مختصون وطلاب: المخيمات الصيفية تصقل شخصية الطالب وتعينه على تحمل المسؤولية

أكَّد عددٌ من المختصين والطلاب أنَّ المخيمات الصيفية بالنسبة للطالب تعد فرصة جيدة للتعرف على كثير من الأشياء؛ من بينها الأصدقاء، وتبادل المعلومات المعرفية، كما أنها تسهم بالقدر الكبير في تكوين خبرات عملية للطلاب في مجالات مختلفة، وتنمِّي مواهبهم. وأشاروا إلى أن هناك نوعين من الطلاب يختلفون في دوافعهم باتجاههم للمخيمات الصيفية، ومنهم من يلجأ إلى المخيمات بغرض التقوية في الدروس والمقررات الأكاديمية، وهذا يعتبر عملا جيدا بأن يستغل الطالب الفرصة، ويعمل على تغطية الجوانب العلمية التي يحتاج فيها إلى بعض التركيز، كما أن هناك نوعًا آخر من الطلاب يكون دافعهم الترفيه في لجوئهم للمخيمات، وأيضا يعتبر عملا جيدا؛ بحيث يتعرفون على أشياء جديدة، ويسعون لصقل مواهبهم وتنميتها من خلال هذه الفترة، ويعودون للدروس بروح عالية بعد أن أشبعوا رغباتهم الترفيهية ليكونوا أكثر حماسا لمواصلة الدراسة.

 

الرؤية - محمد قنات

 

وتقول فاطمة المقبالية معلمة تربية رياضية بمدرسة ليلى بنت حكيم بولاية عبري ومشرفة المخيم الصيفي الذي تقيمه المدرسة سنويًّا: لابد من زيادة اهتمام الأهالي بتسجيل أبنائهم في مثل هذه المخيمات؛ لأثرها الكبير في صقل شخصية الطالب وتعليمه المسؤولية والاستقلالية، وتضيف: إنَّ المخيم هذا العام استقطب أعداداً كبيرة من الطلاب مقارنة بالعام الماضي، وتشير إلى أن المخيم هذا العام شهد تنوعا كبيراً في الأنشطة والفعاليات المصاحبة له؛ حيث تم تجهيز المكان المخصص لإقامة الأنشطة بالعديد من الأجهزة كالحواسيب الآلية وأجهزة العرض والألواح الذكية التي تستخدم في الشرح، إلى جانب أدوات الرسم وبعض الأجهزة الحديثة التي تستخدم في الطبخ، لا سيما ما هو متعلق بخبز الكيك والحلويات الذي يجذب اهتمام الفتيات، متابعةً بأن المخيم هذا العام أشبه ما يكون بالبيئة الحاضنة الغنية بالمعرفة، والمظلة التي ينضوي تحتها كل ما من شأنه أن ينمي مواهب الطلاب.

وتضيف المقبالية: إنَّ المخيم شهد دعما واسعا من الكثير من الأهالي؛ حيث تم تغطية كل النفقات وكل الاحتياجات، وهو الأمر الذي أسهم في زيادة الانتاجية لدى الطلاب؛ حيث إن البعض منهم استطاع أن يعمل ضمن فريق لرسم الاشخاص مقابل مبلغ من المال، كما أنَّ الفتيات عملن ضمن فرق أيضا لبيع أصناف متنوعة من الحلويات؛ حيث استطاع المخيم أنْ يُلبِّي احتياجات كل مرحلة من المراحل العمرية المشاركة بفضل هذا الدعم.

فيما ترى ريان اليعربية طالبة علم اجتماع، أن المخيمات الصيفية هي إحدى أهم الوسائل التي يستطيع الطالب أن يستغل فيها وقت فراغه في فترة الإجازة، وهناك صِنفان من الطلاب: الأول له رغبة في فترة الصيف أن ينخرط في الجانب التعليمي والمعرفي، والبعض الاخر يحب الجانب الترويحي، والأمر الجيد هو الجمع بين الأمرين في أن يكون الصيف محطة تعليم ومعرفة، وبنفس الوقت محطة ترويح عن النفس بعد فترة الدراسة.

وتضيف اليعربية: من واقع تجربتي انضممت في مرحلة الثانوية لمخيم الكشافة، وكنت قبل الانضمام أعتقد أن هذه المخيمات مَضْيَعة للوقت، ولا تعود بالفائدة، ولكن اكتشفت أن المخيم الكشفي يُسهم في بناء شخصية مبادرة وقيادية وقادرة على التعامل مع الظروف، وكان لابد من الجمع بين الجانبين العلمي والترويحي، مساهمة في خلق جيل قادر على مواجهة الحياة وصعوباتها. وتضيف: من الجيد أن تتحول هذه المخيمات إلى ورش أو مصانع صغيرة تصقل فيها المهارات العلمية والعملية للطلاب؛ من أجل المساهمة في توفير أيادٍ عاملة وغرس فكرة العمل الحر وقيام المشاريع الصغيرة وفكرة الاكتفاء بالذات، وأن تكون هناك مراكز تدير ورش المهن الحرفية، وأن يتكفل المركز بهذه المنتجات التي يقوم الطالب بصناعتها وإنتاجها ليتم تسويقها.

وذهب عمران الهنائي طالب بمدرسة وادي العين بولاية عبري، إلى أنَّ المخيمات الصيفية تشكل نقطة تحول مهمة في حياة طالب العلم، لا سيما أنه يكون متفرغا قرابة أربعة أشهر بعد انتهائه من فترة الدراسة، لتأتي المخيمات وتكمل الدور الذي قامت به المدرسة في تلك الفترة من غرس للأخلاق وتهذيب للسلوك والسماح للطلاب بممارسة هواياتهم؛ حيث يصف عمران هذه المخيمات بالمتنفس والميدان الواسع الذي ينطلق منه الطلاب نحو حب العلم، والتطلع لمزيد من الطموحات، واكتساب الثقة بالنفس لتحقيق الأهداف المرسومة.

ويضيف عمران: أهم عامل تضيفه المخيمات هو مساعدة الطلاب على بناء العلاقات الإنسانية مع بعضهم البعض؛ حيث تنمو بينهم الإلفة والمحبة التي بدروها تدعم حب العمل الجماعي الذي بدوره يُسهم في تكوين فرق مبدعة في الإنشاد والرسم والتمثيل المسرحي، وهو الأمر الذي يُسهم في زيادة العطاء والإنتاج لدى الطلاب، ويلبي شغفهم نحو تحقيق المزيد؛ كون هذه الأنشطة من شأنها أن تعزز التنافس الشريف بينهم ليكملوا بعضهم البعض، كما يتطلع عمران إلى تضمين هذه المخيمات المزيد من الأنشطة.

وأشارت سامية المقبالية طالبة في الكلية التطبيقية بالرستاق، إلى أنَّ المخيمات الصيفية باتت في الوقت الحالي تجذب اغلب الطلاب لملء وقت فراغهم بنشاطات يحبونها، كما أنها ساعدت بصورة كبيرة على تنمية مهارات الطلاب؛ من خلال صقل مواهب طلاب، ومساعدتهم على أرض الواقع، حيث يتم تعليم الطلاب كيفية استغلال مواهبهم أو حتى أفكارهم بطريقة واقعية.

من جانبه، قال يونس بن علي العنقودي مدير عام مكتب خطوات المستقبل لخدمات التدريب: إنَّ البرامج الصيفية التي تنفذها العديد من الجهات الحكومية والخاصة تهدف للارتقاء بمهارات الطلاب وتحسين قدراتهم المتنوعة؛ سواء في المواد الدراسية أو المهارات. وتابع: إن مركز خطوات المستقبل لخدمات التدريب يقوم بالتركيز على الجانب المهاري بما يساعد الطالب على الانخراط في المجتمع، وإبراز مواهبه والتميز في مختلف الجوانب كالقيادة وإدارة الوقت والتخطيط الذاتي، وهو ما يُؤدي إلى استفادة الطلاب من وقت الإجازة الصيفية في التنمية الذاتية. أما عن تحول هذه البرامج إلى مراكز إنتاجية، فهذا يرجع إلى ولي الأمر والمؤسسات المشرفة على القطاع الإنتاجي؛ حيث يمكن الاستفادة من طاقات الطلاب في اكتساب المهارات الإنتاجية من خلال تدريبهم على بعض الأعمال التي يمكنهم ممارستها، وإكسابهم بعض المهارات بما لا يتعارض مع حقوق الطفل.

تعليق عبر الفيس بوك