تصعيد لن يحقق الاستقرار

مع إعلان الولايات المتحدة إعادة تطبيق العقوبات الاقتصادية على إيران بعد رفعها عقب إبرام اتفاق نووي بضمانة عالمية، فإنّ الاستقرار المنشود في الشرق الأوسط ربما سيكون بعيد المنال، كنتيجة لهذه الخطوة التصعيدية من جانب واشنطن.

إيران أكدت مرارا وتكرارا التزامها ببنود الاتفاق النووي الذي وقعته مع القوى العالمية (5+1) والذي كان أيضا محصلة مباحثات مباشرة وغير مباشرة استمرت على مدى سنوات، لكن في المقابل ومع قدوم الرئيس دونالد ترامب لسدة الحكم في أمريكا، بدأت تداعيات التحول في الموقف الأمريكي بسبب ترامب، عندما انسحب قبل أشهر من الاتفاق، زاعما أنّ إدارة سلفه باراك أوباما أبرمت "اتفاقا سيئا" سمح لإيران بمواصلة تنفيذ تجارب نووية وصاروخية، فيما يمثل انتهاكا للاتفاق، وهو ما تنفيه طهران جملة وتفصيلا.

المناوشات والحرب الكلامية أخذت أيضًا بُعدا مؤثرا في المواقف بين الولايات المتحدة وإيران؛ حيث صعّد ترامب ومن ورائه الإدارة الأمريكية من لغة الحديث عن إيران وقادتها، وفي المقابل لم تقف طهران مكتوفة الأيدي أمام تهديدات ووعيد أمريكي في مختلف الاتجاهات، فردت هي الأخرى بتهديدات، إذا ما وجدت طرقها للتنفيذ فإنّ ثمة ضرر بالغ سيلحق بالمنطقة واقتصاداتها.

خطوة ترامب الضاغطة على طهران، تأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد الايراني تحديات غير مسبوقة، وضغوط شعبية بسبب الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد وتخشى تفاقمها بعد سريان العقوبات. فالعملة الإيرانية في موقف صعب أمام الدولار، وتطبيق العقوبات سيزيد من الفجوة الهائلة في سعر الصرف، وهو ما سينعكس على طبيعة الأوضاع الداخلية، من ارتفاع في الاسعار يتسبب في زيادة التضخم، وبالتالي مزيد من الضرر بالاقتصاد الإيراني. ورغم أنّ طهران تؤكد أنّها ستتعامل مع هذه التحديات كما تعاملت على مدى سنوات طويلة من قبل، غير أنّ الواقع يبرهن أنه أشد وطأة مما قد يتصوره البعض، أو يهون من شأنه آخرون.

خيرا فعلت القيادة الإيرانية بأن صرّحت أنّها لن تتخلى عن المسار الدبلوماسي لحل هذه الأزمة، وهي خطوة إيجابية تطمئن المنطقة والعالم، بأن لا حلول غير دبلوماسية تلوح في الأفق، ولذا يتعين على الطرف الأمريكي أن يلتقط هذا التأكيد ليبدأ مباحثات ترمي إلى إنهاء التوتر في هذا الملف البالغ الأهمية.

ويبقى القول؛ إنّ أي توافق بين إيران والولايات المتحدة، سيصب في نهاية المطاف في صالح المنطقة واستقرارها، ويبقي الزيت بعيدًا عن نيران الحروب.

تعليق عبر الفيس بوك