سوسن صالحة أحمد – سوريا
عن الحزن أتحدث
وأنا
لاأعرف عنه شيئاً
إلا أنه
هكذا يكون
دون شرح مسترسل للمعنى المطوي فيه
غير أنه ـ يظهر
يُقالُ فيما يقال ..
إنه في صدر البلَّورِ نما
فصار شوكة تُظهِرُ ماللورد من عطر منسي
بيد العطار
نقشأً فرعونياً بخاصرة الرب
أسطورة إله نسي أن يفرح
يُرْسِلُ لحظهُ إلى المدى ـ بحثاً عن حاضرٍ لايغيبُ فيهِ
مَحَتْهُ يد التصور ـ حتى دونه الحب ـ تبعثر
وفيما يقال
إنه أنين المسلمات في سجن القناعة بتهمة الثبات..
وسرقة السجان لدمغة الدليل على البراءة
وفيما يقال ..
إنه عين المدينة
في انكسار خيالها بنسج البيوت ـ على عتبة الحرب
ترتد إلى بياضها دون لون
إلا مايفرضه الموت
لاأعرف عنه شيئاً ـ
عدا أنه
لوبةُ الرحم بعد الولادة
شقاء المولود في طريق العودة
ويقال فيما يقال ..
أنك إن تُسْلِم له نفسك ـ يُفْلِتُكَ فراشة مَهْدِيَّةَ لنورها ونارها
موتاً قبل موت
موتاً بعد موت
بَرزخاً من سندسٍ لاينقضي
لايدركه يباسٌ ـ في حلم الضوء البعيد
ويقال ..
إنه يُمسِكُ بكَ خيشاً ـ يطلقك شالَ حريرٍ على كتف الوجود
لاأعرف عنه شيئاً
غير أنه وجع الحناء تخرج من الأظافر
وماارتضت أنثى من كحل عينها الأبيض ـ بتوسد كبدها التراب
ويقال ..
إنه نزهة الأسماء لاتجد المعنى
والأبدان في حنينها إلى الأديم
ولعنة الطين إذا تيبس
وصار روحاً يحكمها الرماد
ويقال ..
إنه بطانة الحب.
تخاطف الأنفاس في ضياع الجهات
خاطر الذكرى المكسور في بهتِ اللونِ
ونسيان الزمان للزمان
يد الصدى تمتد لاسترجاع الصوت دون آه
خطوة الغريب الأولى
الكلمة لاتهتدي للتكوين
القيامة في احتضار البعث
ومعرفة الأشياء من الأشياء
كلوحةٍ على باب بابل ـ ونقشٍ في معبد الكرنك
سرى في أوصالها ـ مشاع التأويل
وقيل فيما يقال ..
إنه الماء ـ يُهدي فقه العطشِ لِمُكتَفٍ بخيال الغمام الأسود
واقرأ ـ تُرَدُّ لأحياء القبور
حقل القصبِ يندهُ النايات ـ وماسواه ذاك الذي لاأعرف عنهُ شيئاً يجيب
لاأعرف عنه شيئاً ـ
سوى أنه حمامة في الصدر
تضيق به ويضيق بها
تهدلُ على وقع خطى العابرين ـ لما تمر خيالاتهم صوراً للحنين
ويقال ..
إنه اعتراض الطريق على المسافة
شلل الدرب تحت قدم الشوق
ومحو الشمس لسفر الندى
لاأعرف عنه شيئاً ـ
سوى أنه أكبر المدن
وحدهُ بِكُلكَ يحتويك
لايسألك
الأخ الأكبر للحياة
ولايسألك
حين يغسلك بمائه
وينشد في سكون
إن لَمْ تُبْتَلى بحب الكون بعد قطري
تلملم عنهُ أوجاعهُ
لستَ ابن الحياة
لاأعرف عنه شيئاٍ
غيرَ أنه كالربِّ
ماإن تؤمن يهِ ـــــ
بهِ تكفر .
