للمقترضين في الدول النامية  مؤشراً لعدد من الحقائق الاقتصادية  :

  • تدني متوسط المستوى العام للأجور (الدخل الفردي) بما لا يتيح إدخارا ماليا يعوّل عليه الفرد للإنفاق على إنشاء أسرة والتوسع بمتطلباتها، ليكون اللجوء للبنوك التجارية  للحصول على قرض شخصي بفائدة مركبة وبضمانات مؤكدة تضمن استيفاء مبلغ القرض وفوائده.
  • عدم التكافؤ بين المستوى العام لتكاليف المعيشية الذي يتصاعد بالتزامن مع التضخم، وبين متوسط المستوى العام للأجور(الدخل الفردي) الذي يتأثر سلباً بتناقص القوة الشرائية للعملة بما يجعل الفرد عرضة للحاجة للاقتراض
  • أن معظم القروض الشخصية قروض استهلاكية يلجأ إليها الأفراد لحاجة آنية قد لا يكون بميسورهم الإيفاء بها عند استحقاقها مما قد يزيد من تدني المستوى المعيشي للفرد والأسرة بخسارة الأصول التي قدمت كضمانات للقروض.
  • تقدم بعض البنوك قروضا شخصية لبعض الأفراد من ذوي الدخل الثابت حتى ولو كان دخلا محدودا، إذ إن البنوك تقدم قرضها للشخص ليس على أساس أهمية القرض وفائدته وضرورته للمقترض، بل على مدى قدرة البنك على تحصيل أقساط القرض، وهذا ما يعيب هذه القروض التي لم تراعَ فيها سوى مصلحة وضمان البنك لحقوقه.

حقوق البنك أولا: فشروط القروض الشخصية وضعت بما يتناسب مع ضمان البنك لحقوقه، فالبنك لا يقدمها إلا للشخص الذي يعلم أن دخله معلوم وثابت، وللبنك عليه سلطة اطلاع وسلطة اقتطاع. كما أن البنوك عادة ما تقدم القرض بعد أن تحسم منه الفوائد، والتي تم الاتفاق على نسبتها، أي أن مبلغ القرض الذي يقدم للمقترض ليس المبلغ المتفق عليه، بل هو أقل من ذلك. فالفوائد تحسم مرة واحدة عند بداية سريان مدة القرض، ولا توزع على مدة القرض.وعادة ما تكون هذه القروض قصيرة الأجل، ولا تتعدى السنوات الثلاث أو الأربع على أقصى مدى، مما يجعل هذه القروض مرهقة، لأن ذلك يرفع مبلغ القسط الشهري المقتطع من دخل المقترض، فقد يتم خصم ما يقرب من ربع أو ثلث الراتب مقابل القرض. مما يجعل المقترض يعيش في فترة تقشف أو في فترة حرجة مدة هذه السنوات.

لا يقوم البنك بدراسة مستفيضة عن طالب القرض ولا عن سجله الائتماني، ولا يبحث البنك عن صحة الحاجة ووجودها، ولا يعمل على متابعة وملاحقة المال المصروف فيها، وقد لا تكون هناك حاجة فعلية أو ضرورة ملحة للحصول على هذا القرض، وهذا فخ يقع فيه المقترض، حيث إن إغراء توفر السيولة وإمكانية الحصول عليها بسهولة يشجعه على الحصول عليها، ومن ثم صرفها، ولا يكترث البنك لأي إسراف أو إهدار للمال المقترض طالما كان البنك مقتدرا على تحصيله.

إن سهولة الحصول على القرض الشخصي قد تدفع الكثيرين إلى الحصول عليه، ولكن الاستفادة منه ستكون محدودة، لأن أغلب المقترضين سيصرفون الأموال في السلع الاستهلاكية أو في الاستهلاك التفاخري، حيث يجدد بعض الأشخاص سياراتهم، فيشتري سيارة حديثة وجديدة، أو يغير أثاث منزله بقرض من البنك يمتد إلى مدى عمر الأثاث أو السيارة، ما يجعله مالا ضائعا، لأن العائد له كان عائدا استهلاكيا.

وختاماً.. إن كل إنسان عرضة للحاجة الآنية، فالحكمة في توفير مبلغ من المال، ومن الواجب أن تعمل البنوك على تنمية الادخار والتشجيع عليه، ويجب أن يكون لدى الأفراد الوعي والتبصر والاقتصاد في الإنفاق وعدم الإسراف في الإنفاق. ويمكن لكل إنسان مهما كان دخله استقطاع جزء صغير منه وحفظه عند البنك، ويمكن أيضاً تنمية هذه المدخرات البسيطة لتكون نواة استثمار كبير في حالة بقائها فترة كافية تحت تصرف البنك وحكمة العاملين فيه.

وبهذا ستكون البنوك عامل توفير، وفي الوقت نفسه خلق جبهة لمواجهة الطوارئ حيث يتعرض البعض لأحداث خارجة عن المخطط اليومي والشهري وتستوجب التزامات مالية، كحالات المرض أو الحوادث الطارئة، ويجب ألا يكون الملجأ هو الاقتراض، بل الصرف من المتوفر ومن صندوق الأزمات.

 

تعليق عبر الفيس بوك