مكتوفو الأيدي وهم قادرون

أنيس بن رضا سلطان

يتساءل الكثيرون حول كيفية مساعدة الأفراد ذوي الإعاقة -خصوصاً الأطفال- فألمهم ومعاناتهم تبدد خواطر السعادة، ومن السهل على أي إنسان صحيح الجسم والعقل تفهم هذا الألم وهذه المعاناة. غير أنّ الشخص ذا الإعاقة -لا سيما الطفل- لا يحتاج إلى التعاطف والترحم، بل يحتاج إلى احترام حالته ومساعدته في الانخراط في المجتمع كأي فرد آخر. لا شيء يضاهي فرحة الطفل عند اللعب مع أطفال آخرين، وكل ما يتمناه هو نصيبه من الحب بقدر ما ينهل منه الآخرون.

وفرص العطاء إلى الجمعيات الخيرية التي تُعنى بالفئات ذات الإعاقة كثيرة، ولا يجب أن يخجل المرء من أي مساهمة وإن صغرت..  وقد يتساءل البعض عن جدوى الحصالات المنتشرة في متاجر البلاد، وما تحصده سوى الفئات الصغرى من المال. ومن ناحية أخرى، كم من شركة كبيرة تتردد في المساهمة ببضع آلاف من الريالات خوفاً من ألا تتواكب هذه المبالغ المتواضعة مع مكانتها في المجتمع، فتفضل المساهمة فيما هو أكثر إثارة وأقوى وقعاً في الإعلام. فلكل هؤلاء أقول: إن ما نحتاجه في مجتمعنا اليوم هو الأكثر من الاهتمام والعطاء لذوي الإعاقة. ففي جمعية خيرية أعمل معها، العائد السنوي من مبالغ الحصالات قد يتعدى الآلاف من الريالات، ولكنه بالكاد يغطي نسبة مؤثرة من مصاريف الجمعية. هناك شركات تقدم الطعام لأشهُر، وغيرها تقدم المكيفات أو المواد القرطاسية، ناهيك عن مؤسسات ترعى تدريب الطاقم الذي يهتم بأصحاب الإعاقة؛ فالجمعيات الخيرية خيرية للمُصاب، أما من يعمل بها فموظف مُتخصِّص يريد حقوقه حتى يقدم الرعاية الخاصة وهي مهنة مضنية.

وصادفت أيضاً أفراداً يتبرعون بوقتهم، فمنهم الإخصائي الذي يعالج الأطفال ذوي الإعاقة في يوم يترك عمله فيه ويخصصه للعمل التطوعي. وهناك أطفال المدارس الذين يقومون بزيارات ميدانية لدور الرعاية الخاصة ويقدمون على تجميل المكان تارة بتلوين وتزيين الأسوار، وتارة أخرى بزراعة الشجيرات والأزهار، وحتى المساعدة في شؤون إدارية مثل الأرشفة لا تثنيهم. فمن الندرة أن نجد قلبا أقوى من قلب المتبرع، هذه هي الروح التي من شأنها أن ترفع بمعنويات أصحاب الإعاقة، فلا عائدا تبتغي ولا ثناء ترجو.

العمل التطوعي والاهتمام بأصحاب الإعاقة منهج وليس شعارا أو احتفالا؛ فعلى المدارس مثلاً ألا تكتفي بممرات خاصة للأطفال ذوي الإعاقة، بل أن تبني روح الاحترام والمساعدة بين تلاميذها، وذلك عن طريق إشراك الكل في الأنشطة وفي الأماكن العامة. سيشعر الأطفال بألم ذوي الإعاقة فقط عندما يرون فشلهم في تسلق المنحدرات المستحيلة التي يبنيها البعض لكراسيهم المتحركة، وسيتعلمون احترام إعاقتهم فقط عند استماع من ثَقُـل لسانه أو تأخر تجاوبه؛ فالأخير قد لا يكون أقل عقلاً أو فطنة، اللهم سوى إعاقة لحقت به منذ ولادته لا ذنب لو بها ولا مهرب سريع منها.

باب العطاء مفتوح وعنوانه متاح للجميع، وأحسن عطاء بعد الاحترام هو تمكين دور الرعاية الخاصة في جمعيات خيرية مسجلة من القيام بدورها.. أي مبلغ وإن صَغُر يستطيع أن يتجمع مع مثيله ليرسم ابتسامة على شفاه طفل أو طفلة تمشي لأول مرة بعد سنين من مراقبة تسابق الأطفال أو آخر ينطق ويُسهم في صخبهم بعد سنوات من الصمت والانعزال.

الكاتب عضو مجلس إدارة جمعية التدخل المبكر للأطفال المعاقين، بدأت جمعية التدخل المبكر نشاطها في العام 2000، وتُعنى بذوي الإعاقة من أطفال حديثي الولادة إلى سن السادسة من العمر، وأحياناً إلى السنة التاسعة. وفي حالات حديثي الولادة، تقوم الجمعية بابتعاث كادرها المدرّب إلى منازل الأسر لتعليم الأهالي وتدريبهم على رعاية أطفالهم ضمن برامج يعرف بـ"برامج بورتاج". ويحضر الأطفال ذوو الإعاقة الآخرون والمسجلون في الجمعية إلى حضانة للرعاية الخاصة؛ حيث تحتويهم الجمعية وتشرف على تأهيلهم للاعتماد على النفس؛ بهدف إدماجهم في المدارس العادية وفي المجتمع.  ويعمل في الجمعية كادر من إخصائيين ومعلمين في مجال الرعاية الخاصة للقيام بالتدخل والتأهيل الشامل لهؤلاء الأطفال. توظِّف جمعية التدخل المبكر العديد من العمانيين وتدربهم على الرعاية الخاصة للأطفال.

جمعية التدخل المبكر للأطفال المعاقين هيئة مسجلة لدى وزارة التنمية الاجتماعية، وتحصل على الجزء الأكبر من دخلها من جود وكرم المجتمع بأفراده ومؤسساته. وتخضع الجمعية لرقابة مؤسسات الدولة الدورية، كما تخضع وتلتزم بقوانين السلطنة والتشريعات المتعلقة في مجال عملها، وتقوم شركة تدقيق حسابات دولية بمراجعة حسابات الجمعية سنوياً وعرضها على الأعضاء وعلى الجهات الرقابية. وفي ديسمبر 2016، أوكلت وزارة التنمية الاجتماعية إدارة مركز الأمان لشديدي الإعاقة للجمعية.. للأسئلة والتواصل مع الجمعية بالإمكان الاتصال مع الأستاذة صباح البهلاني الرئيسة التنفيذية للجمعية.

تعليق عبر الفيس بوك