علي بن كفيتان بيت سعيد
يُوافق اليوم الذكرى الـ48 لتولي جلالة السلطان قابوس بن سعيد المُعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في البلاد، إنه اليوم الذي فتحت فيه أبواب الخير وأغلقت فيه مكامن الشر فالسلطان حفظه الله طوى صفحة الظلم والحقد والكراهية إلى الأبد وفتح صفحات ملؤها الأمل بمستقبل مشرق وزاهر لعُمان وشعبها واليوم ونحن على أعتاب نصف قرن من حكم جلالته العادل وجب علينا أن نحمد الله أولاً وأن نتقدم بخالص الشكر وعظيم الامتنان لجلالة السلطان حفظه الله وأمد في عمره ومتعه بموفور الصحة والسعادة.
سيدي جلالة السلطان .... نرفع لجلالتكم من أرض اللبان برقية ولاء وعرفان بهذه المُناسبة الجليلة يوم الثالث والعشرين من يوليو المجيد من أرض الجنوب التي شكلت علامة فارقة في تاريخ عُمان الحديث عبر عدة محطات هامة أبرزها الثورة على الظلم، واحتضان مولدكم الكريم، وانبلاج فجر النهضة المُباركة. فمن هنا بدأت الخطوات الأولى للتغيير على يد جلالتكم أبقاكم الله ومن هنا سيظل الراعي يحدو بصوته العذب عبر سهول وأرياف وفيافي ظفار الخالدة بأن يحفظ الله جلالتكم ويمنحكم العمر المديد، فنحن كما عهدتنا جلالتكم أهل دين مُعتدل فأينما حلت الصلاة كبَّرنا لرب العالمين فقد تعودت جباهنا على التراب الذي خلقنا منه وسنعود إليه ولذلك ستظل الثوابت قائمة على الإيمان الخالص لله، والوفاء لتراب الوطن، والولاء والعرفان لجلالتكم حفظكم الله.
سيدي جلالة السلطان .... لا زالت النخيل تتمايل في الجنوب والسواقي تجر مياهها إلى حقول الخير والنماء، والخريف لم يخلف موعده معنا فلا زالت الجبال تخضر في موعدها فتعود معها البلابل لتشدوا بألحانها الشجية على هضابها الفسيحة ووديانها الغناء، والصيادون يستبشرون بموسم خير وهم قاعدون على الساحل ففي موسم الفتوح سيذهب الكبير والصغير إلى ضواغي طاقة حيث تجود البحار بخيراتها، ولا زال مسجد عقيل يرفع تراتيل المساء وسط الحارة القديمة (لا إله إلا الله ... نستغفر الله ... نسألك الجنة ونعوذ بك من النار) ولا زال شيوخ ظفار وعقلاؤها ينتظرون الصلاة على عتبات مساجدهم، ويلتقون على طاولات أعراس أبنائهم يتسابقون للواجب الذي لم ينقطع بينهم، ويتواصون بينهم بالحفاظ على الثوابت الوطنية، وعلى أعراف ظفار الخالدة ... جميعهم يا مولاي يلهجون بالدعاء أن يحفظكم الله وأن يسدد على طريق الخير خطاكم.
سيدي جلالة السلطان ... بهذه المناسبة العظيمة تشمخ جباهنا إلى السماء عندما نرى رداء العافية يضمنا جميعًا في عُمان، ونعلم يقيناً أن الأمن والاطمئنان هما أعظم نعمة نعيشها اليوم فالفضل يعود إلى الله أولاً ثم إلى سياسة جلالتكم الحكيمة التي جنبتنا ويلات الحروب، وشرور النزاعات، وكوليس المؤامرات، ونعاهدكم ونعاهد الله أن نعض على هذه النعم بالنواجذ وبأننا في ظفار سنكون الحصن الحصين والدرع الأمين لبلادنا. ستذكرنا التضحيات الجسام عندما نزور مقبرة الشهداء في أم الغوارف صباح اليوم، وستلهمنا الدماء الطاهرة التي سالت من أجل الوطن روحا جديدة مفعمة بالفخر والاعتزاز بما تحقق في عهد جلالتكم الميمون، ستمنحنا معسكرات قوات الفرق الباسلة التي ترفرف أعلامها على جبال وسهول وصحاري ظفار الثقة بأن هناك من كان لديه القوة والمنعة على الذود عن تراب الوطن في أحلك الظروف، وسنقف لهؤلاء الأبطال إجلالاً على ما قدموه من تضحيات، وسيكتب الزمن أن الأجيال الجديدة استلمت الأمانة من المؤسسين الأوائل وهم اليوم مرابطون على ثغور آبائهم واهبين أنفسهم لعُمان وترابها وشعبها العزيز.
سيدي جلالة السلطان ... بهذه المناسبة الجليلة ستُخبرنا الطرق والممرات عن مسيرتكم السنوية وأنتم تمتطون جوادكم الأصيل بين حقول مدينة صلالة الجميلة، وحولكم أبناء شعبكم الوفي فتقف لهذا، وتسمع من هذا بينما الناس تتهادى خلف موكبكم مرددة (بالروح بالدم نفديك يا قابوس) كانت هذه المسيرة لقاءً سنوياً ينتظره الكثيرون هنا في ظفار ولا زالت مرسومة في مخيلة كل من شارك فيها مع جلالتكم.
سيدي جلالة السلطان .... سنظل ننتظر تشريفكم السامي إلى ظفار وأنتم في أتم الصحة والعافية بإذن الله فكم اشتاقت الأرض لمقدمكم الكريم وكم منينا النفس بعودتكم سالمين معافين إلى أرض الأصالة موطن الأوفياء المخلصين لجلالتكم، فالكل هنا يتضرع للمولى جلَّت قدرته أن يكلأكم بعنايته وأن يحرسكم بعينه التي لا تنام. وكل عام وجلالتكم بخير وعُمان في سؤدد.
*الضواغي: مفردها ضاغية وهي عبارة عن تظاهرة سنوية لجمع سمك السردين على سواحل محافظة ظفار.