القارئُ والنَّاشرُ على حقٍّ


ريتا الحكيم – سوريا

ليس هناك لغةٌ لا تمتهنُ الغوايةَ، ولا تحشرُ حروفَها بين أنفاسِنا لتتنصَّتُ على هسيسِ قُبلاتِنا
أنت نصُّ لا يُعوَّلُ عليه كمقدِّمةٍ لديوان حُبٍّ عقدنا العزمَ على نشرهِ على حبالِ الشَّغف؛ِ لتجفَّ قصائدُنا، وتتشمَّسَ جيِّدًا قبل أن يحلَّ شتاءُ الصَّمتِ الباردِ بيننا.

أنتَ تتجنَّبُ الخطوطَ الحمراءَ، وأنا ألوذُ بها..
أكتبُ جملةً ركيكةً تُشبهُ حياتيَ السابقةَ قبلكَ،
الأفعالُ فيها تغفو واقفةً،
وعلاماتُ التَّرقيمِ تنزلقُ على وسائديَ الخاليةِ منكَ،
لتجدَ مبرِّرًا للوقوفِ لحظةَ صمتٍ على جُثَّةِ الكلمةِ المفقودةِ
والحوارِ الزَّاهدِ بكلِّ المعاني التي ادَّعينا أنَّنا استبعدناها من مشادَّاتِنا على هوامشِ الكلامِ.

يكفي أن أخدشَ صدرَ الحزنِ،
ويكفي أن تملأ دِنانكَ بدمائهِ القانيةِ
ليتصدَّرَ الموتُ عناوينَ قصائدِنا
ويتربَّعُ مجازًا على الحراكِ الدَّائِرِ بين لغتينا
الإحساسُ في ذروتهِ لغةٌ محكيةٌ
الشَّوقُ في نَزَقهِ لغةٌ تخضعُ لتطبيقاتِ النَّحوِ والإملاءِ
اللمسُ فعلٌ ممنوعٌ مِنَ الصِّرف،
في مساحةِ هامشٍ صغيرٍ لا يتَّسِعُ لكلينا

أهمسُ في أذُنِ النَّصِّ أنِ اقتربْ أكثر كي أراكَ وأنتَ تخطفُ أضواءَ الكلمات،ِ وتتمدَّدُ على جسدِها مزهوًّا بانتصارِكَ.
الكلماتُ هشَّةٌ، لا تقاومُكَ حينَ تسطو على معانيها،
ولا حينَ تُرتِّبُها على مِزاجكَ.
تبقى اللغةُ على الحيادِ عندما نشتبكُ معًا في عِناقٍ حارٍّ،
لا يلحظُهُ القارئُ، ولا يعتبرُه النَّاشرُ سببًا وجيهًا ليعيدَ طباعةَ ذاك الدِّيوانَ ويوزِّعَهُ.

القارئ على حقٍّ..
والنَّاشرُ أيضًا..
أمَّا اللغةُ؛ فهي كبشُ المحرقةِ
علينا أن نقتنعَ بعدمِ إعادةِ التَّجربةِ،
قبلَ ألفِ قُبلةٍ وأضعافِ أضعافِها عِناق.

 

تعليق عبر الفيس بوك