وقفة مع وزارة السياحة

عبدالله العليان

 

يقترب الموسم السياحي بمحافظة ظفار على الانتهاء هذا العام، وهذا الموسم يعدُّ من أكثر المواسم السياحية من حيث عدد الزوار، من داخل عُمان وخارجها، وهذا ما ظهر من خلال المتابعات الإحصائية لعدد الزوار هذا الموسم، حتى إنَّ بعض رواد وسائل التواصل الاجتماعي تحدثوا عن مصاعب السكن لبعض السائحين، وهذا يعطي مؤشراً واضحاً على أن بلادنا أصبحت مكاناً يستقطب الزوار بسبب المناخ والطبيعة والأمان، وهذا بحد ذاته دافع متوقع للزيادة في الأعوام المقبلة وقد لا يكون.

لكن هذا أيضًا له مطالب واحتياجات لابد منها للجذب السياحي وصناعة السياحة التي أصبحت ضرورة بحكم اهتمام الدولة بهذا الجانب المهم، فلا تكفي الطبيعة الخلابة، والمناخ الرائع، ولا الأمان الذي تتمتع به بلادنا، والحديث عنها يذكره الآخرون وليس نحن، وهنا يأتي دور وزارة السياحة، مع الجهات الأخرى التي لها مجالها التي يتقارب أو يتداخل معها في الكثير من المجالات الدافعة للنهوض بها؛ فالكثير من الأماكن السياحية التي يزورها السائحون في المحافظة، يحتاج إلى اهتمام، وإلى وسائل تجعلها مكاناً يتسابق عليه الزوار للجلوس لفترات أطول بحكم جمال وطبيعة تلك الأماكن، وليس فقط الزيارة السريعة والعودة إلى مكان الإقامة، وقد سبق وطرحت هذه الملاحظات في مقال سابق، وقلت إن هذه المواقع كالعيون، ومواقع الشلالات... وغيرها من الأماكن التي يحرص الزوار والسياح على ارتيادها، أن يُقام فيها ما يجعلها مكانا للاستراحة الطويلة للاستمتاع، وفي كلِّ عام يتحدث الكثير من زوار السلطنة ومن خارجها، عن أهمية استغلال هذه الأماكن للجذب السياحي؛ من حيث وسائل الترفيه والاستراحات والمطاعم، ودورات المياه -وهذه الأخيرة أيضاً من الشكاوى الكثيرة، من حيث قلة عددها وعدم نظافتها- والسياحة معروف عنها أنها وسائل للجذب والترويج وغيرها من الوسائل الدافعة والمحركة لجعل الأنظار تتجه للاماكن الأكثر قبولاً للزيارة، فلا يكفي المناخ المعتدل ولا الطبيعية الخلابة -كما أشرنا آنفاً- بل لابد من إيجاد كلِّ ما يُسهم في الترويج واستقطاب السائحين، وكنا نأمل أنه في كل عام نشهد زيادة مرفقاً من المرافق التي تسهم في الترويج واستقطاب الزوار؛ فالمناخ هو الأكثر جذباً الذي يتصدَّر اهتمام زوار هذا الموسم السياحي، وبعض المناطق الأثرية التي لها زوَّارها المعروفين من حيث الاهتمام بالتراث، أو كما تسمى سياحة الآثار.

وقد أشرتُ في مقالٍ سابقٍ إلى أهمية إقامة مرتكزات لصناعة سياحة وفق تخطيط سليم يُسهم في الاقتصاد الوطني "وجعل بلادنا على الخريطة السياحية العالمية، في كل المواسم، وبعض الدول على الرغم من أنها لا تملك ما تتمتع به السلطنة من مقومات طبيعية، وتراثية، وأثرية... إلخ، إلا أن هناك إقبالا سياحيا كبيرا إلى هذه الدول، والسبب الأهم هو توافر الخدمات الأساسية للأماكن السياحية، والواقع أن السلطنة الآن تحتاج مشاريع كبيرة ومستدامة، وليست آنية ووقتية في مجال التنمية السياحية، بل تحتاج خططا تلبي احتياجات هذا القطاع وكل القطاعات الحيوية". وللحق، فإن وزارة السياحة وضعت منذ عدة أعوام الإستراتيجية العمانية السياحية 2040، وهذه لا شك على الطريق الصحيح، لكن من المهم، أن نبدأ بما تحتاجه المرافق السياحية من الآن، وهي قليلة التكاليف كما أشرنا لها، في محافظة ظفار، وفي مناطق أخرى في السلطنة؛ فالإسراع في سدِّ النواقص يعد ضرورة سياحية راهنة، والدول الآن تتحرك للجذب السياحي، حتى الدول الغنية، تتسارع وتتسابق لتفعيل السياحة في بلدانها؛ لأنها تخفف على الدولة عبء التوظيف، مع زيادة السكان، ثم إنَّ الأوضاع الاقتصادية غير مستقرة، جعلت أهمية استغلال الموارد المختلفة مهمة جداً للاستقرار الاجتماعي، وإلا سنواجه مستقبلا -لا سمح الله- مشكلات اجتماعية تتراكم في غياب الوظائف، وتخلق بيئة غير مستقرة؛ لذلك نرى ضرورة الاهتمام بمرافق السياحة، وتشجيع هذا الجانب، ومن هنا على وزارة السياحة أن تلامس كل الملاحظات والمقترحات التي تطرح، وأخذها بعين الاعتبار، ولا تكفي والله أننا سوف نضعها في الإستراتيجية السياحية 2040، فهذا لا يسهم في الجذب كل عام في معدلات الزوار، فعندما تتأخر وتتأجل المشاريع الجاذبة، فالآخرون قد يسبقونك في تنفيذ مشروعات، قد تفقدك الزخم الذي تتوقعه عندما تتباطأ في مشروعاتك المخططة.

ثم إن هذه المشروعات الراهنة التي نقترحها على وزارة السياحة، لا تكلف الدولة ماليًّا، فهذه تسند لشركات متخصصة، تقوم بإقامة هذه المرافق وفق اتفاقيات ومخططات يتفق عليها مع المستثمر؛ ثم يتم خصمها من مداخل هذه المرافق بعد سنوات محددة، فهذه المسألة نعتبرها حلًّا معقولًا، إن كانت الظروف المالية قد لا تُعطي الوزارة القدرة على تنفيذ هذه المشاريع في الوقت الراهن، وأعتقد أنَّ هذا الأمر ليس غائباً عن الوزارة، وهذا ما أكده معالي وزير السياحة من أن السلطنة "سوف تطرح المواقع السياحية للاستثمارات الأجنبية والتي من المتوقع أن تبلغ عدة مليارات من الدولارات؛ لأنَّ السلطنة سوف تعيّن عددا من المواقع التي ستفتح للمستثمر الأجنبي في مناطق متعددة من عمان، وتطوير صلالة بشكل كبير سوف تستفيد عمان من موقعها بمضيق هرمز سياحيا، مع تنظيم عدد من الرحلات السياحية التي ستكون موضعَ اهتمام وجذب سياحي، لاسيما وأن عدد البواخر السياحية التي تزور عمان يناهز 112 سفينة سنويا.

نتمنى أن تحظى هذه الملاحظات والمقترحات اهتمام الوزارة، والمجلس الأعلى للتخطيط.